- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من "فيل" كربلاء الى "نسر" الحسينية .. تحولات الرأي العام
بقلم: مصطفى هيل الانباري
كشفت وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الامور التي كانت غائبة الجمهور تارة او عززت بعضا منها تارة اخرى، ومن بين ما كشفته؛غياب مستوى من الوعي عند البعض، ومن جملة ما عززته انها اظهرت ان عند البعض الاخر وعي ينطلق من الانصاف وتحكيم العقل قبل الانجرار وراء المنشورات التي يكتبها اصحابها تندرا او استهجانا او تسقيطا.
ما لفت الانتباه خلال المدة القليلة المنصرة وعزز حضوره على مشهد التواصل الاجتماعي ان كفتي الميزان اللتين كانتا تتارجحان بين غلبة المنشورات المهوّنة والمضعّفة لكل حراك اجتماعي، وبين الداعمة له، ان هاتان الكفتان اخذتا حالات متباينة، ولكن كثيرا ما كانت الكفة ترجح الى المنشورات المضعّفة والموّهنة لكل جهد او رأي، بل ان البعض منها تمادى الى حد المساس بالعقائد والرموز المرتبطة بها.
وعلى الرغم من ان الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي غير راضين وان كان عدم الرضا على مستوى الرأي غير المعلن، الا ان هؤلاء يشكلون نسبة كبيرة من الرأي العام مهدورة التاثير، لان تاثيرهم يقع في المنطقة الرمادية من التصريح ووفق التقسم الاتي: (مصرح - داعم ، غير مصرح - داعم، رافض غير مصرح ، رافض - مصرح) فان نسبة غير قليلة من الرأي العام تقع في خانة (رافض - غير مصرح)، وعلى الرغم من رفضهم في ذواتهم الى هذا النمط من المنشورات والاراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فانهم لا يترجمون رفضهم على شكل تصدٍ مباشر او غير مباشر، فهناك اسباب –كما يرونها- تدفعهم الى عدم الرد او عدم اتخاذ موقف (رافض - مصرح) لمثل هكذا منشورات، من اهمها تجنب المستوى الاخلاقي لاصحاب هذه المنشورات عبر الردود، وترفّعه عن استعمال نفس الاسلوب في الخطاب، زيادة على اعتماده على قلة تتبنى الرد فيدخل في مجال جديد (رافض - داعم).
ما اثاره رد الفعل للرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي من تصدٍ مسؤول للمنشورات المهونة والمستهزئة والمفبركة لما قام به بعض الشباب الطموح والحريص في مركز محافظة كربلاء وقضاء الحسينية سواء من تحويل الاشجار الى اشكال حيوانات، او تصميم وعمل نماذج لطيور معينة، وغيرها مما لم يسلط التواصل الاجتماعي الضوء عليها، لم يكن سابقا بهذا السعة من الحركة المناصرة والمساندة للخروج من حالة التوهين والتضّعيف والتشكيك بكل جهد اجتماعي نافع، بل ان هذا الحراك المجتمعي الساند والمؤيد للجهود الخيرة، اوقف الحملة التي يشنها البعض (عن دراية او عن غواية) وحوّل بوصلة الغلبة لاصحاب المنشورات المثبطة الى وجهة صحية تحتاج ان نقف عندها ونعزز حضورها على مواقع التواصل الاجتماعي، فكلنا يعلم ان ترك مثل هذا الوسط المؤثر تحت حروف مثل هكذا منشورات؛ له عواقبه التي تؤدي في كثير من الاحيان الى زعزعة الثقة بالذات المبدعة والطموحة، والحديث هنا عن الذات الوطنية التي تتجلى في اعمال يراها البعض بسيطة ولكن خلفها دافع ورغبة كبيرين يستعران تحت جهد كل مواطن يطمح بان يجد الملاذ والبيئة الملائمة ليترجم طاقة حبه لوطنه وبلده في عمل او حرفة او مهارة هو يتقنها.
ان دخول الرأي العام المناصر لكل فعل خيّر وعمل يخدم المجتمع، يعدّ في حد ذاته اكسير الحياة والديمومة لمثل هكذا نشاطات فردية او اجتماعية، نحن بامس الحاجة الى ان نزيح عنها تراب الهوان والتقهقر والاعتكاف خلف الحزن الذي خيم على انفس العراقيين نتيجة لما آلت اليه احوالهم، ان الحقيقة المجتمعية تقتضي بان كل مجتمع يمرّ في مراحل صيروراته بنكسات، وتوازي هذه الحقيقة حقيقة اخرى، تتمثل بان من اخرجهم من هذه النكسات هم انفسهم، وليست قوة او جهة خارجية –الا ما ندر- بعد ان فعّلوا الوعي المطلوب للتصدي لكل ما من شأنه ان يهدم ابسط جهد فردي، وهذا مقتضى المسؤولية الاجتماعية التي نحتاجها ايما حاجة للخروج مما نحن فيه، وعلى الرغم من استحكام الشدائد على المجتمع العراقي الا ان الفرج والحل قد يكون في لمحة بصر، هكذا هو يقننا بالله الذي به نؤمن وبه نستعين على كل شدة وملمّة.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!