بقلم: هادي جلو مرعي
فعل حسنا مسؤولو الأمن في بلاد من بلدان الدنيا حين علقوا لافتات على واجهات، ومداخل، وأبواب أقسام الشرطة عبارة (الشرطة والشعب في خدمة الوطن) بعد أن كانت مراكز الشرطة في بلاد عدة تتزين بعبارة كاذبة (الشرطة في خدمة الشعب) وأتذكر إنني في مطلع الثمانينيات، وحين كنت أخرج من المدرسة الإعدادية، وأمر على الرصيف المقابل لمركز الشرطة، فآلتفت الى الوجهة المقابلة خوفا من أن يراني رجل شرطة، ودون أن أعرف السبب، وفي يوم وكنت للتو خرجت من إمتحان الرياضيات فرحا أني أجبت بصورة جيدة في إمتحان صعب، فتحطمت فرحتي على باب مركز الشرطة حين أوقفني رجل شرطة وأدخلني مرغما الى داخل محجر، وأنا أرتعش خوفا، ووضعني مع آخرين في إحدى الغرف، وعرفت لاحقا إن الذين يقفون معي في الصف مجموعة مجرمين وقتلة وسراق حين أدخل شاب من الفلاحين، وكان وجهه مليئ بالندوب والجروح، وهو في حال سيئة للغاية، وطلب إليه ضابط أن ينظر في وجوهنا، ويحدد من هم أفراد العصابة الذين إعتدوا عليه، وسرقوا أغنامه، وكنت موقنا أنه سيشير إلي، لكنه أشار الى الآخرين، ثم خرجت بعد أن أذن لي الضابط، فركضت الى موقف السيارات وكأني خرجت من السجن، وكنت محروما من والدتي وأصدقائي.
عديد البلدان شهدت ثورات عارمة كان من أسبابها سوء تصرف قوى الأمن، ووحشية رجال الجيش والشرطة مع المواطنين، وعمليات التعذيب التي يتعرض لها السجناء والمعتقلون، وكنت شاهدت عددا من الشبان في محافظة جنوب عاصمة دولة عربية، وهم يهينون ضابطا كبيرا يتولى إدارة قيادة الشرطة، ويمهلونه ساعات لينجز لهم مطلبا وإلا فهو وبقية الضباط لامكان لهم في المدينة، حيث تشهد تلك المدينة العربية، ومدن أخرى إضطرابات، وأعمال عنف منذ شهور عدة، وفي ذات الوقت فإن ضباطا وعناصر شرطة يهينون صحفيين، ويتصرفون بفوقية مع مواطنين، حتى إنك حين تمر بنقطة تفتيش يخيل إليك إنك ستوقف جانبا، وتواجه المتاعب، وتجد بعض الضباط الشبان كأنهم منحوا صكوكا سماوية بالإستعلاء، والتصرف بعنجهية، ومتل هذا السلوك يتكرر، وقد واجهته شخصيا منذ ثمانينيات القرن الماضي، وطالما سمعت روايات من أصدقاء كثر عن ذلك السلوك.
رجل الأمن، وعنصر الشرطة موظف في الخدمة العامة، يتقاضى راتبا، ويمنح سلطات خاصة لحماية الناس، وخدمة المجتمع، وليس له صلاحيات الطغيان والتكبر، كما إنه يجب ان يفهم إن الناس الذين يمرون بنقاط التفتيش، ومراكز الشرطة، والسيطرات هم نخب المجتمع من أطباء ومهندسين وصحفيين وأساتذة جامعات ومعلمين ومثقفين وأصحاب مصالح، وليسوا شبانا يقفون على باب مديرية شرطة، ويهددون ضباطا كبارا، ويتوعدونهم. والسؤال. لماذا يضعف رجال الشرطة والأمن في مواجهة فئات إجتماعية تتعامل معهم بطريقة مخالفة للقانون، بينما (يطينون) عيشة النخب التي تحترمهم؟
للتوضيح فأنا لاأتحدث عن العراق لاسمح الله، بل عن بلاد متخيلة لاأكثر.
أقرأ ايضاً
- الصيد الجائر للأسماك
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر