محمد حسن الساعدي
المتلقي وبصورة لا إرادية عندما يشاهد زيارة السيد رئيس وزراء جمهورية العراق إلى إقليم كردستان , والذي لحد هذه اللحظة وحسب الخرائط والبروتوكولات الدولية يعد جزء من الدولة العراقية الأم ولكن طريقة التعاطي والاستقبال وطريقة وضع الإعلام توحي للمشاهد انك في بلداً آخر غير بلدك , وتتعامل مع أناس ليسو عراقيون ربما يحملون الجنسية العراقية , ومع كل هذه الأساليب في التعامل مع الدولة ومؤسساتها الرسمية يصر الأخوة الأكراد أن يعاملوا الدولة بالتعالي والتغاضي عن فسادهم والذي اخذ يزكم الأنوف .
السيد رئيس الوزراء وصل إلى إقليم كردستان على رأس وفد رفيع ضم عدد من وزراء حكومته ( الخارجية , الدفاع , النفط , الاتصالات , الهجرة والمهجرين ) إلى جانب حضور رئيس أركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة , وكالعادة فأن الإقليم استقبل رئيس العراق استقبالاً رسمياً نداً لند , وعندما تنظر إلى الطريقة التي تم فيها الاستقبال لرئيس وزراء العراق ووفده يقابل رئيس دولة مستقلة , وهذا الأمر ليس بالجديد فإقليم كردستان ومنذ عام 2003 وسقوط الطاغية وهو يتعامل ( الرأس بالرأس ) مع حكومة بغداد , الأمر الذي يوحي للمتابع أن الإقليم مصمم في خطواته المستقبلية ولن يتنازل عن مخططه الانفصالي .
الزيارة لم تأتي بالشيء الجديد , كونها تأتي في سياق تنفيذ مافي ذمة الدولة للإقليم دون معالجة القضايا العالقة والتي من أهمها المنافذ الحدودية والتي تعتبر المورد الثاني للدولة بعد النفط , بل وحسب الأخبار الواردة فأن هذه الزيارة جاءت لتسديد استحقاقات قيمة مزارعي الإقليم والبالغة 557 مليار دينار عن إثمان الحنطة والتي جرى تهريبها من سوريا وتركيا والتي دخلت الى سايلوات الإقليم في الأعوام 2014 ـ 2015 ـ 2016 وهو أمر يبدو غريباً فالمحافظات العراقية والتي أغنت سايلوات الحكومة بالحنطة ولحد الآن لم تستلم حقوقها من المحاصيل , فلماذا التعامل بازدواجية مع الملفات الاقتصادية ولماذا هذا التعامل مع إقليم لم يلتزم يوماً بواجباته تجاه الحكومة الاتحادية والتي منذ سقوط النظام المباد وتشكيل أول حكومة والأكراد أعضاء مشاركون فيها بدأً من السيد رئيس الجمهورية والذي لا نعلم هل هو كردي أم عراقي , أم هل هو رئيس جمهورية العراق أم بغداد فقط ؟!
نعم ربما نتفق أن للأكراد خصوصية , ويجب أو ينبغي احترامها , كونهم تعرضوا للظلم والقمع في حكم الطاغية , ولكن في نفس الوقت أبشع ما تعرض له هم الشيعة في جنوب العراق وكيف سحقت محافظاتهم وقتلوا بقبور جماعية ودفنوا أحياء , وهذا يبقى شاهد على ظلم حكام السوء والظلم فلماذا هذا التعامل مع جزء من أبناء العراق في حين يتم التغاضي عن الجزء الأخر , فالمظلومية شلت الجنوب كذلك وينبغي أن يكون هنالك إحقاق لهذه الحقوق , إضافة إلى ميزانية ( دولة كردستان ) هي أصلاً من نفط البصرة , في حين أن دولة كردستان لم ولن تقدم فلساً إلى حزينة الدولة العراقية , و طيلة 17 عاماً لم نسمع أن طاغية كردستان سلم الدولة من النفط أو المعابر الحدودية دولاراً واحداً , لذلك المسؤولية لا تقع على حكومة دولة كردستان بل تقع على الدولة العراقية بأن تنصف شعبها عبر توزيع خيراته مناصفة مع الجميع , وليس فئة دون أخرى , وليعيش الجميع وفق ما يراه مناسباً له , كما نتمنى على نواب الشيعة الأشاوس ( الوطنيين كلش ) أن يفعلوا إقليم الجنوب والذهاب الى بناء هذا الإقليم بما يحقق الإنصاف مع الجميع دون استثناء .