- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
"هيروشيما" .. اعادة بالعرض البطيء
بقلم: عادل الموسوي
السادس من آب اغسطس 1945، الثامنة وستة عشر دقيقة صباحاً، في فصل من فصول قابيل وهابيل السلطة العالمية والشعوب المبادة -اختفى فجأة بومضة ذرية ثمانون الف انسان.
تعلم قابيل الفصل الاول دفن اخاه الانسان.. اما قابيل الامس القريب -الحرب العالمية الثانية- فلم يبق من انسان "هيروشيما" الا ظله الذري.
اليوم.. الآن.. وإرجع لتبدأ من اي تاريخ من "هيروشيما" العراق.. لتحصي كم ثمانين الفا قضى؟!
من عام ثمانين -مثلا-
ربما ثمانية ثمانينات تقريباً..
ثمانية "هيروشيمات" القيت على العراق وومضت بالعرض البطيء.. استمرت لنصف حقب من الزمن.
الظلال الذرية -لمن قضى- صارت شواخص في وادي النجف.. وظلال من بقي حيا اشباح عليلة تجثم عليها سعالي وغيلان مختلفة..
يرثيها سعد محمد الشاعر: " شمسوين ؟!"
لفت نظري -قبل مدة- في بعض اللقاءات التي تجرى مع المواطنين.. لباقة الكلام وقوة المنطق وجودة المرافعة.. مع الحسرة، حرقة القلب، الجزع، الانفعال الحائر العاجز -مع بلاغة المنطق- عن التعبير عن المأساة.
واعجبني وصف لحال شعب الله المحتار من احد المواطنين الموصليين بعد كارثة العبارة، اذ ضج قائلا: "بعد ما نريد اعياد، لا عيد ام، لا عيد چبير، لا عيد ازغير.. كل شي ما نريد، نريد بس هذا البشر يعيش..
نصير جيش نموت.. نصير مدنيين نموت.. نصير مرور نموت.. انصلي نموت.. نكفر نموت.. شنسوي بعد ؟! وين نروح ؟! نطلع للخارج ننذل.. نرجع للعراق ننذل بعد اكثر.. وين نروح ؟!
كافي مللتونا.. والقرآن مللتونا.. وين نروح ؟! كلتنا مطلوبين.. كلتنا مفقودين.. كلتنا مقتولين.. وين نروح ؟! "
اين نذهب؟!
اين المفر؟!
والتيه يجدد لنا اربعين عاما اخرى.
ففي التيه الاول كانت خياراتنا بين:
الاعدام او القتل في الحرب على ابناء الوطن من الكرد.
والإعدام او القتل في الحرب على ابناء المذهب من الفرس.
ثم الاعدام او القتل في الحرب على ابناء العروبة من الكويتيين.
وبين ذلك قتل بتهمة التدين بذريعة الانتماء الى الحزب العميل.
وسحق للشعبانيين بذريعة الغوغاء و"هيروشيما" صغيرة للمؤنفلين بلا ذريعة.
وفي التيه الثاني:
حصدت حرب الاحتلال ما حصدت وطحنت رحى الارهاب ما طحنت.
وجميع ما فرض من مقدرات لا خيارات امام الحيارى فيها الا القتل.
حتى تغيرت عناصر المعادلة حين اشرفت "داعش" على تخوم بغداد، فذهبنا للقتل (للشهادة) مختارين.
فلم يشف صدور من فرض معادلة "القتل غير الاختياري" الا ان نختار ان يقتل بعضنا بعضا.
كم من الغربان نحتاج لتعلمنا كيف يدفن احدنا الآخر..
-امس الجمعة- تسويل القتل لم يكن بحاجة الى سورة غضب عارمة، فدم القاتل بارد جدا، ودم المقتول رخيص جدا، بعد ان حددت الدية بدراهم معدودة: ادفعوا لامر ذوي فلان.. فقط عشرة ملايين دينار، وامنحوه لقب "شهيد" من اية درجة فالدرجات "الشاغرة" كثيرة.
اما ماء الوجه فثمنه دوانق معدودة 175 الف دينار.
فتات موائد القياصرة والاكاسرة ثمن الهدوء والسكينة، باق في ذمة الحكومة لحين المطالبة والميسرة.
اطلقنا ذقوننا فطالت حزنا فكانت فرصة السياسيين لإطالة الضحك عليها.
نسجوا قانوناً للانتخابات يضمن دوران السلطة بأيديهم.
علموا ان لا خيار لنا الا المشاركة حفاظا على التجربة "الديمقراطية" مع تلميحات وتلويحات بعودة البعث او إستئثار شركاء الوطن بالسلطة.
لم تبق لنا خيارات الا بمشاركتهم الضحك فإخترنا افضل السيئين والفاسدين.
في كل شيء حيرة..
المشاركة في الانتخابات حيرة..
الاحجام عنها حيرة..
في التظاهرات حيرة.. وفي الاحجام حيرة..
المتظاهرون لايرفعون المطالب المفترضة التي وجهت بها المرجعية الدينية.
والمؤمنون بتلك المطالب لا يتظاهرون.
فكيف السبيل ؟؟
في "هيروشيما" العراق لا اريد رثاء الموتى.. اريد ان انعى بالحدي من بقي.. متأثرا بالاشعاع.
"اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة.."
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً