- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الرد على الكيان الصهيوني .. "رد الفعل من جنس الفعل"!
بقلم: عادل الجبوري
اعلان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، بأن التحقيقات اكدت تورط الكيان الصهيوني بقصف مواقع الحشد الشعبي في العراق، اوصد باب الجدل والسجال، رغم ان مجمل المؤشرات الاولية التي برزت قبل اسابيع، اكدت ان تل ابيب نفذت عمليات القصف على اكثر من موقع ومكان، وبمساعدة استخباراتية ولوجيستية من بعض الاطراف، اهمها الولايات المتحدة الاميركية.
ربما كانت المعطيات المتوفرة لدى عبد المهدي منذ وقت مبكر كافية لمعرفة وتشخيص هوية الجهة المتورطة، بيد انه اراد ان ياخذ الامر مسارا مؤسساتيا تساهم فيه المفاصل الامنية والاستخباراتية والسياسية المعنية، وهذا تقدير صحيح، لانه يمكن ان يفضي الى بلورة رؤية واضحة ومنسجمة للخطوات المطلوبة لاحقا.
ولاشك انه لم يعد خافيا على اي متابع، طبيعة وحقيقة الاجندات الصهيونية في العراق والمنطقة، والادوات والوسائل والاساليب المستخدمة في ذلك، والاطراف الداعمة والمساندة والمشجعة.
ولم يكن قصف مقرات ومواقع الحشد الشعبي الحلقة الاولى في مسلسل الاستهداف والتامر، ولن يكون الحلقة الاخيرة، فهناك حلقات اخرى كثيرة، بعضها ذي طابع عسكري-استخباري، وبعضها ذي طابع اعلامي، وبعضها ذي طابع ثقافي-اجتماعي.
ولعل جانب كبير من المشاكل والازمات والمظاهر السلبية التي يحفل بها المشهد العراقي العام منذ عقد ونصف من الزمن، تمثل انعكاسا لاجندات ومخططات وتدخلات خارجية تحاك وتوجه من عواصم دولية واقليمية، من بينها واشنطن وتل ابيب والرياض وابو ظبي.
ولان منطق الحال، يقضي بأن يكون رد الفعل من جنس الفعل، فأن لجوء الكيان الصهيوني الى القوة العسكرية المسلحة لضرب واضعاف نقاط ومواضع وكامن القوة العراقية، سواء الحشد الشعبي، او الجيش، فأنه من الطبيعي جدا ان يفكر العراق بالرد على الكيان الصهيوني بذات الادوات، بعد ان يستنفد الادوات الاخرى، او يعمل عليها وفق سياق مدروس وممنهج.
وبعد عمليات القصف الجوي الصهيوني، راح البعض يطالب برفع شكوى ضد اسرائيل بمجلس الامن الدولي، بالاستناد الى ميثاق الامم المتحدة، وهذه المطاليب وان بدت طبيعية في الاطار العام، الا انها في سياق محدد مرتبط بالكيان الصهيوني، تنطوي على محاذير واشكاليات تتعلق بالمباديء والثوابت اكثر من تعلقها بالواقعيات السياسية، اذ ان رفع شكوى في المحافل الدولية ضد ذلك الكيان يعني بصورة او بأخرى اعترافا به، وهذا ما يتناقض تماما مع حقيقة اعتباره كيانا غاصبا ووجودا لاشرعيا.
وعلى ضوء ذلك، فأن البحث عن خيارات وبدائل اخرى امر ضروري ولامناص منه.
واستنادا الى قاعدة "رد الفعل من جنس الفعل"، فأن الرد الافضل والانجع على الكيان الصهيوني، هو بأستهداف امنه ومصالحه عسكريا، وبما ان الحشد الشعبي يعد اليوم مؤسسة عسكرية-امنية رسمية، وبما انه يمتلك القدرة على الرد، وبما انه كان المستهدف بالدرجة الاساس من قبل الكيان الصهيوني، فالاولى ان يضطلع هو بنفسه بمهمة الرد، وفق التوقيت والسياق الذي تحدده القيادة العامة صاحبة القرار.
ومثلما قال قيادي في الحشد الشعبي، انه ينبغي الاحتفاظ بـخيار القوة الذي يُشعر اسرائيل ان بيتها اوهن من بيت العنكبوت.
ولعل التجارب والوقائع تؤكد وتثبت ان الكيان الصهيوني لايعبأ ولايهتم ولايتأثر كثيرا بالمواقف السياسية والدبلوماسية، مادام يمتلك زمام الامور على الارض، ويستطيع فرض ارادته وتمرير اجنداته.
ففي مقابل المسارات السياسية والدبلوماسية العقيمة على مدار عقود من الزمن لاستعادة الحق الفلسطيني والعربي المغتصب، نجح حزب الله اللبناني في الحاق الهزيمة العسكرية بالكيان الصهيوني وطرده من اراض ما كان له ان يتركها عبر خيارات المفاوضات، وبالتالي اثبت للعالم ان ذلك الكيان لايتعدى كونه "نمر من ورق"، وان من يخشونه ويهابونه، انما هم قبل وفوق كل شيء منهزمين داخليا.
ونفس الشيء يصدق على فصائل وقوى المقاومة الفلسطينية، التي اختارت مسار العمل العسكري المسلح ضد الكيان الصهيوني، في مقابل من ركنت الى طاولات التفاوض، لتكتشف فيما بعد انها اختارت الطريق الخطأ.
وعراقيا، لن تشغل الكيان الصهيوني ولن تقلقه ولاتفزعه بيانات الادانة والاستنكار والتظلم على عدوانه، وانما الرد المماثل الحازم والقوي هو من يكشف حقيقته ويوقفه عند حده، ولا شيء سوى ذلك.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً