- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مقترح المرجعية العليا في 7 آب 2015.. ثورة بيضاء لتجاوز محنة العراق الراهنة !
بقلم: نجاح بيعي
ملاحظة: قبل مُطالعتك للنص الرجاء وضع نصب عينيك الجملة التالية (ولكن لم يتم الأخذ بهذا المقترح في حينه, والأخذ به في هذا الوقت ربما يكون مُدخلا ً مناسبا ً لتجاوز المحنة الراهنة)!.
كشفت المرجعية الدينية العليا ولأول مرة عبر منبر جمعة كربلاء في 10 تشرين الاول 2019، عن مقترح لها كان (في عزّ الحراك الشعبي المُطالب بالإصلاح) عام 2015, وكانت قد تقدمت به وأرسلته عبر قنواتها الخاصة, للحكومة ولجميع القوى القابضة على السلطة, ليكون حلا ً ناجعا ً لإنتشال البلد من أزمته آنذاك وهو (يواجه مشاكل اقتصادية ومالية معقدة ونقصان كبير في الخدمات العامة).
وقد أعربت المرجعية العليا عن خيبة أملها ب الحكومة (آنذاك) وبمن هم في مركز القرار فيها, وكان نصّ عبارتها: (ولكن لم يتم الأخذ بهذا المقترح في حينه)! وبما القوى السياسية القابضة على السلطة في العراق لم ولن تغيّر من منهجها (المنحرف) في التعامل مع أزمات ومشاكل البلد, ولم تكلف نفسها يوما ً بأن تخطوا خطوة واحدة حقيقية جادة وجريئة, في سبيل الإصلاح الشامل في مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين ونبذ المحاصصة المقيتة وهلمجرا, يُضاف الى ذلك (سوء التخطيط وعدم اعتماد استراتيجية صحيحة لحل المشاكل بل إتباع حلول آنية ترقيعية يتم اعتمادها هنا أو هناك عند تفاقم الأزمات) فإن الوضع العام يسير نحو الأسوء والأخطر لا مُحالة.
ـ تُرى لماذا رفضت القوى السياسية والقابضين على السلطة والحكومة ببغداد مقترح المرجعية العليا في 7 آب 2015م؟.
قبل أن تُجيبنا المرجعية العليا ذاتها عن ذلك, وتُبيّن الأسباب الكامنة وراء (الرفض), علينا أن نُعرّج على مقترح المرجعية العليا ونتعرف على تفاصيله الموجزة , والكفيلة بأن ينتشل البلد من (محنته الراهنة) التي عادت عليه أقوى وأوسع من السابق, مما اضطرت المرجعية العليا لأن تُعيد الكرة بالطلب, وتُشير الى ذات (المقترح) القديم الذي لم يُؤخذ به عام(2015م) دون غيره, للأخذ به الآن لحل الأزمة الحالية.
ـ حيث اقترحت المرجعية العليا تشكيل لجنة (أكاديمية مُحايدة) مستقلة, تكون من خارج (قوى السلطة) وتضم أسماء معروفة في الإختصاصات ذات العلاقة ويحظون بـ(المصداقية والكفاءة العالية والنزاهة التامة). وتكلف هذه اللجنة بالمهام التالية:
1ـ تحديد الخطوات المطلوب إتخاذها في سبيل مكافحة الفساد وتحقيق الإصلاح المنشود, على أن يُسمح لأعضائها بالإطلاع على مجريات الأوضاع بصورة دقيقة.
2ـ أن يجتمعوا مع الفعاليات المُؤثرة في البلد وفي مقدمتهم (مُمثلوا) المتظاهرين في مختلف المحافظات للإستماع الى مطالبهم ووجهات نظرهم.
3ـ في حال إكمال اللجنة أعمالها بعد تحديد الخطوات المطلوبة تشريعية كانت أو تنفيذية أو قضائية, يتم العمل على تفعيلها من خلال مجاريه القانونية, ولو بالإستعانة بالدعم المرجعي والشعبي.
ـ وهنا أرجو من القارئ الكريم إستعادة الجملة التي وضعها نصب عينيه في بداية النص وهي (ولكن لم يتم الأخذ بهذا المقترح في حينه, والأخذ به في هذا الوقت ربما يكون مُدخلا ً مناسبا ً لتجاوز المحنة الراهنة).
لأن المرجعية العليا هنا تلفت نظرنا (ونظر الجميع) الى نقطة غاية في الأهمية والخطورة, وهي أن الحراك الجماهيري الغاضب اليوم وردة فعل السلطات القاسية تجاهها أسمتها بـ(المحنة) والخروج من هذه (المحنة) لا تتم, إلا بالأخذ بـ(مقترح 7 آب 2015م) المتقدم, وإلا هذه (المحنة) سوف تتفاقم الى ما هو أسوء من الذي يجري اليوم أضعافا ً مُضاعفة.
ـ هذا مقترح المرجعية العليا في 7 آب 2015م يُشكل خطوة عملاقة وبادرة (ثورة) بيضاء حقيقية على الفساد والفاسدين في طول الدولة العراقية وعرضها على نحو الحقيقة. وبإمكان هذا المقترح أن يُعرّي زيف السياسيين ومسؤولي الحكومات المركزية والمحلية ويكشف عن عوراتهم القميئة فيما لو تمّ تطبيقه على أرض الواقع. فهو بالإضافة الى ميزات المصداقية والكفاءة والنزاهة المطلوبة في أعضاء اللجنة الأكاديمية المُحايدة, أنها تتمتع بخصائص فريدة لم تألفها الطبقة السياسية ولا حتى الحكومة ـ منها:
ـ أنها من خارج (قوى السلطة). أي مُستقلة من خارج (فلك) السلطة و(مدار) الحكومة.
ـ أن يُسمح لها بالإطلاع على مجريات الأوضاع بصورة دقيقة. وهي صفة رقابية شاملة بارعة.
ـ إجتماعها مع (مُمثلي) التظاهرات في مختلف المحافظات, والإستماع الى مطالبهم ووجهات نظرهم, واجتماعها كذلك مع الفعاليات المُؤثرة في البلد. بمعنى ـ أن تكون اللجنة حلقة الوصل بين الشعب والسلطات الثلاث.
ـ تحديدها الخطوات المطلوبة ـ تشريعية كانت أو تنفيذية أو قضائية ـ والعمل على تفعيل ذلك من خلال الإطار الدستور والسياق القانوني. بمعنى أن لها الصلاحية لأن تعطي المهام كل حسب اختصاصه وطبيعة عمله للسلطات الثلاث.
ـ السماح لها بالإستعانة بالدعم المرجعي والشعبي. في حال عرقلة جهودها وتم وضع العصي بعجلات عملها جراء ردود أفعال الطبقة السياسية السلبية تجاهها.
وهذا يعني عمليا ً سحب البساط من تحت الطبقة السياسية وتعريتها تماما ً, ولنا أن نتكهن في حال وصل عمل اللجنة الى طريق مسدود ماذا سيكون عليه الحال في العراق آنذاك مع وجود الدعم المرجعي والشعبي لها؟. إن لم تكن ثورة شعبية عارمة وكاسحة ضد الطبقة السياسية الفاسدة.
ـ أما لماذا تمّ رفض المقترح الإصلاحي الذي تقدم به قائد الإصلاح ورائده في الأمّة سماحة المرجع الأعلى السيد (السيستاني) دام ظله الوارف, فهذا يعود إلى ما تمّ بيانه عبر منبر جمعة كربلاء الخطبة (الأولى) في (4آيار 2018م) بأن الفئات أو الطبقات (الثلاثة) المُعارضة للعملية الإصلاحية هي كالتالي:
ـ الفئة الأولى: وهي الطبقة المتنفّذة والمتسلطة في المجتمع. ويعود ذلك إمّا بسبب موقعها السياسيّ أو المالي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الإعلامي حتى تسلّطت على مختلف شؤون الحياة للناس، وهذه الطبقة هي الأكثر تمرّدا ً ورفضا ً للحركة الإصلاحيّة بسبب استكبارها وخشيتها من فوات مصالحها السياسيّة أو مصالحها الدنيويّة وأنفتها واستعلائها وهي الأكثر خطرا ً على الحركة الإصلاحيّة والأكثر ضررا ً بالحركة الإصلاحيّة.
ـ الفئة الثانية: وهي الطبقة الجاهلة أو (غير الواعية) التي ليس لديها الوعي الكافي أو النضج الكافي بالحركة الإصلاحيّة, وهؤلاء الذين ينساقون ويسيرون وينعقون خلف كلّ ناعق، خصوصا ً مع وجود الوسائل الإعلاميّة القادرة على التضليل والتجهيل، هؤلاء بسبب قلّة وعيهم وعدم نضجهم وعدم دراستهم لحقائق الأمور يسيرون خلف كلّ جهة، خصوصا ً تلك الجهات التي تملك التأثير الإعلاميّ الواسع وتنهج نهج التضليل والتجهيل، ويقفون ضدّ الحركة الإصلاحيّة.
ـ الفئة الثالثة: وهي الطبقة التي تتحكّم بها الأهواء والشهوات والأمزجة الشخصية، وتسير أحيانا ً خلف نزعاتها القوميّة أو العشائرية، أو تكون أسيرةً لفكرها في الماضي ولا تقبل أيّ نقاش في هذا الإرث الفكري الماضي لها.
وهذه الطبقات (الثلاثة) يكون موقفها سلبيّا ً تجاه الحركة الإصلاحيّة، كونهم جميعا ً واقعون في العمى القلبي والنفسي الذي يجعلهم يرفضون دعوة الإصلاح، ويكون موقفهم سلبيّا ً تجاه حركة الإصلاح ويمنعهم بالتالي هذا العمى القلبيّ من رؤية الحقّ واتّباعه.
ـ إني وعلى المستوى الشخصي وبعد الذي تقدم بيانه (أشك) بل كلي (شك) بأن تذعن الحكومة والطبقة السياسية في العراق وتأخذ بمقترح المرجعية العليا في (7 آب 2015م) الذي يهدف الى إنقاذ البلد حيث من (محنته الراهنة) لأنه فعلا ًيهز عروشهم وبروجهم العاجية, ويضع حدّا ً لفسادهم ولنهبهم للمال العام ولإمتيازاتهم ومكتسباتهم على كافة الأصعد.
كيف لا.. والمرجعية العليا كانت قد أملت بـ(مَن هُم في مواقع المسؤولية وبيدهم القرار) أن يغلب عندهم (العقل والمنطق) لعلمها المسبق بهم جميعا ً بأنهم لا (عقل) ولا (منطق) ولا (وعيّ) لديهم تجاه مصلحة العراق العليا.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟