- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الكنايات والاستعارات الإعلامية
بقلم: حسن كاظم الفتا ل
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) ـ هود /88
لعل الحديث عن الإعلام يتطلب استغراقَ وقتٍ طويلٍ وإسهاباً في الكلام للوصول إلى الغاية المرجوة التي هي تعريف الإعلام بمحتوياته ومضامينه.
لذا فإني سأشير إشارة سريعة خاطفة إلى حقيقة مفهوم وكينونة الإعلام بعيداً عن التكلف بدرج المصطلحات التعريفية أو القوالب الكلامية من العبارات المتداولة وكذلك خارج الأنماط التي يتناولها بعضنا لتستخدم كبرهان لإظهار القدرات والإعلان عن إثبات المهارات أحيانا وربما تسبب بعض التعقيدات. بل سأختزل الوقت واوجز غاية الإيجاز وبشكل مبسط غاية التبسيط.
الإعلام:
يمكن أن نعرفه بأنه عبارة عن قناة إتصال وتواصل تستخدم بين الجماهير وبين الجهة المستخدمة للقنوات أو الأداة أو بين المخبر والمتلقي. وتقوم أجهزة الإعلام بتزويد الناس بمعلومات مهمة لعل المجتمع بحاجة لمعرفتها أو الإطلاع عليها وكذلك لنشر الأخبار والتثقيف وربما التسويق والترويج لرسالة أو توجه معين أو لمعلومة يتوجب إيصالها للناس. إذن هو وسيلة ترابط جماهيري
ولعله لا يوجد أحد يعمل في أي مؤسسة إعلامية ملامسة للواقع العملي والإجتماعي والحرفي والمهني وهو لا يدرك ماذا يعني الإعلام وأي رسالة يحمل وكيفية قراءة الرسالة.
يعتمد الإعلام على وسائل معينة في نشره كالتلفاز والمذياع والجريدة والمجلة وغيرها من وسائل.
وهذه الوسائل لعلها معروفة لدى الجميع
لسنا بحاجة لأن نستغرق وقتاً في التعريف والتوضيح والشروحات عن وظائف الإعلام.
إن ممارسة العمل الإعلامي وتعاطيه لا تعتمد على ضرورة اشتراطها بحيازة شهادة أكاديمية ولا تستند على حصول هذه الشهادة كثيراً. إنما هو عمل فني يلتقي مع الكثير من الفنون الأخرى. والتعاطي معه أقرب للموهبة وملكة الإلهام منه إلى العمل الأكاديمي أو التعليم والدراسة. موهبة وملكة يتوفر عليها الفرد وترتبط بالحس الذاتي كما هي الثقافة. وكذلك لا يرتبط ارتباطا مباشرا بمرحلة أو فئة عمرية بقدر ما يرتبط بالقدرة على تكوين المنجز الإبداعي.
فكم من هم في مقتبل العمر قد أبدعوا غاية الإبداع في إبراز المنجز الإعلامي الإبداعي.وثمة طاقات شبابية كثيرة أثبتت حضورها في ميدان الإعلام.إنما لابد من مصاحبتها من قبل ذوي الخبرة لرعايتهم وصقل مواهبهم وطاقاتهم بالتوجيه والإرشاد ورسم خريطة طريق عملية سليمة.
وكذلك الفئات العمرية الكبيرة في السن ليس لتقدم العمر علاقة بنقص الخبرات أو القدرات بل كلما تقدم المرء بالعمر ازدادا اكتسابا وخبرة ونضوجا وربما حباً وإندفاعا وحرصا على العمل , وكم من إعلامي داهمته المنية وهو مازال متمسكا بقلمه وقرطاسه وبكامل قواه العلمية والعملية والثقافية ومازال يسطر أجمل العبارات والدروس والعبر مما يستفيد منه الآخرون
ويتعين على الإعلامي أن يكون فطنا نبها كيسا ممتلكاً لمواهب ومهارات معينة تيسر له مواصلة العمل وجذب شرائح مختلفة من المجتمع وتسهيل التعامل معها. وأن يكون الإعلامي حاضر البديهية أي سريع التلقائية أو سريع الفهم والإدراك جاهزا للتلقي والرد وتعريف الآخرين على ما يرغب تعريفِهم وإيصال رسالتِه بأيسر واسلم الطرق والوسائل.
وأن يحسن كيفيةَ الإنتقاء وان يواصل عمله الإعلامي بجد وإخلاص وتفان وإتقان وبحرفية ومهنية تامتين ويتوفر على مهارة فك الرموز وحل الألغاز وقراءة الاستراتيجيات قراءة وافية وفاحصة والتقاط المائز الذي يميز به بين ما هو صائب وما هو لا يليق بالعمل الإعلامي.
وكذلك بين عمومية وشمولية صفة الإعلام وصيغه وبين السياسة المتبعة وما يتطلب منه من مسايرة سياسة وتوجه المؤسسة الإعلامية التي يمارس فيها عمله الإعلامي مضافا لما يستطيع إن يقدمه من إبداع.
ولعل ثمة ملكات يتحلى بها الإعلامي لا يمكن أن يتوفر عليها غيره.
ومثلما تم التطور في مجمل مفاصل الحياة البشرية فقد نال الإعلام هو الآخر حصة من التطور في آلياته ووظائفه وتقنياته ومحتوياته مهنيا وحرفيا وتكنولوجيا وعمليا.
ومثلما تخترق السلبيات أي مفصل من مفاصل الحياة أو أي مزاولة فالإعلام هو الآخر تعتريه أحيانا بعض السلبيات سواءٌ بالممارسة والتطبيق أو بصيغ الطرح.
وبما أن الإعلام وظيفته نقلُ الحقيقة بصدق ودقة دون تزييف ورسمُ الصور الواضحة للحقائق والتجسيدُ الحي لبعض الوقائع والأحداث.إنما قد جرت بعض المحاولات من بعض الجهات لتوظيف الإعلام في مجالات معينة لتجميل الكثير من الصور المشوهة وربما العكس أيضا لتشويه الصورة الجميلة.
والإعلام بمكنونيته ومضمونه وتوصيفه العام وشموليته وعموميته يمكن أن يحمل تسمية واحدة عامة. ولكن ربما يحق لنا أن نُدخل بعض التسميات أو التصنيفات.
ونضيف لها تخصصاً سواءً في الجزئيات أو الشكل العام. تماماً مثلما تطلق الكنايات والاستعارات على بعض المفاصل.
فنطلق تسمية إعلام ديني أو إسلامي أو إعلام حسيني أو حتى إعلام شيعي على سبيل المثال. مثلما نقول إعلام تكنولوجي أو آيدلوجي أو سياسي أو إقتصادي أو إجتماعي. وكل ذلك ينصهر في بودقة أصل الإعلام وعموميته.
ونحن في هذا المكان المقدس يتطلب منها إعلان الولاء المطلق للإمام الحسين صلوات الله عليه فكراً ومنهجا وعقيدة ولا يليق بنا إلا أن نلتصق التصاقا تاما بتسمية الإعلام الحسيني.) (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولًا) ـ الإسراء / 34 ()
يحق لنا أن نطلق هذه التسمية على صيغة العمل الذي نزاوله إعلاميا.
لنشر الفكر الحسيني وأهداف الرسالة الحسينية المحمدية وأن نسعى كثيرا في التعريج الدائم على تعريف أهداف ومضامين ومفاهيم ومعطيات النهضة الحسينية المقدسة وما أفرزت من نتائج إيجابية أصبحت مسار هداية ينتهجها الإنسان ليضمن ديمومة تمتعه بحريته الآدمية والتحلي بكرامته.وتلك مسالة نعدها أمانة في أعناقنا وضعتها شرعية تواجدنا في هذا المكان المقدس (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)) ـ المعارج
ولا بأس أن نعتمد معايير وضوابط تحدد مساراتنا ونحن نمارس عملنا.في الإعلام الحسيني. وهذا ما يحتم علينا أن نحسن رسم الصورة التي تشع بإبراقات تجعل الرائي لها يتمتع ويستأنس كثيرا بزهو إضاءاتها وعند ذاك تساعد على تقوية وشائج الترابط بيننا وبين المتلقي وتؤسس الكثير من جسور الثقة المتبادلة
وعندها يحق لنا أن نفخر بأننا أطلقنا كناية واستعارة لإعلامنا تنسجم وتتوافق تماما مع المفهوم الإعلامي المرجو توصيلُه ومع ممارستنا السليمة وإيصال الرسالة بأسلم الطرق ومن أقرب المنافذ. إنه الإعلام الحسيني.
أقرأ ايضاً
- التربية الإعلامية مدرسيّاً
- المركز العراقي للدراسات والتنمية الإعلامية.. وصناعة السياسة!
- وطنية الإعلام وتسلطية المُلّاك..( تناسلية التصنيفات الإعلامية ) الجزء 2