- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
السياسة النقدية الامريكية: صراع الصقور و الحمائم | الجزء الاول
بقلم: د. مظهر محمد صالح
ليس من خيار امام البنك الاحتياطي للولايات المتحدة الامريكية إلا مواجهة مخاوف المستقبل الاقتصادي لأميركا، اي الخوف من عقدة تخطي معدل التضخم السنوي حدوده المستهدفة البالغة 2 بالمئة في حين انخفضت البطالة الى ادنى مستوى لها منذ عشرين عاماً، ولم تتعدى نسبة 3 وسبعة بالعشرة من المئة.
فتوجه السياسة النقدية الامريكية الى رفع معدلات الفائدة حسب مبدا التدرج gradualism بات اليوم مرتكز تكوين عقيدة البنك الاحتياطي الفيدرالي او ما يسمى (بعقيدة باول الجديدة) نسبة الى جيرم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الحالي في الولايات المتحدة او البنك المركزي الامريكي.
اذ تتلخص عقيدة باول بالعمل على امتصاص ضغوط الطلب الفائض بغية استقرار الاسعار واحتواء مخاطر التضخم التي تحمل توقعاته بذور الركود في نهاية المطاف.
فرفع معدلات الفائدة الامريكية وعلى فق عقيدة باول التدريجية المشار إليها آنفاً و التي اعلنها رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيرم باول بنفسه في خطابه الشهير في 23 آب/اغسطس الماضي 2018 امام المؤتمر السنوي لمحافظي البنوك المركزية في منتدى جاكسون هول بولاية يومنج الامريكية، إذ اكد فيها ستراتيجية الصقورHawkish المتشددة التي تتطلب الرفع التدريجي المتعمد لمعدلات الفائدة الامريكية.
وهكذا لم تفاجأنا تأكيدات جيرم باول في الرابع من كانون الثاني/يناير 2019 بأنه عازم على السير بسياسته النقدية المتشددة حتى لو طلب الرئيس ترامب منه الاستقالة من منصبه!!
ذلك بعد ان إتهم الرئيس الامريكي جيرم باول شخصياً بانه قد الحق الضرر بالاقتصاد الامريكي عبر زيادة اسعار الفائدة لثلاث مرات خلال العام 2018 مولداُ موجة ابطاء للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة كما يقول ترامب في محاولة الاحتياطي الفيدرالي الى كبت التضخم.
فان ما يخشاه البنك المركزي في الولايات المتحدة هو سرعة دخول الاقتصاد الامريكي في مشكلات التضخم الحلزوني وملاحقة الاجور الاسمية للاسعار المرتفعة لينتهي الامر بالركود التضخمي stagflation على ما غرار ما حصل في عقد السبعينيات من القرن الماضي.
وهنا اصبح الرئيس ترامب بحكم من يقود معسكر آخر في توجهات السياسة النقدية يطلق عليه بمعسكر الحمائم Dovish التي يتطلع فيه ان تكون ثمة سياسة نقدية بديلة تكيفية Accommodative متساهلة و ملبية للنمو الاقتصادي اي تقوم على دفع مستويات النمو بشكل مستمر من خلال تبني معدلات فائدة منخفضة حقاً وعلى غرار ممارسة سياسة التيسير الكمي quantitative easing.