- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
انخفاض التضخم في العراق بديهي لارتفاع نسبة البطالة
بقلم: علي كريم المياحي
يتفاخر البنك المركزي العراقي في بيانه بالسيطرة على نسبة التضخم الذي وصل إلى 1% حسب قوله.. فهل يا ترى هذه النسبة أتت من جراء سياسات البنك المركزي النقدية الحكيمة أم أن الأمر حدث بشكل تلقائي لارتفاع نسبة البطالة وتقديمها قربان من أجل السيطرة على التضخم؟
وقبل الخوض في التفصيلات لا بد من توضيح مفهوم التضخم كما جاء في أدبيات الإقتصاد. حيث يعتبر التضخم من ألمؤشرات الاقتصادية المهمة والمقلقة بنفس الوقت والتعريف الأكثر تداولا له هو (أنه الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار) وهو ارتفاع مستمر طوال الوقت، فإن قلنا مستمر أو مستدام هذا يعني أنه ليس مجرد إرتفاع في الأسعار لمرة واحدة إنما يعني زيادة متواصلة في الأسعار كما يقول جورج باكلي، والتضخم عند عالم الاقتصاد فريدمان هو (مال أكثر من اللازم يتعقب قلة قليلة من السلع) بمعنى كمية كبيرة من النقود تلاحق كمية قليلة من السلع والخدمات، وهذه الزيادة في المال الذي يتبعها صعود في منحى الطلب على السلع قد تأتي من ارتفاع في مداخيل الأفراد والعائلات أو ينفق الفرد جزءا من أمواله المدخره أو المكتنزة حيث يتوقع أنه سيكسب مزيداً من النقود إضافة إلى الثقة والاطمئنان المتزايد للمستقبل. فهذا التمساح (التضخم) العنيف المتهور وقاطع الطريق كما يصفه رونالد ريجان الرئيس الأمريكي الأسبق هل تمت السيطرة عليه بحسن تدبير البنك المركزي العراقي أم أنه حدث بشكل اوتوماتيكي؟
الأنباء والأرقام والحقائق تقول إن وصول نسبة البطالة في الإقتصاد العراقي الى ارقام مخيفة عند 22.6% (أغلبهم خريجي جامعات ومعاهد) حسب وزارة التخطيط وعند 32% حسب اللجنة الاقتصادية النيابية وعند 40% حسب منظمات دولية والذي أدى كنتيجة حتمية الى إرتفاع مستوى الفقر حيث يعاني ثلث الشعب العراقي من الفقر حاليا ونتيجة لحربنا الطويلة مع داعش وآثارها المدمرة وانخفاض أسعار النفط والذي على إثرها توقف التوظيف في القطاع الحكومي بشكل شبه تام مع انعدام فرص العمل في القطاع الخاص وارتفاع عجز الموازنة والدين العام وفضلا عن ارتفاع تكاليف الاقتراض من البنوك (سعر الفائدة مثلا) وتنامي الغموض بشأن المستقبل ساهمت هذه العوامل مجتمعة إلى إنخفاض المعروض النقدي في السوق المحلية بشكل كبير مما انعكس إيجابا على نسبة التضخم فحدث الانخفاض في معدله السنوي! فمن أين يأتي المستهلك العراقي بالاموال لكي ينفق على شراء والسلع والخدمات ويحدث تضخم نتيجة تزايد الطلب مع وجود العوامل التي ذكرناها أنفا؟ ومن الجدير بالذكر حتى نسبة التضخم الواحد بالمئة التي أعلن عنها البنك المركزي أمس هي ناتجة عن ارتفاع التكاليف وليس زيادة في الطلب.
والدرس الاقتصادي ألاكثر أهمية هو أن العلاقة بين البطالة والتضخم هي علاقة عكسية فكلما انخفض التضخم ارتفعت نسبة البطالة والعكس صحيح بالعادة ولذا فالاقتصاد العراقي اليوم يقدم تضحية ضخمة (نسبة البطالة) لأجل خفض التضخم ولا يوجد شيء بالمجان ويفترض بالبنك المركزي العراقي أن لا يعتبر انخفاض التضخم منقبة وانجاز إقتصادي بقدر ماهو نتيجة مؤكدة وبديهية للركود المؤلم الذي يعانيه اقتصادنا الريعي الهش وكان من الأحرى بالمركزي أن يساهم ويساعد الاقتصاد في تقليل نسبة البطالة عبر إستخدام جزء من احتياطيه النقدي في تعزيز وتقوية مفهوم الشمول المالي ليشمل أكثر الفئات محرومية وحاجة عبر القروض المتناهية الصغر و الصغيرة والمتوسطة (قروض ميسرة وبفائدة منخفضة) لأجل تشغيل الشباب وانتشال العراقيين من الفقر ودفع عجلة الاقتصاد والتنمية الى الأمام وأن لا يبحث عن امجاد اقتصادية واهية كما حصل في بيانه وما حدث جراء طباعة العملة العراقية الجديدة.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي