- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
(حسين مني وانا من حسين ) في ضوء علم فقه اللغة العربية
بقلم:عباس الصباغ
في مقاربات علم فقه اللغة العربية الذي تأسس تحت هامش علم النحو العربي الذي يعد المصدر الام لكل العلوم التي تتعلق باللغة العربية وعلوم القرآن الكريم:
والتقديم والتأخير من ضمن تلك المقاربات فيتم تقديم الاكثر اهمية على الاهم والاهم على المهم والمهم على الاقل اهمية كمثل (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ {الكهف/46}) و(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ {آل عمران/14}) فالله سبحانه وتعالى هو اعلم بسايكلوجية عباده من ناحية ميل طبيعة النفس البشرية الى المهمات والاولويات ، والامثلة تتكرر بالمئات في القرآن الكريم ويطول بنا المقام في شرحها ولكن لنستقي ممّا تقدم أهم مقاربة في ضوء علم فقه اللغة العربية وهي مقاربة التقديم (الأهم على المهم) لنعرج على الحديث الشريف للنبي (ص) (حسين مني وانا من حسين) وهو حديث متواتر ومشهور يرويه العام والخاص ومن كلا الفريقين وبأسانيد معتبرة يدخل الائمة المعصومون (ع) ضمنها.
لم يلتفت أحد من الدارسين الى عليّة تقديم النبي (ص) وهو أفصح العرب قاطبة سبطَه الحسين (ع) ـ السبط هو إبن البنت ـ على نفسه المقدسة وذاته الشريفة وهذا التقديم يشي لنا بدلالتين ظاهريتين الأولى تقديم الأهم على المهم كما يقول أحدنا فلان ابني هو جزء مني للتبعيض والشمول ولتعطي لنا تفسيرا آخر لقوله تعالى في آية المباهلة (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ {آل عمران/61}) فتم تقديم الأهم (أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ) على البقية المهمين ايضا (وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ) و(وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ) ولكنهما ليسا بأهمية الأبناء كما درج العرب على ذلك في لسانهم فالأبناء أكثر أهمية كما تشي الآية الكريمة بذلك.
وتشير (من) التبعيضية الى دلالتين ايضا 1ـ أن الحسين (ع) هو جزء بايلوجي من النبي (ص) وامتداد مستمر له (ص) كوريث فقدّمه على ذاته المقدسة لأهميته القصوى (ع) 2ـ أن الحسين (ع) هو جزء عقائدي من جده المصطفى (ص) وامتداد عقائدي له فتم تقديم الحسين (ع) وتخصيصه بالتقديم بل وافراده بهذا التقديم والتخصيص له (ع) فلم يتواتر عن النبي (ص) أي حديث شريف او قدسي انّه قدّم أي شخص على ذاته الشريفة وخصّصها بهذا التقديم لأهميتها فهذه الخصيصة انفرد بها الحسين (ع) عند جده المصطفى قولا وفعلا وتروي المصادر والمراجع مايغني عن التعريف عن ذلك.
لم يخصّص الحديث الشريف أية مقاربة او عليّة في تقديم الحسين (ع) على النبي(ص) فجاء الحديث مطلقا وعاما ليفهم منه المتلقي وحسب نضجه العقلي مايتيسر من مدركاته، المغزى المقصود في عليّة هذا التقديم كما لم يشر (حسين مني وانا من حسين) الى أية خصيصة او جزيئة معينة تشي بالمراد من هذا التقديم ولم يتطرق هذا الحديث الشريف الى السبب من كون الحسين هو جزءا لايتجزأ من النبي (ص) ليُفهم من هذا الحديث الفهم الشمولي المطلق وكما يحدث للبعض حين يقول (فلان ابني) باطلاق النسبة عليّه دلالة على الاعتزاز المطلق. امّا تأخير ذات النبي (ص) (وانا من حسين) فهو تأخير ترتيبي فقط كون حرف الواو يعطف متساويين في الأهمية على رغم أن النبي (ص) هو الأرفع شانا، وعلة أخرى لتقديم الحسين (ع) على النبي (ص) كون الحسين ستكون له الصدارة المستقبلية بعد أن يلتحق النبي ص) بالرفيق الأعلى وسيكون الحسين (ع) أحد خلفائه واوصيائه بموجب النصو وفي هذا تنويه للأمة .
أقرأ ايضاً
- التأهيل اللاحق لمدمني المخدرات
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)