بقلم | عبد الرحمن اللويزي
في عام 2010 جمعتني الصدفة بشخصٍ كانت عليه سمات الذكاء وثقافة "السوگ" بمعنى الشطارة والفهلوة ,عرف الرجل نفسه،وأضاف على سبيل بيان خبراته،أنه كان مسؤلاً عن ادارة حملة انتخابية،لأحد السادة الوزراء في الانتخابات النيابية الاخيرة (2010) ,كان الوزير الذي أشار إليه،قد شكل حزباً يومها، وشارك به في الانتخابات،ورغم أن الرجل قد تمكن من تحقيق اربعة مقاعد في ثلاث محافظات، إلا أنه، على الصعيد الشخصي، لم يتمكن من الفوز، سألت صاحبي، عن خلاصة تجربته وبماذا خرج منها، فأجابني بلا تردد ’’راح أجيك من الأخير، لازم تشوفلك بعير ‘‘وشرع الرجل بالإجابة عن السؤال الكبير الذي رستمه على وجهي ملامح الاستغراب والدهشة من كلامه ,بعير بمعنى شخصية من الشخصيات السياسية المعروفة "الزعامات" ولازم أيكون هذا البعير من طائفتك ,يعني انت خياراتك محصورة بصالح المطلك لو جماعة الحزب الاسلامي وهسة هم النجيفي فول بهاي الانتخابات، والأفضل علاوي لان يشتغل على الصوبين.
شهدت الانتخابات الاخيرة، خصوصاً في محافظة نينوى، ظاهرة كثرة المرشحين، حتى بلغ عدد المرشحين (902) قد يكون الكثير منهم دفعه إغراء الاحزاب والفرصة في الحصول على المال، الى الترشيح ؛لكن هذا لا ينفي وجود من شارك رغبة منه في التغيير، ومنهم أساتذة جامعيين وإعلاميين وشخصيات اجتماعية محترمة ,لكنهم جميعاً اصطدموا بالحاجة الى "زعيم" يلجون الانتخابات من خلاله.
وهذه الحاجة دفعت الكثير منهم الى الوقوع في أول مطب سياسي،وهو الانتماء الى تلك الزعامة الفاسدة التي وجد نفسه مضطراً للدفاع عن أحدها على الاقل ,لأنه ببساطة ربط أسمه باسمها، أزمة الزعامات الوطنية.
الحقيقية أزمة حقيقة يعيشها العراقيون،ليس لأنه لا توجد شخصيات مؤهلة لتلك الزعامة أو القيادة ,لكن لأن الزعامات الموجودة في الساحة السياسية قد احتكرت المشهد واختطفته لصالحها من خلال صياغة قوانين مفصلة على قياس الاحزاب والهيمنة على مؤسسات مهمة لها أثرها ودورها في العملية الانتخابية مروراً بالإعلام الذي يقسم الى خاص هو عبارة عن قنوات فضائية ومؤسسات إعلامية تتبع ذات الاحزاب والزعامات وإعلام رسمي هو لسان حال الحكومة والناطق باسمها.
تلك الحكومة التي تتشكل من ذات الاحزاب؛ وانتهاء بالمال السياسي الذي نهبته تلك الاحزاب من موازنة الدولة ؛ناهيك عن المنافسة في تقديم اللولاء للقوى الاقليمية والدولية المؤثرة في المشهد السياسي. في ظل هذا الاختناق وأنسداد الافق،يغدوا الحل الوحيد والقاعدة الذهبية لمن يريد ولوج العمل السياسي في العراق ؛هي النصيحة الأثيرة التي خصني بها صاحبي والتي لا يزال رجع صداها يتردد في مسامعي ’’أجيك من الاخير , شوفلك بعير‘‘.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً