- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الشعبُ المبروش ، و الوطنُ الكعكة
بقلم | د. عماد عبد اللطيف سالم
لا مُبرّرً للانتخابات.. ولا ضرورة.
لماذا ؟
لأنَّ لدينا "مجلسَ شيوخٍ" من عشرة أفرادٍ (تقريباً)، هبطَ علينا بالمظَلاّتِ من كواكبَ اخرى، بوسعهِ أن يختارَ رئيساً للجمهوريّةِ، ورئيساً وأعضاءً لـ "مجلس العموم"، ورئيساً لمجلسِ الوزراء (بالتوافق والتراضي و التحاصُص والتوازن)، وبعد التشاور مع قوى دوليّة ذات "نفوذ"، وقوى اقليميّة ذات "تأثير".
قبل ثلاثة أشهرٍ (على الأكثر) من انتهاء ولاية الرئاسات الثلاث، يمكن لمجلس الشيوخ هذا أن يجتمِع، و يُناقِش، ويتفاوَض(داخليّا)، و يتشاوَر(خارجيا).. وفي اليوم التالي لانتهاء مُدّة "الولايات الثلاث"، سيكونُ لدينا رئيس جمهوريّة (طاعن في السِنّ) من مكوّن معيّن.. ورئيس مجلس عموم (يجرّهُ هذا المُكوّن، و يَعُرُّهُ ذاك.. ويُرضي هذا المكوّن، و يُزعِلُ ذاك).. ورئيس مجلس وزراء(ضعيف، أو تابِع، أو لا يدري، أو لا يفهم) من مكوّن آخر.. و وزراء يلهثونَ وراء "لقمة عيشهم"، وعيش أحزابهم وزعاماتهم(السياسية والمذهبية والعشائرية والمناطقية).
سيقولُ قائلٌ مُتفاءِلٌ: " لماذا هذا الطَرْحِ "الكابوسيّ ؟ كلّ المراحل الانتقاليّة، في جميع دول العالم، تحملُ خصائصَ وسِمات وطبيعةَ سلوكٍ سياسيٍّ كهذا في بداياتها. دَعونا نتعلّم. دَعوا التجربة الديموقراطيّة تنمو وتتطوّر وتستقِر و تترَسّخ. لن تبقى الأمورُ على هذه الدرجة من السوء، و لا على هذا المستوى من السلبية".
أتمنى ذلك. فهذا هو بلدي في نهاية المطاف، وليس لي (حتّى الآن) من بلدٍ غيره.. لولا انّني أرى واقِعاً فاجِعاً، و أحلَمُ أحلاماً مُزعِجة.
لماذا هذه "السوداويّة" ؟ لماذا أعتقِدُ أنّ الأوضاعَ ستكونُ أسوأ من هذا الذي نحنُ فيه ؟
أرى ذلكَ لسببٍ بسيط.. اسمهُ "المنطِق".
منطق الأشياء في بلدي، يقولُ ذلك.
هذا المنطقُ يقول: أنّ "مُقَدّمات" مُعيّنة، ستقودُ دائماً الى "نتائج" مُعينّة تترتّبْ على تلك المقدمات ذاتها. فإذا كانت "المُقدّمات" صحيحة، كانت "النتائج" صحيحة، وبالعكس.
وما دامتْ طبيعة وخصائص المُقدّمات لم تتغيّر، فإنّ النتائجَ لن تتغيّرَ أيضاً.
سيأتي العقائديّونَ "الثوريّون"، و المُنَظّرونَ "الرومانسيّون" و يقولونَ لك: "أنّ الجماهير المُناضِلة، والشعوب المُجاهدة، والطبقات الكادِحة، والشباب الواعي، لن تنطلي عليها، (أو عليهم) جميعا هذه الأكاذيب "البطريركيّة". و لن يمضي وقتٌ طويل قبل أن تحينَ "اللحظة التاريخية" المُناسبة، التي ستُتيح لهؤلاء وضعَ قواعدَ جديدةٍ لـ "لعبة" الحُكْمِ وتداول السلطة، وقلب طاولة "الثوابت" الحجريّةِ هذه، على رؤوس الشيوخ "الاحفوريّين".
أنا، وبكلّ تواضُع، لا أرى ذلك.
لقد قدّمتُ اسبابي سلَفاً.
وأُضيفُ اليها أنّني عاصرتُ (و راقبتُ بإمعانٍ) احتجاجات، وتظاهرات، و نوباتِ غضبٍ، و حالاتِ "حُمّى" وبائيّة، منذ عام 2003، والى هذه اللحظة.
وأنّني أعرفُ تماماً (وعلى وجه اليقين)، بأنَّ كُلّ الاحتجاجات، والتظاهرات، والمَطالِب، والاصلاحات، بل وكُلّ القضايا النبيلةِ، ستموت.. بمجردِ أنْ يرتفِعَ سعرُ النفط، أو تنخَفِض درجات الحرارة.
وأنّني أعرفُ تماماً (وعلى وجه اليقين) بأنّ جميع "الجبهات" ستهدأ، بمجردِ أنْ يتوصّلَ "الشيوخُ" الى اتّفاقٍ على تقاسُم "الكعكة".
و يا لَهم من "شيوخ".
و يا لها من "كعكة".
و يا لَنا من شَعْبٍ "مبروشٍ"، كـ جَوْزِ الهِندِ، فوقَ هذه "الكعكة".