- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تواشيح عند باب الرحمة الجزء الثاني
حسن كاظم الفتال
* باب القبلة*
قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا. صدق إمامنا وأحسن قولا
حين تتوجس النفوس خيفة من أي وسوسة أو أي سوء نتوق لأن نولي وجوهنا شطر الكعبة التي جعلها الله تعالى قبلة لنا فتُشرح الصدور وتُسر الأفئدة.
ولما يحين وقت الصلاة يتخذ المتواجدون في الصحن الحسيني الشريف من الأرض مسجدا طهورا وكل يولي بوجهه صوب الكعبة من لدى باب قبلة الصحن الحسيني الشريف.
ثم تهوي الأفئدة ليسجد عظم اشتياقها على نور المرقد الشريف مرقد سيد الشهداء صلوات الله عليه. لذا سمي الباب باب القبلة.
وحين يقف الوافد على أعتاب باب قبلة الصحن الحسيني الشريف يلمس أن توهجات قدس وبهجة الكعبة تتماوج فيمتد شعاعها حتى يخترق الأفئدة الوالهة بحب ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله فتوئم بين الكعبتين كعبة السجود وكعبة القلوب
*ضريح الإمام الحسين صلوات الله عليه*
ترعة من ترع الجنة... مهبط الأنبياء والأوصياء والرسل. تتنزل طيور الجنة ألفا بألف مردفين تهبط محملة بزغب أجنحتها من الجنة رحيقا مختوما ومسكا مزاجه من تسنيم.. لتنثره إيفاء لنذرها بقبول تحديقها بهذه الترعة التي تواري نورا منشطرا من نور رسول الله صلى الله عليه وآله وريحانته ونفسه الشريفة بمصداق قوله صلى الله عليه وآله: (حسين مني وأنا من حسين) هنا محراب تؤدي الملائكة به صلوات قدسها تضم أجنحتها بانطواءة لتحتضن تضرعها حين ترتل آيات قنوتها سائلة الله أن يطيل بقاءها هنا في هذه الترعة.حتى تحصن كل زائر بتعويذة تقلدها الأنبياء والرسل
ثم تجوب أروقة الرحمة والرأفة تعد خطوات المخبتين المقربين (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) ـ الحج /35 ولتضاعف خطوات الزائرين بهذه الأروقة بعشرات الحسنات ولتجمع بقوارير الجنة أدمعا تنز من أعين زوار الترعة الطاهرة. فتلك أعين لا تمسها النار يوم يقوم الحساب.لأنها اكتحلت بشعاع نور سيد شباب أهل الجنة. لذا فهي من الجنة إلى الجنة.
هذا الضريح المقدس مثلما تطوف به الملائكة مؤدية فرائض التحديق بتسبيح وتهليل وتكبير وحمد لله على نيل هذا الشرف الرفيع. مثل ذاك تحدق به قلوب المحبين الوالهة وتنتعش بشم أريجه وتتعفر بوهجه المبارك فيكسوها تعفرها حجابا يحصنها من مداهمة الوهن أو الزيغ أو الوساوس فترتقي ذرى النقاء والصفاء وتمتلك مؤهل اختراق الحجب.
*حبيب بن مظاهر الأسدي*
في هذا المشهد يرقد الصحابي الجليل حبيب بن مظاهر بن رئاب الأسدي الكندي رضوان الله عليه عابد ناسك قارئ للقرآن يحفظ القرآن كله وهو من أكابر التابعين وكان يقال له سيد القراء وروي أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وتشرف بخدمته وكان من حواريي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وقد شهد حروبه ورغم أنه ناهز الثمانين من العمر إلا أنه صائغ بإيمانه العميق كل ملامح التحدي لتعاقب مراحل العمر، شيخوخته تجلت بها النصرة وصهرت كل فوارق فصول العمر في بودقة التضحية والفداء.
مناصر شهم شجاع آزره عمق حبه لرسول الله صلى الله عليه وآله وعزمه على حماية رسالته وشد عضده صدق ولائه للحق فصنع ما لم يصنع الفتيان في ساحات الجهاد.
لما حان موعد الطفوف. برز حبيب بن مظاهر الأسدي رضوان الله عليه.
يمرق تحت ظلال السيوف.. شيخ أحاط الإيمان قلبه وروحه ونفسه الزكية فأحال كل معالم شيخوخته إلى حيوية تُنْبئ عن توصيفات فتى لا تغلبه الفرسان ولا يذعره الميدان.. وجاهد حتى أرضى الله ورسوله والمؤمنين جميعا.ظلال كثافة حاجبيه على عينيه دفعه إلى أن يرفعهما بعصابة ربطتها عقيدته ليزداد جبينه تنورا فتتساوى حدة بصره مع قوة بصيرته. فيبرز متعصبا بجلال ووقار وهيبة الرجل المؤمن الصلب. انفرد بكل شيء فقد كان يوما صاحبا وناصرا لرسول الله صلى الله عليه وآله وصار صاحبا وناصرا لسبطه وريحانته الإمام الحسين عليه السلام. حتى خر صريعا ليقف عليه سبط رسول الله ناعيا إياه قائلا: (رحمك الله يا حبيب فقد كنت تختم القرآن في ليلة واحدة
فحق أن ينفرد ضريحه المقدس ليظل علامة مضيئة مميزة في خَلَد تأريخ الجهاد الرسالي العظيم. تستوقف ومضات نور ضريحه كل الموالين.الداخلين بأمن وسلام ليكون باب وسيلة لتأدية مراسيم الزيارة.
وللحديث صلة
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- دور الاسرة في تعزيز الوعي بالقانون عند افرادها