غالب الدعمي
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صدور مذكرات قبض بحق مجموعة كبيرة من السياسيين وأعضاء البرلمان ووزراء ومديرين عامين حاليين وسابقين وغيرهم بتهم اختلاس أموال الشعب وسرقته واستغلال المنصب والإثراء على حسابه، وهي بحسب التسريبات تُعد هذه قائمة أولية وبانتظار قائمة أخرى تشمل اسماء رفيعة المستوى وربما رؤساء كتل وزعماء أحزاب، وقد تتوقف القائمة الأخرى إذا وافق المشمولون بها على عمل مصالحة مع الحكومة تقضي بإعادة الأموال التي سرقوها إلى الحكومة العراقية.
وأنا هنا ليس معنياً بكيفية استرجاع الأموال التي سرقوها أو تقديم سيناريوهات لما سيحصل في حال تأكدت صحة الأسماء الواردة في القائمة التي تم تداولها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الشيء الذي لفت انتباهي هو أن المذكورين في القائمة جميعهم قد حَجوا إلى بيت الله واعتمروا إليه، وبهذا هم يصلون ويصومون ويدفعون الزكاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وهذه كلها مقدمات يتطلب انجازها قبل حَج بيت الله الحرام، وكأن هناك حاجة ملحة لإعادة تقييم مدعيّ التدين والمشهورين بشكليات أعمال الخير.
ويتفق معي كثير من المراقبين بأن الأسماء التي تم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي تحوم حولها شبهات فساد حقيقية، كونها تدير مصالح مالية كبرى وشركات تجارية تحتل جزءاً من النشاط الاقتصادي على مستوى المنطقة العربية، على الرغم من أن تأريخها التجاري والمالي ليس له ذكر قبل 2003، وهذا يؤكد صحة الأنباء المتعلقة بالقائمة التي شملت شخصيات ذات نفوذ كبير في الحكومة السابقة ومقربة من مصدر القرار وبعضها من الحكومة الحالية.
إحدى أهم التهم الموجهة لبعضهم تتعلق بالتصرف بعقارات الدولة ومنح بعضها مجاناً لعدد من السياسيين وبيع أخرى بأسعار بخسة خارج ضوابط قانون بيع وإيجار أموال الدولة النافذ، فضلاً عن إحالة مشاريع كبرى إلى شركات ترتبط برجال الحكومة ومقاوليها ودفعت لهم سلف تشغيلية ضخمة قبل المباشرة في العمل وهذه مخالفة كبرى تسببت بهدر مليارات الدولارات من دون تنفيذ أياً من تلك المشاريع.
مخالفات كثيرة أخرى لا تعد ولا تحصى حصلت في ظل الحكومة السابقة وتسببت في ضياع حقوق الشعب وقد حان وقت حسابها واسترجاعها، وفتح ملفاتها ومراجعة الجزء المنفذ منها، لأن تنفيذها لم يطابق المواصفات المعتمدة في المشاريع العراقية.
إذاً، نحن بانتظار روؤس تتساقط وأحزاب تفقد وجودها بين الناخبين وسجون تُملأ بالفاسدين وإعادة أموال كبيرة إلى خزينة الدولة العراقية تكون رافداً مهماً لدعم الموازنة العراقية وللتخفيف عن كاهل الشعب العراقي.
وثمة رابط بين موسم القبض على الحُجاج وبين موسم الهجرة إلى الشمال، الرواية التي ألفها الطيب صالح وقرأتها في 1982 حين كنت طالباَ في الاعدادية.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد