- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مدلولات الشراكة الرمضانية ــ الجزء الثاني
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال ـ معطيات الرياضة الروحية ـ حين نعمد إلى تعريف مفهوم الرياضة يمكننا أن نعدها مزاولة نشاط ترويحي يُرَوِّحُ بها الإنسان عن النفس والذات ويستعين بها على إدامة النشاط والحيوية في الجسم وإظهار الطاقات والقابليات ومناهضة الكسل والخمول والضمور وضعف المقاومة. وللرياضة البدنية أثر ملموس لا يخفى على أحد سواء كانت تمارس من أجل اكتمال المقاومة أو السبق أو المنفعة الشخصية أو للترويح والحفاظ على ديمومة النشاط البدني في التحكم بالوزن وامتلاك لياقة أفضل وحسن الهندام والمظهر والنأي عن التوتر الذي كثيرا ما يسببه الضعف لذا فهي محفزة للتنافس النزيه المشروع من أجل الحصول على نتائج مرضية ومقنعة (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) ـ المطففين /26 والرياضة عنصر من عناصر اكتساب صفة أو ملكة التحمل أو أداة من أدوات هذا الاكتساب ورفع مستوى قدرة الملكات لمواجهة الصعاب وترويض الحواس أو الجوارح على ممارسة أدوارها بشكل دقيق وصحيح. ويبدو أن هذا هو التفسير للصبر على الطاعة والتصبر على ترك المعصية والصبر على ترك المعصية يخلف درجة عالية من التقوى وكلما ارتفعت نسبة التقوى لدى الإنسان كلما ازدادت درجة اقتداره على منازعة ومحاربة الهوى واللذائذ والشهوات التي تسوق إلى الموبقات والفواحش ولا تنتج إلا الخسران. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصبر نصف الإيمان. وقال صلى الله عليه وآله: من أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر ومن أعطي حظه منهما ولم يبال ما فاته من قيام الليل وصيام النهار، ولئن تصبروا على مثل ما أنتم عليه أحب إلي من أن يوافيني كل امرئ منكم بمثل عمل جميعكم. مستدرك الوسائل ج2 / الميرزا النوري وقال صلى الله عليه وآله: الصبر كنز من كنوز الجنة ولا فض فو من قال: لا تحسب المجد تمرا أنت آكله ** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا والرياضات عديدة ومتنوعة ومختلفة فمنها الجسدية ومنها والفكرية والعلمية والأدبية والروحية والنفسية وما يشابه ذلك ومثلما أن الرياضة البدنية تبني جسدا وأعضاء قوية ناصحة معافاة من الوباء أو العلل . الرياضة الروحية تبني أو تنتج روحا سليمة عالية المقاومة. والرياضة الفكرية تكوِّن ذهنية حادة وبصيرة قوية. ولا شك أن النتيجة الحاصلة من ممارسة تلك الرياضات هو الكمال. والكمال حتى وإن كان نسبيا يسوق الإنسان إلى صراط إيماني سوي قويم لا يحيد عن اكتساب الخير بل يزداد اندفاعا لحصول الخير حتى للآخرين حرصا منه على انتشار المنفعة العامة. وهذه النتيجة تجعل الشر يتلاشى شيئا فشيئا أو تدريجيا. مما يؤسف أحيانا أن نجد الجذب اللا محدود أو مما يوصف بأنه غير طبيعي يتمركز على الرياضة البدنية حثا وممارسة. بينما نلاحظ إهمالا من قبل معظم الناس للرياضات الأخرى. دون الإلتفات إلى أن من أهم الرياضات هي الرياضة النفسية إذ هي تمرن النفس وتهذبها وتنقيها من شوائب الإكتسابات المضرة بالفرد السوي القويم وتكسبها قدرة فائقة على مقاومة اللذائذ والشهوات وأن تنشغل عن الهوى بالعبادة. وبالرغم من أن بعض الرياضات البدينة قد حظت عليها الشريعة السمحاء إنما لعل التحفيز ازداد تكريسا على الرياضة الروحية والنفسية وليس نهاية الترويض ونتيجته إلا حصول الكمال في صورة من صوره. ولعل من أبرز الرياضات الروحية التي تؤدي إلى صيرورة الكمال رياضة الصوم. ضمان أولوية صوم الجوارح الصوم هو الإمساك. ويعرفه العلماء والحكماء وأهل الحديث بأنه توطين النفس على الترك وليس بالضرورة أن يكون الإمساك عن الطعام والشراب فقط. لذا فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أيسر ما افترض الله على الصائم في صيامه ترك الطعام والشراب. إقبال الأعمال ج1 / السيد ابن طاووس الحسني ومصداقية تبيان إمارات فضيلة الصوم وإثبات منقبة عمومية منافعه واندماج عزيمة صيام الروح وتحمل الجسد وما يدره ذلك الاندماج على الفرد من آثار وفوائد دنيوية وأخروية يثبتها قول رسول الله صلى الله عليه وآله حين يقول: ما من مؤمن يصوم في شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك وتعالى له سبع خصال أولها يذوب الحرام في جسده والثانية يقرب من رحمة الله عز وجل والثالثة يكون كفر خطيئة أبيه آدم والرابعة يهون الله عليه سكرات الموت والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة والسادسة يعطيه الله تعالى براءة من النار والسابعة يطعمه الله من طيبات الجنة. تحرير الأحكام ج1 / العلامة الحلي وإذابة الحرام في الجسد تعد تزكية وتنزيه وتخليص الجسد وصاحبه من التبعات التي تسوق إلى جرف الهلاكات وقال الإمام الصادق عليه السلام: إن الصيام ليس من الطعام الشراب وحده ثم قال عليه السلام: قالت مريم: (إني نذرت للرحمن صوما) أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم.جامع المدارك ج2 / السيد الخوانساري وقال عليه السلام: (وأدنى ما يتم به فرض صومه العزيمة من قبل المؤمن على صومه بنية صادقة وترك الأكل والشرب والنكاح نهاراً وأما يحفظ في صومه جميع جوارحه كلها عن محارم الله متقرباً بذلك كله إليه فإذا فعل ذلك كان مؤدياً لفرضه) يتبع
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- البكاء على الحسين / الجزء الأخير