- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الشعائر الحسينية بين الولائية والتسييس / الجزء الأول
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال البعد الإجتماعي والسياسي والديني للشعائر الحسينية بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وأَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي اَلتَّوْرٰاةِ واَلْإِنْجِيلِ واَلْقُرْآنِ ومَنْ أَوْفىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اَللّٰهِ، فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ اَلَّذِي بٰايَعْتُمْ بِهِ وذٰلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ)ـ التوبة /١ إن السيوف التي أستلت بأكف الحقد والضغينة على سبط رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وآله الإمام الحسين صلوات الله عليه وأصحابه الميامين عليهم رحمة الله ورضوانه والسهام التي انطلقت من صوب أعداء الله والإنسانية نخبت صدور الموالين لسبط رسول الله صلى الله عليه وآله ونقشت على تلك الصدور قول الله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) ـ الأحزاب / 23 وأريق من هذه الصدور الطاهرة دم طاهر لكن لم يرق منها الإيمان بل إزدادت صلابة وتمسكا بعقيدتها. تسلل الحزن بكل حجمه اللا محدود وكل مداه الممدود ليخترق صدور الموالين المشحونة بالإيمان وهاجت بهم رغبة جامحة لموالاة أصحاب تلك الصدور المنخبة بالسهام ومواساتهم لعلهم يخمدون شيئا من أجيج الألم والحسرة على فراقهم.وكل راح يسلك سبيلا للمواساة والتعبير عن الحزن والأسى ويختار وسيلة بحجم حزنه وألمه تفرغ صدره من الحسرة بإنثيال قطرات ساخنة من الدموع تستقر على الخدود لتبعث ارتياحا للضمائر وتبرد القلوب وتلينها ولو لفينة قصيرة. ثم حل أوان ضرب الصدور بالأكف ليكون صورة من صور المواساة والتأسي ولعلها غدت نقطة شروع الشعائر الحسينية جدلية التسلسل التأريخي للشعائر الحسينية بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً) ـ الأحزاب /39 لا أعتقد أن تحديد زمن أو موعد لبدء انطلاق الشعائر الحسينية أو كيفية إقامتها هو بالأمر اليسير.ولكن حين نرجئُ ذكر الوحي الإلهي لرسوله الله صلى الله عليه وآله عن طريق جبرئيل عليه السلام وإخباره بأوان مقتل الإمام الحسين صلوات الله عليه قبل وحين ولادته وبكاء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ووصيته لأم سلمة رضوان الله عليها مع تسليمها قبضة من تراب أرض كربلاء المقدسة. وكذلك بكاء أمير المؤمنين صلوات الله عليه أثناء مروره بأرض كربلاء المقدسة بعد عودته من غزوته. بعيدا عن ذلك كله هنالك دلائل وملامح توشي إلى أن إقامة الشعائر الحسينية تمتد من انتهاء واقعة الطف عند استشهاد الإمام الحسين عليه السلام مباشرة. ومن هذه الدلائل أو الملامح خروج قبيلة بني أسد لمواراة الأجساد الطاهرة واجتماعهم عند تلك الأجساد وندبها بالنوح والبكاء. حتى وإن أثبتت الوقائع بتوقف مسيرتها أو انقطاعها أو تعرضها للجمود لفترات طويلة أو خبو جذوتها إلا أن بمقدورنا أن نعد ذلك التأريخ بذرة من بذرات التأسيس بعد استشهاد الإمام الحسين صلوات الله عليه. وثمة ملمحٌ آخر لعله يعضد هذا الرأي. إن الإمام الحسين صلوات الله عليه بعد رسالته المعروفة التي أرسلها إلى محمد بن الحنفية ومضمونها يقول: بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قِبله من بني هاشم. أما بعدُ: فإن من لحق بي استشهد ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح والسلام. ومن ثم رسائله التي بعث بها إلى أقوام كثيرة يدعوهم لبلوغ الفتح باتباعه ونصرته. سواء عند وجوده في مكة أو حين قدومه إلى أرض كربلاء. وأشهر تلك الرسائل التي بعث بها إلى أهل البصرة يستنصرهم في معركته مع الطغاة العتاة ويدعوهم للإلتحاق بركبه لبلوغ الفتح وقد كانت البصرة تحت إمرة عبيد الله بن زياد قبل توليه الكوفة . وخص بالدعوة أفرادا وجماعات أي قبائل. وفعلا توجه البعض إلى كربلاء لنصرته بيد أن وصولهم جاء متأخرا فقد نزلوا الطف بعد استشهاده صلوات الله عليه مما حدا بهم أن يقيموا مجالس الندب والنوح. تعبيرا عن الندم والأسف لعدم مشاركتهم في نصرة الإمام وحزنا عليه صلوات الله وسلامه عليه وبلغ الأمر بهم أن يضربوا رؤوسهم بتلك السيوف التي كانوا يتمنون أن يمتشقوها على أعدائه ومن أجل نصرته. ولعل قضية خروج المختار في حركته التي طلب بها الثأر لسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام كان قد سبق ذلك الخروج وانطلاق تلك الثورة اجتماعٌ برؤساء القبائل والناس. وفي ذلك الإجتماع ذكرت واقعة الطف ومصيبة استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وحدث ما حدث من ندب وبكاء ونحيب مما أجج الحماس في نفوس الناس لاتباع المختار وزاد التوق لأخذ ثأر الإمام الحسين وأصحابه الميامين صلوات الله عليهم الذين بذلوا مهجهم دونه من قتلتهم . إلى اللقاء في الجزء الثاني
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول