حجم النص
بقلم:عبدالزهرة الطالقاني تعتمد معظم الصحف الوطنية في تمويلها على ماتحصل عليه من إعلانات من مؤسسات الدولة بشكل رئيس، وبقية الإعلانات بصورة ثانوية، وكذلك على مبالغ الاشتراك من قبل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، ومع ان هذه الأموال التي تأتي من المصادر التي اشرنا اليها، لم تكن كافية تماما لتمويل وإصدار صحيفة يعمل فيها عشرات المحررين والاداريين والفنيين.. الا ان ذلك يشكل جزءا مهما يسهم في تخفيف النفقات ويساعد مباشرة في عملية استمرار صدورها وتواصلها. ويعد هذا المصدر للتمويل نظيفا، وغير منظور، وعاملا مباشرا في توثيق الصلة بين المؤسسات الرسمية والصحافة الوطنية، التي تبحث عن مصادر نظيفة للتمويل، مبتعدة عن الأساليب القذرة التي تعتمدها الصحافة الصفراء في كل زمان ومكان.. هذا التمويل غير المباشر توقف خلال الربع الاخير من العام الماضي، والربع الاول من عام 2015، بعد عدة إجراءات اتخذتها الوزارات والدوائر التابعة لها، تحت يافطة ضغط النفقات، بسبب تقليص مبالغ الميزانية العامة للدولة، ومن ذلك الغاء الاشتراك في الصحف، واقتناء اعداد منها بشكل يومي، إضافة الى ان توقف المشاريع او عدم الشروع بتنفيذ مشاريع جديدة، سيؤدي حتما الى انحسار الإعلانات في الصحافة المحلية، وبقية وسائل الاعلام المرئية منها والمسموعة.. وهذا تسبب بخسارة مزدوجة، الأولى: توقف بعض الصحف عن الصدور، والثانية: فقدان الوظائف لعدد كبير من العاملين في الصحافة، ما يزيد من معدلات البطالة، ويخلق حالة اجتماعية متردية، تتمثل بزيادة معدلات الفقر، من خلال فقدان عدد من العاملين لمصادر عيشهم، لا نستطيع ان نضع اللوم على احد، فالخطوات هنا غير مقصودة.. ولكننا ننبه لتداعياتها قبل ان تقع وتستفحل، فالخطوة تتبعها خطوات، والآثار السلبية قد تتوسع حتى الى قطاعات أخرى، هي غير منظورة حاليا، منها تضرر أصحاب المطابع الذين يطبعون الصحف، والفنيون العاملون عليها، وباعة الورق والاحبار، وموزعو الصحف.. هل لاحظتم كيف توسعت مساحة الضرر؟ من خلال اجراء واحد غير مقصود، وغير محسوب بدقة، ولم ينظر الى آثاره وتداعياته، من هنا لابد للمؤسسات كافة من إعادة النظر في تحديد النفقات.. وان لا تضع في حساباتها تقليص الصرف بعدم اقتناء الصحف، او نشر الإعلانات، وان ينظر الى هذا الموضوع بمنظار وطني، فكل قطاع يمثل ركنا مهما من اركان الاقتصاد في العراق، واية شريحة تتضرر نتيجة أي اجراء انما سيكون الضرر ذا تأثير على المجتمع بشكل عام، لقد أسهمت الصحافة الوطنية بشكل فاعل في قيادة حملة إعلامية واسعة ضد عصابات داعش، وساندت الجيش العراقي، والحشد الشعبي، والمقاتلين من ابناء العشائر، والبيشمركة، وسبق ان أسهمت بشكل واسع في تغطية فعاليات وإجراءات الانتخابات البرلمانية، ومازالت تسهم في دعم العملية السياسية والتحول الديمقراطي في العراق، وتشن الحملات الإعلامية ضد اعدائها، كما ان الصحافة الوطنية الاستقصائية أسهمت في كشف عمليات الفساد المالي والإداري، ووقفت بقوة ضد كل من دعا الى تمزيق العراق، واستهدف وحدته ومستقبله كدولة، وسلطت الضوء على النشاطات والفعاليات والمنجزات الحكومية خلال الأعوام الماضية منذ عام 2003 وحتى وقتنا الحاضر، لذلك ندعو وبحرص ان لا تتوقف مؤسسات الدولة عن دعم الصحافة، وان تكون مسألة الدعم أساسية وذات بعد استراتيجي، فنحن اليوم احوج ما نكون الى اعلام مهني، مؤمن بالتوجهات الجديدة للعراق، والأجواء الديمقراطية التي وفرتها أساليب إدارة الدولة.. اضافة الى ان الصحافة سلطة رابعة، لا ينبغي اضعافها بل تمكينها من ممارسة دورها الرقابي والتعبوي والتربوي والتوعوي والثقافي.
أقرأ ايضاً
- القتل الرحيم للشركات النفطية الوطنية
- العراق وأزمة الدولة الوطنية
- ملاحظات نقدية على الاستراتيجية الوطنية للتربية والتعليم في العراق 2022-2031