- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مجالس المحافظات ..الواقع المنظور والجواب المحظور
حجم النص
بقلم:احمد جنديل عندما تُرسم الخرائط السياسية للخروج من الأنفاق المظلمة، والأزمات الخانقة بأكثر من يد، وعلى أكثر من ورقة، وبأقلام لا تعرف التفاهم والانسجام، تضيع مؤشرات الدخول والخروج، وتتلاشى حدودها، وتغيب هوية من وضعها. في عراق الديمقراطية الذي دفعنا من أجله عشرات الآلاف من الضحايا، وأنهاراً من الدم، ومئاتِ المليارات من الدولارات، ثمّ انقلب علينا بفضل دهاء السياسيين الذين ما عادوا يميزون بين تفاحة آدم وتفاحة نيوتن، إلى دكتاتوريات ومراكز قوى ونفوذ تمددت على الجسد العراقي وراحت تنهش بلحمه وعظامه، وعبثت بأمنه واستقراره بحجة الحفاظ على الأمن والأمان. عشرات الخرائط التي رسمتها القوى المتنفذة في صياغة القرارات ووضع الحلول، بدأت تحترق تحت أقدام مَنْ رسمها وبشرّ بها، وأنتجت حكومات داخل الحكومة، وجيوشاً داخل الجيش، وخرائط تلوذ بخرائط أخرى، وأحزاباً تلد أحزاباً بلا رحم ولا مشيمة ولا حبل سري، والجميع يهتف للعراق الأبي المنتصر، والوطن المخذول وشعبه المسكين يخوضان من مستنقع إلى مستنقع. وفي هذا البلد الذي انتشرت الأورام على جسده، وأكلت أطرافه قوى التطرف والظلام، وعبث في أحشائه سرطان الفساد، وزراء يلوذون خلف تلك الخرائط، ويمارسون سياسة الانبطاح لإرضاء القوي والخضوع إلى المتنفذ، ومجالس محافظات لا همّ لها سوى ركوب السيارات الفارهة، والتنزه بين عواصم الدول، والركض وراء حيازة المشاريع والمقاولات، وجني الأرباح الخرافية، والتبختر كالطواويس بين جموع الفقراء، ولا أحد يستطيع أن يفتح شفتيه، أو يرسل إشارة خجولة خوفاً من اندلاع فضيحة تضاف إلى أسراب الفضائح التي يكتظ بها بلد الديمقراطية والسلام. وفي العراق، حكومة مركزية، وأخرى محلية، وثالثة تؤدي دورها بالنيابة، ورابعة تسير على ضوء التوجيهات، وخامسة تقف على التل لتتفرج على ما تفعله نظيراتها من الحكومات، وكل حكومة متمسكة بخريطتها، وتمارس الفساد بوقاحة قلّ نظيرها في تاريخ البشرية، منذ أن أسقطت تفاحة حواء جدنا آدم، وحتى هذه اللحظة التي فيها التفاح يغزو الأسواق دون أن تكون له القدرة على إسقاط أحد. مَنْ يمتلك الجرأة من السياسيين، والوطنيين، والعلماء، والفقهاء، وراسمي الخرائط، ومهندسي الشعارات الملغومة، وأصحاب المشاريع المسمومة، أن يكشف لنا المبالغ التي تفوق ميزانية دولة على ما صرف على مجالس المحافظات من سيارات، وعقارات، وايفادات، ورواتب، ومخصصات ؟ ويميط اللثام عن أسرار المقاولات، وعمليات النصب والاحتيال، وفصول النهب والسلب التي قامت بها هذه المجالس ؟. ألا يوجد في هذا المجتمع الحاكم مَنْ يتقي ربه في لحظة صفاء، ليخبرنا ماذا فعلت مجالس المحافظات لكي تستحق كل هذه الامتيازات ؟ أليس من المنطق والحكمة والعقل، أن يخرج علينا السيد رئيس الوزراء وهو يقود حملة التغيير، ويكره الظلم والظالمين بقرارات تقلص صلاحيات هذه المجالس وامتيازاتها، وعدد حمايتها بدلاً من قرارات تحتك بحياة الفقراء والمساكين من شعب العراق ؟ أسئلة تدور على شفاه الصغار والكبار، دون أن تجد جواباً في بلد اختلطت فيه الخرائط، وأصبحت الأجوبة تدخل في باب الحرام وجوباً. إلى اللقاء.
أقرأ ايضاً
- مجالس المحافظات .. محنه الذات وعقدة اللامركزية
- مجالس المحافظات بين الإيجابيات والسلبيات
- انتخابات مجالس المحافظات بين المقاطعة وشرعية عمل المفوضية