حجم النص
بقلم: منيب السائح اعلان الديوان الملكي السعودي عن نقل الملك عبدالله بن عبد العزيز (92 عاما) الى المدينة الطبية التي تحمل اسمه في الرياض بعد اصابته بالتهاب رئوي استدعى وضع انبوب مساعد على التنفس، اثار حالة من القلق غير المسبوق داخل السعودية لاسيما داخل العائلة الحاكمة، وكذلك لدى الادارة الامريكية. لم تمر السعودية في ظروف صعبة في تاريخها، كما تمر بها الان، كما لم تمر العائلة الحاكمة في السعودية في حالة من التنافس المرير بين امرائها للوصول الى كرسي الحكم كما تمر بها الان، ولم تستشعر الولايات المتحدة الامريكية بالاخطار الداهمة على مملكة النفط، كما تشعر الان، والحق ان قلق الجميع هو شعور صحيح ازاء خطر داهم قد ينزل في اي لحظة، وعندها تخرج الامور عن سيطرة الجميع. القلق الذي يلف الاسرة الحاكمة ويهدد مصيرها، سببه الاول هو احتمال ان يغيب في اي لحظة آخر ابناء الملك عبد العزيز، وهو الملك عبدالله، الذي يحسب الاحفاد او الجيل الثاني من ابنائه له الف حساب، فهو الوحيد الذي يمكنه الحفاظ على التوازنات داخل الاسرة الحاكمة، والمنع من ظهور الصراعات بين الاجنحة داخل الاسرة للعلن، ففي حال غيابه لن يكون لما تبقى من ابناء الملك المؤسس ادنى تاثير على لجم الصراع بين صقور الجيل الثاني الصاعد، امثال متعب بن عبد الله، و محمد بن نايف، وتركي الفيصل، وخالد الفيصل، وبندر بن سلطان، والكثير من هؤلاء هم اكبر سنا من ولي ولي العهد مقرن بن عبدالعزيز، كما ان هؤلاء لن يتخذوا ازاء ولي العهد الاول سلمان بن عبد العزيز ذات الموقف الذي يتخذونه الان من الملك عبدالله، فالاول صاحب شخصية ضعيفة و مريض ومصاب بالخرف. هؤلاء الامراء يعرفون جيدا ان الملك عبدالله خطط بعناية لتمهيد الارضية امام نجله متعب للوصول الى عرش المملكة من خلال تنصيب شقيقه الاصغر مقرن، متجاوزا باقي الاشقاء الاخرين الطاعنين بالسن والمرضى، لما له من علاقة وثيقة ومتميزة بالملك ونجله متعب، فمن المتوقع في حال تنحي سلمان عن الحكم بسبب المرض تزداد حظوظ نجله متعب بمنصب ولي العهد للملك مقرن، لذلك لن يسمح هؤلاء الامراء لمقرن بتنفيذ هذه الخطة، وقد بان جانبا من هذا الموقف، من حالة الرفض الذي واجهها الملك عبدالله بتعيين الامير مقرن وليا لولي العهد، والذي یعتبر خروجا على وصية الملك عبد العزيز بن سعود. اما المخاطر التي تهدد السعودية، والتي ستكون اكثر ضغطا وتهديدا على المملكة في حال موت الملك عبدالله، فهي كثيرة ومنها: -الحروب الدائرة في المنطقة والاضطرابات التي تعصف بها والتي تتدخل السعودية في معظمها، كما في سوريا والبحرين واليمن والعراق وليبيا ولبنان، وهو تدخل اثار حفيظة المجموعات التكفيرية والحكومة كما في سوريا، والحكومة في العراق، والاجنجة المتصارعة في ليبيا، واغلبية الشعوب كما في البحرين واليمن ولبنان. -الشعبية الكبيرة ل"داعش" والمجموعات التكفيرية داخل السعودية بسبب اشتراك المجموعات التكفيرية والكثير من السعوديين بالافكار الوهابية التي تكفر غالبية المسلمين وتناصب الاخر العداء. -الوهابية التي تعتمدها الاسرة الحاكمة كمذهب للسعودية، والتي تعتمد قراءة متزمته للاسلام، ليس لها اي تاييد او قبول بين الطبقة المثقفة والمتعلمة في السعودية، حيث بدات تنتشر بين اوساط المتعلمين حالة من الرفض للوهابية. -رفض الظلم الذي كانت تعانيه الاقليات المذهبية ومن بينها اتباع اهل البيت عليهم السلام والمعارضة الليبرالية والشخصيات والنخب الدينية والفكرية والسياسية، اخذ يطفو على السطح ولم يعد بالامكان التغطية عليه بالقمع والكبت. -ظهور صراع واضح بين بعض امراء الاسرة السعودية وبين طبقة رجال الدين الوهابيين الذين لا يخفون تعاطفهم مع "داعش" والمجموعات التكفيرية الاخرى، وهو صراع لم يعد خافيا، بل اخذ يظهر حتى في وسائل الاعلام. -الاوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها السعودية بسبب التبعية المطلقة للسياسة الامريكية، لاسيما بعد اختراق اسواق النفط، بهدف ضرب الاقتصادين الروسي والايراني، جعل السعودية تتكبد خسائر فادحة ستعقد المشهد السعودي برمته وتزيد من حدة الازمة السياسية فيها. كل هذه الاسباب وغيرها ضاعفت من قلق امريكا، ازاء ما قد تصل اليه الاوضاع في السعودية، حيث تشير بعض التقارير، ان واشنطن دخلت وبشكل مباشر من الان في شأن سعودي بحت وهو تعيين الملك القادم، ولم تترك الاوضاع كما في السابق وتكتفي بالدور الاستشاري والدعم، فجميع الدلائل تشير الى ان ابناء واحفاد عبد العزيز، قد لا يتفقوا على المرة على ملك بينهم، كما ان الظروف التي تمر بها السعودية والمنطقة ليست في صالح السعودية، لذلك ليس هناك مجال للمجازفة، ولابد من حسم الامر امريكيا وفرضه على الاسرة الحاكمة، الا ان هناك من يرى ان التدخل الامريكي بشكل مباشر سيعقد الاوضاع اكثر مما هي معقدة، بسبب عدم وجود شخصية يمكن ان يلتف حولها امراء ال سعود، فاغلب هؤلاء الامراء يرون لانفسهم الحق في يعتلوا عرش المملكة. اذا ما اضفنا فشل السياسة السعودية في سوريا والعراق ولبنان واليمن، والمسؤولية التي تحملها شعوب المنطقة وحتى الحكومات الغربية ومنها الامريكية للسلطات السعودية ازاء ما يجري في المنطقة بفعل الجماعات التكفيرية المرتبطة عقائديا وماليا بالوهابية السعودية، الى ما ذكرنا سابقا من ظروف واسباب، والى مرض ملكها، عندها ستكون السعودية على كف عفريت الظروف التي صنعتها هي بوهابيتها وبتبعيتها العمياء لامريكا. * منيب السائح
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد