تتباين سيناريوهات تشكيل حكومة إقليم كردستان العراق رغم تصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني نتائج الانتخابات، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني الذي حل ثانيا، بسبب الصراعات المتصاعدة للحزبين الحاكمين في الإقليم، وسط تحذيرات من تداعيات تأخر تشكيل الحكومة وتدخل جهات إقليمية ودولية فيها.
وكانت إلينا رومانسكي سفيرة الولايات المتحدة الامريكية لدى العراق، قد التقت خلال الأيام الماضية عدد من القيادات الكردية لبحث تشكيل حكومة الإقليم الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول شكل الحكومة الجديدة في الإقليم في ظل التدخلات الخارجية وصراعات الأحزاب الداخلية.
إذ قال السياسي الكردي لقمان حسين، إن “الأمر الوحيد الذي يعيق تشكيل حكومة إقليم كردستان هو الخلاف على المناصب وخاصة منصب رئاسة الإقليم”، مشيراً الى أن “الخلاف يكمن في الاتحاد الوطني بمنصب رئاسة الإقليم، والحزب الديمقراطي الكردستاني يتمسك بهذا المنصب”.
وأضاف أنه “في حال استمر هذا الخلاف سنرى تدخلات إقليمية وحتى دولية في ملف تشكيل الحكومة داخل الإقليم”.
وكشف حسين عن “وجود تحركات للسفيرة الأمريكية ولقاءها بالقيادات وزعامات الأحزاب الكردية، وهي مقدمة لتدخلات دولية وإقليمه، لأنه من الواضح ان عملية تشكيل الحكومة ستطول”.
ولاحت أولى صعوبات تشكيل حكومة الإقليم من خلال شروط الاتحاد الوطني بقيادة بافل جلال طالباني للمشاركة في تشكيل الحكومة الجديدة من خلال التلويح بسلاح التعطيل، وذلك على لسان القيادي فيه غياث سورجي الذي قال لوسائل إعلام محلية إنه في حال “لم يلب الديمقراطي الكردستاني شروط الاتحاد الوطني لن تشكل حكومة كردستان المقبلة أبدا، وسوف تبقى فقط حكومة تصريف أعمال”.
وأوضح سورجي أن “جلسة برلمان إقليم كردستان الأولى ستعقد بسلاسة في حال وافق الحزب الديمقراطي على شروطنا”، وألمح إلى وجود دور ضروري للاتحاد في تشكيل الحكومة، قائلا “جميع الأحزاب الكردية التي حصلت على مقاعد برلمانية رفضت المشاركة في الحكومة المقبلة وأرادت أن تبقى في المعارضة”، ومضيفا “في حال وجود إرادة جدية من قبل الديمقراطي الكردستاني، سوف تشكل حكومة كردستان المقبلة خلال أسبوع”.
وأشار إلى أن الحزبين “لم يتواصلا مطلقا، وإذا تم التواصل في ما بيننا سنعرف ما إذا كانت توجد هناك عوائق أم لا”.
وفي المقابل شدد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، على أربعة مبادئ أساسية لتشكيل حكومة إقليم كردستان، تتمحور جميعها حول إقليم واحد، برلمان واحد، حكومة واحدة، وقوة بيشمركة موحدة.
وبحسب نتائج الانتخابات، فقد حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 39 مقعداً، والاتحاد الوطني الكردستاني على 23 مقعداً، والجيل الجديد على 15 مقعداً، والاتحاد الإسلامي الكردستاني على 7 مقاعد، وتيار الموقف الوطني على 4 مقاعد، وجماعة العدل الكردستانية على 3 مقاعد، وجبهة الشعب على مقعدين، وتحالف إقليم كردستان على مقعد واحد، والتغيير على مقعد واحد.
وكان المجلس القيادي للاتحاد الإسلامي الكردستاني، أعلن في اجتماع عقد، في 27 تشرين الأول، اتخاذه قراراً نهائياً بعدم المشاركة في تشكيلة حكومة كردستان المقبلة.
وأجريت الانتخابات البرلمانية الإقليمية وسط أزمة اقتصادية تفاقمت بسبب توقف صادرات النفط، وهي مصدر دخل حيوي للمنطقة، فيما أوقفت تركيا تدفقات النفط عبر خط أنابيب حكومة إقليم كردستان في آذار 2023، بعد حكم أصدرته غرفة التجارة الدولية يلزم تركيا بدفع 1.5 مليار دولار لبغداد مقابل الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة إقليم كردستان.
وأدى هذا الانقطاع إلى زيادة التحديات الاقتصادية، مما أدى إلى تأخير دفع رواتب العاملين في القطاع العام وتقليل ميزانية خدمات عامة أساسية.
وكانت الانتخابات مقررة في الأصل في عام 2022، لكنها تأجلت مرات عديدة بسبب الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
وكشفت القيادية في الاتحاد الوطني الكردستاني، آلا طالباني، في حوار متلفز، في 27 تشرين الأول الجاري، عن دخول الإطار التنسيقي على خط تشكيل حكومة إقليم كردستان، لافتة إلى أن التنسيقي يحاول إقناع الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني بالتحالف مجددا.
ويسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني حاليا، على رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وهذه المناصب يعدها سيادية ومن حقه، فيما هدد الاتحاد الوطني بأن يغير الأدوار بعد هذه الانتخابات بحصوله على أحد المنصبين.
ويتقاسم الحزبان الكرديان الحاكمان، النفوذ في مدن الإقليم، فالديمقراطي يسيطر على محافظتي أربيل ودهوك، فيما يسيطر الاتحاد الوطني على محافظتي السليمانية وحلبجة، كما أن الحزبين يتقاسمان النفوذ في أغلب المناصب الأمنية والاقتصادية، حيث يمتلك الحزب الديمقراطي جهاز آسايش وقوات بيشمركة خاصة به، ومثله الاتحاد الوطني.
يشار إلى أن الاتحاد الوطني، المدعوم من الإطار التنسيقي، حصل على مناصب مهمة في كركوك ونينوى، بينها منصب محافظ كركوك، فيما يتمتع الحزب الديمقراطي، بالكثير من النفوذ في المناطق المتنارع عليها خارج الإقليم.
ويعتبر الحزب الديمقراطي، القوة الأكبر داخل الإقليم الكردي، وهو الذي يتصدر المشهد الانتخابي باستمرار، وحصل في آخر انتخابات لبرلمان الإقليم، أجريت في أيلول عام 2018، على 45 مقعدا، فيما لم يحصل الاتحاد الوطني على نصف عدد مقاعد البارتي، واكتفى بـ21 مقعدا.
أقرأ ايضاً
- دعوات برلمانية لـ"ثورة سدود" في العراق.. فهل ستستجيب الحكومة؟
- تفاصيل لقاء طالباني والسفيرة الأمريكية: الحكومة المقبلة حكومة المواطن
- لماذا يُعتقل العراقيون في السعودية؟ وما إجراءات الحكومة لإطلاق سراحهم؟