بقلم:علي الشاهر
كانتْ هذه المرّة الثانية التي أراهُ فيها هذا العام مبْتسماً، عند لقائه بإدارة مؤسسة العين لرعاية الأيتام التي تحظى برعايته الشريفة، إشراقةٌ من الأنوار المحمّدية مكثتْ في هذا الرجل التسعينيّ صاحب الحكمة المتّقدة، فهي لا يمكن أن تجد مكاناً آخرَ لتُظهرَ به للعالم أجمع جمالَ المحمّديين وخصالهم الحميدة، فطلُعت علينا من ابتسامة إمامنا ومرجعنا الأعلى. في أكثر من مرّة، وحين كان يستقبلُ زوّاره الشغوفين بلقياه، والمهرولين إلى بيته المهيب حيث الزقّاق الضيّق في نجف علي (عليه السلام)، تشدّني جداً قسمات وجهه وسكناته قبل أي شيء، نحنُ سنعرفُ ماذا سيقول أو نتمنّى أن نعرفْ، لكن ما يخبّئ خلف لسانِهِ وهو الصائن لنفسه وكلماته، فهذا هو المدهش دائماً، ماذا يريد أن يقولَ الإمامُ السيستاني العظيم.. حتّى في صمتهِ أيضاً؟! باختصار شديد، ويعذرني لو عجزت كلماتي عن وصف ذلك، إنّ في صمتِه لحكمة، وفي تبسّمه لـ (جنّات) الصغيرة ذات صبيحة مشمسة، أنّه كان فرحاً بلقائها ويدعو لها بالعافية من مرضها وأخريات اُبتلين بالمرض نفسه، لقد انحنى بأضلاعه عليها.. فكانت خطبته التي ينتظرها الملايين مثلي من حول العالم، وبالتأكيد لابدّ أن يوافق فعله قولَه.. فنعُمت الصغيرةُ برعايته الأبوية وتوجيهاته التي طبّقتها الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدّسة، عبر مستشفياتها البهيّة.. لتتعافى من مرضها والمئات غيرها. هادئاً وديعاً كانَ في لقائه بالحبر الأعظم وتكفّلت نظراتهُ الشامخة للتعبير عن الأمن والتعايش السلمي الذي يؤمن به ويريد أن يراهُ في كل العالم، وحينما أرادَ أنْ يبلغه موقفه من الشعوب المقهورة نطقَ لسانهُ دفاعاً عنهم وأخبره أنّهم يعانون الفقر والظلم والاضطهاد وكبت الحرّيات ولاسيما الشعب الفلسطيني في "الأراضي المحتلّة". أما في إغلاق بابه بوجه الفاسدين لكي لا يمنح الشرعية لهم، فهي أعظم رسالة أرسلها هذا الرجل التسعينيّ النبيل، نعرفُها جيّداً وعرفها العالم.. إلا من وجّه رسالته لهم.. فقد بقوا في (طُغيانهم يعْمهون).
أقرأ ايضاً
- العراق، بين غزة وبيروت وحكمة السيستاني
- مقابلات المرجعية الدينية الشريفة...رسائل اجتماعية بالغة الحكمة
- تساؤلات حول مصداقية المحكمة الاتحادية