مذ حصلت معركة كربلاء الطف والحسين (عليه السلام) رافقتها الرايات واصبحت بصمة لتلك القضية والمظلومية، ومنذ زمن بعيد تخصص افراد بصنع مختلف انواع الرايات التي ترمز الى تلك القضية الملحمية في التاريخ الاسلامي، ومرت بمراحل عدة منها، وتعرض هؤلاء الطرازون الى المطاردة والقمع والسجن في زمن حكم صدام البعثي لمجرد انهم طرزوا عبارة (يا حسين) على قطعة قماش، لكن الله فتح لهم ابواب الخير بعد سقوط النظام المباد وانتعشت مهنتهم وزادت ارزاقهم ببركات الامام الحسين (عليه السلام) لان بضاعتهم ارتبطت بارض كربلاء الحسين (عليه السلام).
المهنة قديما
عمل ميثم العوادي في هذه المهنة منذ ربع قرن ويشرح عمله فيها لوكالة نون الخبرية بقوله "مرت مهنة تطريز الرايات الحسينية بمرحلتين الاولى مرحلة مكائن الخياطة والتطريز الميكانيكية والرايات المطرزة بها، والثانية مرحلة المكائن الالكترونية والرايات المستوردة التي زاحمت الرايات القديمة، وكان العمل مهني ويدوي وفي مدينة كربلاء المقدسة ثلاث خطاطين كانت محالهم في شارع العباس وحي رمضان وكانوا يأخذون البصمة المطلوب تطريزها من قبل الزبون او من قبل الطراز الى الخطاطين فيقومون بخطها باليد على القماش ثم تجري عملية تطريزها واكمالها، وكانت اسعارها غالية نوعا ما، وانتعشت مهنة تطريز الرايات الحسينية في تسعينيات القرن الماضي بعد ان سمح للزائرين من بلدان ايران والخليج ولبنان بالدخول الى العراق، وكان ابرز الطرازين هم ثلاثة ابو ياسر وابو سمية وابو رضا وهم توارثوا المهنة وعمل بها بعدهم ابنائهم والآن يعمل بها احفادهم".
المطاردة والسجن
يكمل زميله حسين الابراهيمي صاحب مطرزات عاشوراء اطراف الحديث لوكالة نون الخبرية عن الايام الصعبة التي مرت بالطرازين والتي كان بها النظام الدكتاتوري يطاردهم ويسجنهم لمجرد خياطتهم او تطريزهم لراية حسينية بقوله " مارست مهنة التطريز منذ 25 عاما وكنا نخشى تعسف الاجهزة القمعية للنظام المباد التي كانت تمنع تطريز وبيع الرايات وخاصة التي نقشت عليها زيارة عاشوراء او عبارة (ياحسين وتحتها دماء) حيث القي القبض على عدد من الخياطين وسجنوا مدة ست سنوات، ولم يكن لدينا محال خياطة وتطريز بل نعمل في البيوت بالخفية ونبيعها بناء على الثقة بيننا وبين الزوار او اصحاب المواكب، كما كنا نبيعها بالخفية للزوار العرب والاجانب وكنا نطرزها بعبارات نعرف انهم يعشقونها"،
تصدير للخارج
لا يقتصر بيع الرايات الحسينية المطرزة في العراق فقط بل لها جمهور واسع في دول عدة يقول عنها الابراهيمي " نحن الآن عشرة طرازين تقريبا لدينا زبائن من اغلب دول الخليج العربي ومنها الكويت والسعودية والبحرين وعمان والامارات، وكذلك من زائري الباكستان والهند وايران ولبنان ودول اوروبية، وهناك زبائن دائميين لنا عندما يأتون الى العراق يطلبون كميات كبيرة ونقوم بتصنيعها خلال خمسة ايام ونسلمها لهم، وحاليا زبائننا من الزائرين العرب والاجانب بشكل كبير واغلبهم يتقصدون شرائها من كربلاء المقدسة تبركا من تلك الارض الطاهرة التي ضمت اجساد ابي عبد الله الحسين واولاده واصحابه (سلام الله عليهم) بما فيهم الايرانيين الذين بالرغم من انها تصنع عندهم ولديهم معامل تصنعها لكنهم يشترونا من كربلاء للتبرك بها، كما ان الخليجيين يشترونها بكميات كبيرة ويكتبون عليها عبارة اهداء الى ذويهم واصدقائهم ومعارفهم، اما بعد العام 2003 واحياء الشعائر في اغلب المحافظات ونصب المواكب على طول الطرق المؤدية الى مدينة كربلاء المقدسة من بغداد والنجف الاشرف وبابل وباقي المحافظات والكل تربف الرايات الحسينية او تعلقها صار الاقبال عليها منقطع النظير واصبحت الطلبات كثيرة جدا علينا يضطرنا للعمل الى ساعات متأخرة من الليل، كما ان الناس في اغلب المحافظات اصبحوا يعلقونها في البيوت او على اسطح الدور او اسيجة البيوت وهذا عامل اخر لتصريف كميات كبيرة منها.
تسوق النساء
للنساء حصة من هذه البضاعة فتقوم الكثير من النساء العراقيات والعربيات والاجنبيات بشراء كميات معتد بها من الرايات بعد ان كثرت مجالس العزاء النسائية في البيوت فترى المرأة تطلب رايات وبصمات على قدر ما يغطي حيطان الغرف في بيتها التي يقام بها مجلس العزاء، وكذلك الخليجيات اللواتي يقمن بتنظيم سفرة ام البنين وكل النساء من الزوار العرب والاجانب يشترين كميات اكثر بكثير من الرجال لتوزيعها كهدايا لمعارفهن في بلدانهن"، مبينا ان " مهنة التطريز فيها نوعان هما تطريز الاغباني والبراتو والاول ويتوسع التطريز فيه وممكن رسم صور بالتطريز وحاليا لا توجد هذه التقينة في المكائن الحديثة لتنفيذها بل اصبح يستورد جاهزا من ايران وتعتبر عملية تطريزه صعبة في العمل ومكلفة لان استيرادها يصل الى 20 الف دينار ويعتبر ارخص من صناعتها التي تكلف 30 الف دينار، ونحن نطرز انواع عدة من الرايات منها قياس 5 امتار او عشرة امتار او متر واحد او مترين حسب رغبات الزبائن التي اصبحنا نعرفها جيدا، وهناك نوع يستورد جاهز ومطبوع عليه عبارات حسينية نقوم بتطريز بعض الاسماء او العلامات عليه ولدينا نوع يسمى الدمعة ونقوم نحن بعمل اضافات عليها وخياطتها وباحجام مختلفة ويباع المتر بخمسة الاف دينار، وهناك نوع اخر يباع بعشرة الاف دينار، وغيرها انواع تباع على القطعة واسعارها من (7 ــ 10) الف دينار للمتر الواحد.