بقلم: علي الخفاجي
ها هو المشهد العراقي يتكرر سنةً بعد أخرى، فلا جديد يذكر ولا قديم يعاد، ضبابية المشهد وعدم قدرة سياسيي اللعبة السياسية على تعديل وتبييض سوداوية مسار العملية السياسية، ماجعل مواطنو هذا البلد يفقدون الأمل ويندبون حظهم العاثر على العيش بهذا البلد، الذي تشتت وقطعت أوصاله بفعل السياسات الخاطئة منذ أمد بعيد .
الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 10 تشرين الاول من السنة الماضية ماهي الا استنساخ للانتخابات التي سبقتها، تحالفات سياسية، وتقاطعات، واعتراضات ومن ثم توافقات، تأخير وفي بعض الأحيان عبور على المدد القانونية المقرة بموجب الدستور، تأخير في اقرار الموازنة لأسباب قد تكون سياسية وبعد خمس او ستة أشهر تتم الصفقات وتقر الموازنة ومن ثم يعلن عن التشكيل النهائي صفقة واحدة، وبين هذا وذاك، فالمتضرر الأكبر هو المواطن البسيط نتيجة لهذا التناحر.
حسب ما هو معلن وحسب المعطيات فأن البلد يمر بمرحلة لا تتحمل المغامرة ولا المخاطرة ولا المجازفة، فبعد أن جرب على مدار ثمانية عشر عاماً مختلف أنواع السياسات منها سياسة الاقصاء وسياسة التخوين وأشدها ضراوة هي سياسة ترحيل المشكلات إلى المستقبل، ما جعل التراكمات والعراقيل كبيرة وشكلت عائقاً كبيراً للنهوض بواقع الدولة، وحملت تلك السياسات الكثير من التجارب التي بمجملها أقل ما يقال عنها بأنها تجارب بائسة انتجت الفوضى واللادولة واللانظام، مستخدمة مصطلح المؤامرة لتستجير به لتغطي به الاخفاقات المتكررة.
اليوم وبفضل التغييرات الحاصلة على الساحة السياسية العراقية، أصبح المشروع السياسي أمام مهام كبيرة وتركة ثقيلة نتيجة لهذه المتغييرات،ولأجل فتح صفحة جديدة لردم جزء صغير من الهوة المبنية، بين المواطن والحكومة، لا بدَّ أن تعمل القوى السياسية بمبدأ التغاضي والتغافل عن المشكلات القديمة والبحث عن وسائل حتمية جديدة لبناء الدولة، بعيداً عن المهاترات من اجل بناء المجتمع وإعمار البلد الذي تخطى حاجز الخراب ووصل إلى مرحلة الإنهيار، بناء القيم والاعتبارات، بناء الإنسان المحطم جراء ضعف البنية المؤسساتية للدولة، زرع الثقة وتحقيق إجراءات ضامنة للفرد باعتبارها مصدر قوة للدولة.
الرهان الأكبر اليوم وبعد مضي السنين العجاف التي مرت على البلد يقع على عاتق القوى السياسية الصاعدة، والتي بمقدورها أن تحسم سجال الفترة السابقة، ويتم ذلك من خلال مواجهة التحديات بمختلف أشكالها ساعية لبناء عراقٍ خالٍ من الاقتتال والفوضى، عراقٍ خالٍ من الفقر والجهل وتحويله إلى بلدٍ مختلف من حيث البناء والإعمار، متناسين الخلافات القديمة ساعين لخدمة أبناء هذا الوطن العتيق.
أقرأ ايضاً
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- إضحك مع الدولة العميقة
- العراق.. "أثر الفراشة" في إدارة الدولة