- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل تكنلوجيا الجيل الخامس 5G انتجت فيروس كورونا ؟
بقلم: د. حازم جري الشمري
هل تكنلوجيا الجيل الخامس 5G انتجت فايروس كورونا ؟
هل الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة الامريكية والصين قد انتج الكارثة الاقتصادية المقبلة ؟
شبكات الجيل الخامس 5G:
تمثل هذه الشبكات عصب الاقتصاد في القرن الواحد والعشرين بل وعصب المستقبل، أن مستقبل العالم الاقتصادي والدول الكبرى جميعها مرتبط بمستقبل تكنولوجيا الذكاء الصناعي وكل تطبيقاته، التي يعتقد سيكون حجم الاستثمارات في هذه التكنولوجيا في عام2030 حوالي 16 ترليون دولار يعني بقدر اقتصاد الصين والهند مع بعض.
والذكاء الصناعي الذي تحدثت عنه شركة غوغل Google أنه أعظم اختراع وصلت اليه البشرية: وهو الذي سوف يمكن الآلات بالقدرة على التفكير مثل الانسان فهي طفرة عظيمة جداً، وتغيير هائل، وكل هذا يحتاج الى شبكة لكي تستطيع هذه الاشياء الحديثة فيما بينها، فتحتاج الى (داتا ضخمه جداً) لان البيانات تحتاج الى تخزين، وعملية التخزين تحتاج الى شبكة، وكل نشاط في القرن الواحد والعشرين قائم على شبكة وهذه الشبكة هي (الجيل الخامس 5G) ويقول المختصين أنها سوف تقدم سرعة تتعدى سرعة الجيل الرابع 4G بعشرة مرات، ولديها القدرة للاستجابة الفورية، والقدرة أن تربط مليارات الوحدات بعضها مع بعض، أنها قادرة على خدمة 100 مليار متصل، يكون للبشر عبارة عن 7 مليار والباقي 93 مليارعبارة عن اجهزة ترتبط بعضها مع البعض .
والغريب أن أمريكا الدولة العظمى بعيده عن هذه التكنلوجيا بمنعى أن امريكا نامت واستيقظت لتكتشف انه لا توجد شركة واحدة امريكية لديها براعة اختراع أو قدرة على تطوير الجيل الخامس، وأن هذه التكنولوجيا الحيوية جدا موجود لدى دولة منافسة لها بل وتعتبرها عدوها الاول وهي شركة هواوي الصينية HUAWEI.
وهل توجد شركات اخرى غير هواوي؟
نعم توجد هناك شركات اخرى مثل نوكيا NOKIA من فلندا وأريكسون ERICSSON من السويد .
ان الولايات المتحدة الامريكية بدأت تبحث عن حلول لا يمكن تصورها، في عام 2014 فكرت أمريكا بأن يتبنى جيشها تطوير شبكة الجيل الخامس، بما ان القطاع الخاص عاجز عن تطوير هذه التقنيات لكنها تأخرت كثيرا وبدأت تبحث عن البدائل لمقاومة شركة هواوي بكل السبل والى أن تجد حل فأنها تعتمد على المنافسين الأوربيين، لكن المنافسين الأوربيين ما لديهم من تقنيات اغلى واقل كفائه من هواوي، وتحتاج الى وقت طويل من دون هواوي.
أن الولايات المتحدة الامريكية لديها قلق كبير من النمو الاقتصادي لدى الصين لكن هذا القلق احياناً يضيق وينحصر، وفي الآونة الاخيرة تركز على شركة واحده وهي شركة هواوي "HUAWEI" واعتبرتها كابوس للولايات المتحدة الامريكية حيث ابلغت حلفائها أما نحن أو هواوي وتأتي الاجابة الصادمة أن أغلب الحلفاء يختارهواوي أي الصين.
لكن الولايات المتحدة تقول لن اسمح بالدخول الى هواوي ولم تكتفي بمنع هواوي من دخول اسواقها فأن هذا لا يكفي لقتل هواوي أنها تضغط على جميع حلفائها بعدم الدخول الى هواوي وبتسويق منطق معين الى حلفائها وتخبرهم بأن هذه الشركة سوف تدخل بقطاع مهم جداً يمس الامن القومي أي تمكين هذه الشركة من الاستثمارات في بلدانا سوف يمكن الصين من اختراق امننا القومي سواء كانت الولايات المتحدة او حلفائها فيجب استبعادها لأنها تمس امننا القومي .
الصين تقول الى هذه الدول أن الولايات المتحدة غير صادقه في هذا الادعاء انها تريد وقف الصعود الاقتصادي الصيني، هؤلاء الحلفاء يشاهدون الجدل وهم ليسوا مغفلين فهم اكثر اقتناعاً بالموقف الصيني.
لماذا؟
لان الصين تقول لهم اذا كان القلق لديكم من الامن القومي أن لدي ما يدعوكم للطمأنينة، الصين مستعده لتقديم اي ضمانات تضمن امنكم .
ثم طرحت الصين أمراً أخر وهو أن تبيع الصين براءة الاختراع في الاسواق الامريكية، وفي هذه الحالة ستكون لديهم التكنولوجيا في جميع اسرارها وخباياها، فهذا الطرح لم يقبل فيه الامريكان، لكن أقنع الحلفاء بأن الولايات المتحدة مشكلتها ليست أمنية والخوف من التجسس الصيني والسيطرة الصينية، بل المشكلة في الصعود الاقتصادي الصيني .
وهناك مشكلة أخرى عند الأوربيين في حال قرروا الاعتماد على اثنين من الشركات المنتجة للجيل الخامس وهم نوكيا وفي هذه الحالة سوف تتأخر التقنية للوصول الى اوربا سنتين وهو ما طرحه مدير شركة فودافون .
هنا كان موقف الحلفاء واحد تلو الآخر يتجاهل الضغوط الامريكية على عدم التعامل مع شركة هواوي الصينية، فصرح الاتحاد الاوربي انه لا مانع من دخول هواوي مع اخذ جميع الاحتياطات الامنية اللازمة، ثم بريطانيا وهي اقوى حلفاء الولايات المتحدة الامريكية وافقت على دخول شركة هواوي، ثم فرنسا والمانيا وبقية دول الاتحاد الاوربي، ثم دول شرق آسيا بالغة الاهمية، قسم كبير منها وافق ورحب بشركة هواوي ولديهم أسباب مختلفة منها ما قاله مهاتير محمد رئيس وزراء مالزيا السابق، حيث قال: امريكا تنصح بأن العمل مع شركات الصين سوف يعرض بلداننا الى التجسس، ماذا يوجد لدينا في ماليزا لتتجسس عليه الصين، اننا بلد لا ننافس الصين وليس لدينا هذه المخاوف، وسوف افتح الاسواق الى هواوي قدر ما استطيع.
ثم الفلبين الحليف الامريكي رحبت بهواوي أيضا، هذا الموضوع وضع امريكا في مأزق حقيقي فأنها ابلغت أن أي دولة تتعامل مع شركة هواوي سوف ينقطع التعاون معها امنيا واستخباراتيا، فتقول من غير الممكن أن لدي الكثير من الجيوش خارج البلاد واتواصل معهم في شبكة تملكها هواوي وسوف اكون مكشوف امام الصين، وأما دول الخليج وافقت على شركة هواوي ومنها السعودية ومشروع بيوم الذي يعتمد على انترنيت الاشياء والذكاء الصناعي، والامارات تعاقدت مع هواوي على الجيل الخامس.
الاسباب التي دفعت الى تجاهل الحلفاء للولايات المتحدة الامريكية:
1- ان الولايات المتحدة لم تقدم البديل عن هواوي او الجيل الخامس
2- أن شركة هواوي قدمت جميع الضمانات الامنية التي تسعى اليها الدول
3- أذا منعت اي دولة هواوي سوف تدخل في مواجه مع الصين فأنها سوف تمنع شركات الدول الموجودة في الصين .
ثم تزيد الولايات المتحدة من ضغوطها على الحلفاء وتضطر الحلفاء بالاختيار بين الولايات المتحدة وهواوي وعدد متزايد منهم يختار هواوي.
لم تكن المواجهة الاولى امام الصين، والتي كان قبلها قد فشلت الولايات المتحدة الامريكية في دعوة حلفائها بعدم الانضمام الى ( بنك الاستثمار في البنية التحتية الاسيوي ) وهو يمثل البديل الصيني للبنك الدولي، وبدأت الصين بالدعوة للدخول للبنك في 2014 في نفس السنة انضمت اليه خمسين دوله أغلبهم حلفاء لأمريكا رغم الضغط الشديد جدا على هذه الدول أن لا تنظم الى هذا البنك، لكنها فشلت وقبولهم كان لان هذا البنك يقدم لهم ما يحتاجونه بشدة في مقابل عدم وجود بدائل امريكية، وايضا قبلها خسرت الولايات المتحدة امام الصين في مبادرة الحزام والطريق او (طريق الحرير) وضغطت بشكل كبير على حلفائها بعدم الانضمام الى مبادرة طريق الحرير لكن انضم ما يقارب (90) دولة من ضمنهم حلفاء امريكا ومنها قريبة جدا الى امريكا مثل اسرائيل واشتركت بعشرات المشروعات الصينية رغم الضغوط الامريكية عليها وبالأخص ادارة الصين لميناء حيفا رغم قرب الميناء لقاعدة عسكرية تستخدمها الولايات المتحدة، فأن الخسارة امام الصين ليست هذه المرة الاولى التي تخسرها وعلى الارجح انها سوف تخسر معركتها مع هواوي لان الحلفاء يحتاجون الجيل الخامس من التكنلوجيا وليس للولايات المتحدة البديل .
اذا اصرت الولايات المتحدة على عدم التعامل مع هواوي وستستمر في حربها على هواوي فسوف تأخذ مجموعة من الاشكال: الضغط اكثر على الحلفاء ، حرمان شركة هواوي من جميع التقنيات التكنلوجية الامريكية .
وأن هذه السياسة لن تنجح لان الشركات الامريكية سوف تكون أكثر تضرراً، وهذا ما صرحت به شركة غوغل حيث قالت: في حال ضغطتم اكثر في حرمان الصين من منتجاتنا الامريكية سوف تطور الصين البدائل لذلك وسوف ينتج عنه كارثة لنا اكبر.
لذلك بدأت الادارة الامريكية تؤجل ذلك بحيث مستخدمي هواوي في الولايات المتحدة لم يجدو اي مشاكل الى الان، وفي حال اصرت الولايات المتحدة فأنها سوف تعاني والصين ايضا والعالم كله سوف يتضرر أي ما معناه هناك حرب في العالم لكنها على أساس تكنولوجيا فيكون طرفي الصراع هناك (عالم الصين ومن يقبل في تكنولوجياتها) و(عالم الولايات المتحدة الذي ينطوي على نفسه ويرفض الجيل الخامس من الصين) وقد تحاول بناء شبكات متكاملة بكل تفاصيلها بعد سنوات للمعسكر الغربي وحلفائها بعيدا عن الصين .
كأنه خط فاصل بين الولايات المتحدة الامريكية والصين وان هذا تغير عميق جدا لانه سوف يغير من شكل الاقتصاد العالمي الموجود الذي يقوم على الاعتماد المتبادل بين الدول، ان كل دولة تعتمد على دولة اخرى في تكنولوجيا معيّنة، مثلا أن كل سفينة فضاء تطلقها الولايات المتحدة الى الفضاء تعتمد على صاروخ روسي، وتكنلوجيا في الصين تعتمد على امريكا في بعض احتياجاتها والعكس ايضا وهكذا اغلب الدول .
فاذا اصرت امريكا على ذلك سوف يجد العالم نفسه امام خيارات صعبة جدا يتباين الاقتصاد العالمي وتظهر جبهات اخرى للصراع، كما ظهر الان الصراع البيولوجي.
أقرأ ايضاً
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- الإجازات القرآنية ثقافة أم إلزام؟