- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مليارات البصرة في خزانة ترامب
بقلم | مازن الزيدي
تشكل السياسة المالية والاقتصادية احد ابرز مصاديق فشل حكومة العبادي رغم المزاعم المتكررة بشأن نجاحها في مواجهة الازمة المالية التي شهدها العراق منذ ٢٠١٤ حتى منتصف ٢٠١٦.
ويسوق رئيس الوزراء المنتهية ولايته حججه على نجاحه في هذين الملفين باستمرار حكومته بدفع رواتب الموظفين وتأمين استحقاقات الحرب على داعش.
يردد العبادي ومستشاروه هذه المزاعم من دون تقديم اجوبة مقنعة بشأن انخفاض احتياطي البنك المركزي من ٦٦.٧ مليار دولار عام ٢٠١٤ الى ٥١.٥ مليار دولار عام ٢٠١٦، وانخفاضه لاحقا الى ٤٥ مليارا حتى نهاية العام الماضي.
انعدام الشفافية في الملفين المالي والاقتصادي كان سياسة ممنهجة للعبادي وحكومته، انعكست بشكل واضح على ملف الديون الداخلية والخارجية التي ارتفعت من ٧٥ مليار دولار عند تولي العبادي رئاسة الوزراء عام ٢٠١٤ الى ١٢٢.٩ مليار دولار عام ٢٠١٨. ففيما كان العجز المتوقع لموازنة ٢٠١٦ لا يتجاوز ١٢ ترليون دينار، فقد تجاوزت القروض ٢٠ مليار دولار في ذلك العام.
كان مستشارو الحكومة يتحججون بان اغلب القروض الخارجية من الفئة الميسّرة وبفترات سداد طويلة الأمد، لذا فهي لا تشكل خطرا على اقتصاد وثروات البلد.
وبفعل اشتراطات صندوق النقد والبنك الدوليين اتبعت حكومة العبادي سياسة تقشف واسعة تضمنت استقطاعات من رواتب الموظفين وفرض رسوم عديدة على مختلف الخدمات التي تقدمها وزارات الدولة. وبلغت هذه السياسة ذروتها بفتح قطاعات الكهرباء والنفط والصحة والتعليم الى الخصخصة بذريعة "تعظيم ايرادات الدولة".
وفي هذا السياق، فإن احدى وسائل مواجهة الازمة المالية التي لجأت اليها الحكومة، هي طرح سندات داخلية وخارجية بقيمة ٦ مليار دولار. ولم يتمكن العراق من بيع اكثر من مليار دولار من سندات خارجية بقيمة ٢ مليار دولار رغم الضمان الامريكي لهذه السندات. اما السندات الداخلية فتم فرض قسم كبير منها على المقاولين والفلاحين والمصارف مقابل الديون المستحقة على الدولة.
وطيلة فترة ولايته كان رئيس الوزراء يعلق الازمات التي واجهت حكومته، واخرها ازمة الخدمات في البصرة، على شماعة الضائقة المالية وانخفاض اسعار النفط.
لكن احدث تقارير الخزانة الامريكية، الذي صدر في تموز الماضي، كشف عن مفاجأة مدويّة فيما يتعلق بوضعنا المالي. اذ اشار التقرير الى ان العراق حلَ بالمرتبة الرابعة عربيا بشراء سندات امريكية بقيمة ٢٤ مليار دولار حتى الشهر الماضي. إلاّ ان المفاجأة الاقوى كانت تلك التي كشفها البنك المركزي من ان شراء السندات ارتفع بمعدل ٩ مليار دولار قياسا العام الماضي. بمعنى ان الحكومة التي تشكو ازمة مالية وتواصل الاقتراض الخارجي وتطرح سندات دولية، اشترت سندات امريكية قبل العام الحالي بقيمة ١٥ مليار دولار، ولم تكتف بذلك بل اشترت هذا العام سندات بقيمة ٩ مليارات.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تشتري حكومة تعاني عجزا ماليا يؤثر ـ بشكل واضح وملموس ـ في نفقاتها واحتياجاتها الضرورية، وتجبر على اغراق نفسها بديون طائلة، لكنها في الوقت ذاته تقوم بشراء سندات يصعب تحويلها الى سيولة نقدية عند الحاجة، كما يتعذّر سحبها ان تطلب الامر؟ ولا ننسى مخاطر التجميد والمصادرة التي ستتعرض لها هذه الاموال العراقية في حال تعكّر العلاقة مع الادارة الامريكية لاسيما في ظل ادارة ترامب.
السؤال الآخر الذي يطرح في هذا الصدد، يتعلق بالجهة التي اتخذت مثل هكذا قرار، والسبب وراء اتخاذ مثل هذا القرار، ولماذا تم التكتم على ذلك طيلة الاعوام الماضية، حتى تم كشفه بواسطة الخزانة الامريكية ذاتها.
فهل سيواصل رئيس الوزراء وفريقه الاقتصادي، والتالي التبجح بنجاحات وهمية في ظل انعدام الشفافية الذي تم تكريسه طيلة السنوات الاربع الماضية؟
أقرأ ايضاً
- أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
- أيهما أقل ضرراً: ترامب أم بايدن؟
- إقامة سد في البصرة ما بين الاهمية والمعوقات