
يستمر الحديث حول تعديل قانون الانتخابات، لاسيما مع تحديد المفوضية موعد إجراؤها، إذ أكدت جهات سياسية، اليوم الأربعاء، غياب التوافق السياسي حول تعديل القانون، مشيرين أن التعديل سيخضع لهيمنة الزعامات وفق مصلحتها الحزبية والشخصية.
وكان رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، من أبرز الداعمين لتعديل قانون الانتخابات، وطالب بأن يعود للدوائر المتعددة، لكنه في 30 كانون الأول 2024، اكتفى بالتأكيد على أن تعديل القانون سيطرح في البرلمان بعد انتهاء عطلته التشريعية، دون أن يبين أي موقف تجاه طبيعة الدوائر التي يطالب بها.
وقال النائب هيثم الفهد، إن “تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، لم يطرح بشكل رسمي داخل البرلمان ولجانه المختصة لغاية هذه اللحظة بشكل رسمي، وما يجري بشأن التعديل هو مجرد حوارات تحت الطاولة ما بين الزعامات السياسية فقط”.
وأضاف أن “هناك زعامات سياسية تريد تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، ونتوقع وفق هذه الرغبة ان التعديل سيكون قريب، وهذا الامر بيد (الزعامات)، لكن نعتقد سيكون هناك تعديل وهذا التعديل اكيد سوف تمرره بعض الزعامات وفق ما تريده ووفق مصلحتها الحزبية والشخصية”.
ومطلع الشهر الجاري، عقدت الرئاسات الثلاث، اجتماعاً بحثت فيه جملة ملفات، أبرزها كان الاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية لسنة 2025 ووجوب توفير المستلزمات اللوجستية والفنية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وفي يوم 13 كانون الثاني الجاري، صوت مجلس النواب خلال جلسته الاعتيادية، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وذلك بعد أن قرر القضاء العراقي، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية الدورة الحالية لمدة سنتين.
إلى ذلك، أكدت النائب عن تحالف الفتح مديحة الموسوي، وجود انقسام نيابي وسياسي كبير بشأن تعديل قانون انتخابات البرلمان العراقي.
وقالت الموسوي، إن “الانقسام النيابي والسياسي ما زال سيد الموقف بشأن تعديل قانون انتخابات البرلمان العراقي، فكل جهة تريد أن يكون القانون بحسب مصالحها الحزبية والانتخابية وكذلك بعض النواب، وهذا ما سيعرقل إلى التعديل على القانون”.
وأشارت إلى أن “تعديل القانون يجب أن يجهز ويصوت عليه مجلس النواب، قبل أشهر من موعد الانتخابات، حتى تكون المفوضية جاهزة للعمل وفق القانون الجديد والمعدل، وتأخير هذا التعديل بسبب الخلافات السياسية، سيدفع نحو الإبقاء على القانون دون أي تعديل، وهذا ما نتوقعه سيحصل على الأغلب”.
وكان أمين تيار الحكمة في ديالى، فرات التميمي، كشف في 18 كانون الثاني الجاري، عن وجود ثلاث رؤى سياسية لتغيير القانون، مشيراً إلى أن “الأكثر ترجيحاً هو مقترح الدوائر الانتخابية لكونه يحد من استغلال السلطة في العملية الانتخابية ومن تأثير المال السياسي”.
وقدم النائب عامر عبد الجبار، مقترح قانون “الحوافز الانتخابية” موقعاً من عشرة نواب، إلى رئيس البرلمان، الذي وافق بدوره على المقترح وأحاله إلى اللجنة القانونية.
ونصّ مقترح القانون على أن يُمنح الموظفون من المدنيين والعسكريين المشاركون في التصويت كتاب شكر مع احتساب خدمة إضافية لمدة ستة أشهر، أما المواطنون الذين يشاركون في الانتخابات ويدلون بأصواتهم فستُمنح لهم الأولوية في التعيين ضمن الوظائف الحكومية.
ويشمل المقترح منح كل مُصوّت من المشمولين بالالتزامات الضريبية من العاملين في القطاع الخاص بمختلف القطاعات إعفاءً ضريبياً يصل إلى مليون دينار عراقي للمشاركين في التصويت مما يخفف العبء المالي عليهم، وبالنسبة للمواطنين المشمولين بدفعات الضمان الاجتماعي المقدمة من وزارة العمل، فسيتم منحهم أولوية في إنجاز معاملاتهم الرسمية في الوزارة.
وكان عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، أكد في 14 كانون الثاني الجاري، أن “الحديث عن نية مجلس النواب تعديل قانون الانتخابات لا يتعدى كونه تصريحات فردية وليس له وجود داخل المجلس أو اللجنة القانونية النيابية لغاية الآن”، مبينا أن “اللجنة لم يصل لها أي مقترح حول ذلك، وبحال وجود قرار سياسي أو اتجاه للتعديل، فبالتأكيد سيمر عبر اللجنة القانونية أولا، ثم يتم رفعه لرئاسة البرلمان ليوضع على جدول الأعمال”.
وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.
وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.
وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.
وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.
وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 آذار 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.
يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار 2023 بحضور 218 نائبا على قانون “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018”.
وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.
يذكر أن مجلس النواب، صوت في جلسته 14 كانون الثاني الجاري، على تمديد عمل مفوضية الانتخابات بعد أن أنتهت مدتها الدستورية، وذلك بعد أن أصدر مجلس القضاء الأعلى، قرارا بتمديد عمل المفوضية، قبل ذلك بأيام.
أقرأ ايضاً
- زيدان يؤكد عدم شمول الإرهابيين بقانون العفو العام
- القضاء: قانون العفو لا يشمل مرتكبي جرائم اختطاف وسبي الإيزيديات
- لجنة برلمانية: تعديلات الموازنة اقتصرت على المادة الخاصة بكلفة استخراج نفط الإقليم