- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
فاعلية استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال القضاء
![](https://non14.net/https://www.non14.net/public/index.php/images/large/8-1738137922.jpg)
بقلم: د. وادي حسين موسى
شهد العالم في العقود الأخيرة تطورا كبيرا في مجال تكنولوجيا المعلومات أدى الى تطور كبير في مجال البيانات الرقمية وابرزها الذكاء الاصطناعي والذي يعد عالم واسع الاهداف وذات مهام محدده, ويمكن تعريفه بانه (العلم الذي يسعى نحو انتاج آلة او انظمه ذكيه لها قدرات شبيهه بقدرات العقل البشري), ويحتوي الذكاء الاصطناعي على تقنيات تحاكي سلوك البشر وتقوم بالمهام التي يتم تنفيذها بشكل تقليدي مع العامل البشري من خلال تزويد الرجل الالي بخوارزميات يتم تغذيتها بالعديد من العلوم التي يوكل الرجل الالي بمهامها, إذ انه من الصفات الهامه للآلات الذكية هي القابلية على تعلم من الخبرات السابقة والقدرة على محاكاة السلوك البشري.
وفي مجال القضاء بدأت العديد من الدول الاستعانة بالذكاء الاصطناعي من خلال الروبوتات التي تساعد القاضي في مجال الحصول على المعلومات القانونية بشكل السريع, و يؤدي الذكاء الاصطناعي دورا هامه في مجال التقاضي ومن المحتمل ان يستمد دور الذكاء الاصطناعي في مجال التقاضي بشكل واسع من خلال اعداد منظومه الكترونيه ذكيه متكاملة للحيلولة دون بطئ اجراءات التقاضي وايجاد الحلول اللازمة نحو تطوير منظومه القضاء والعدالة من خلال الذكاء الاصطناعي, اذ اثبت الذكاء الاصطناعي من خلال تطبيقه في العديد من الدول ومن ضمنها (الصين واستونيا وكندا وماليزيا وقطر وغيرها..) قدرته على انجاز المهام التي تتطلب ذكاء بشري وقد ساهم في تطوير الأنظمة القضائية واستطاع فعلا ان يحل محل الكوادر البشرية في بعض الخدمات.
كمال لابد من الإشارة الى تساؤل هام في هذا الخصوص الا وهو :هل يمكن ان يؤدي القاضي الاصطناعي الذكي دور القاضي البشري؟
للإجابة على هذا التساؤل لابد من بيان نقطه هامه في هذا الخصوص الا هو ان القاضي الاصطناعي الذكي لا يمكن ان يحل محل القاضي البشري لأنه العدالة ليست مساله رياضيه او معادلات بل تتطلب حس انساني ومرونة في التفسير, اذ ان القضاة يعتمدون فضلا عن النصوص القانونية عن القيم الإنسانية مثل الرحمة والنزاهة والتقدير الشخصي لكل قضيه وهذه الصفات لا يمكن برمجتها بسهوله داخل خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
هذا وعلى الرغم من ان ادراج الذكاء الاصطناعي في مجال العدالة يساعد على جعل نظام التقاضي اكثر سرعه وفاعليه الا انه الإشكالية تتمحور حول ما اذا كانت الاحكام والتطبيقات التي تصدر من القاضي الاصطناعي الذكي سليمه من ناحيه الاخلاقيات القانونية, اذ يجب ان يخضع الذكاء الاصطناعي في المحاكم للرقابة الأخلاقية ويجب التركيز على البعد الاخلاقي لمنح الخوارزميات التي تحاكي السلوك البشري صلاحيات التأثير على قرار المحاكم لأنه يجب ان تكون هنالك مبادئ معينه تحكم الرقابة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي, ومن اهم تلك المبادئ هي ان يتسم الذكاء الاصطناعي بالشفافية وان يكون خاضع على التحكم البشري المطلق اذ يجب ان تكون القرارات التي يتخذها الذكاء الاصطناعي في مجال محاكم في متناول البشر وقابلة للتدقيق بواسطه البشر.
ولكي يتم تطبيق نظام الذكاء الاصطناعي في مجال القضاء يجب توفير متطلبات اساسية سواء أكانت تشريعيه او فنيه او حتى بشريه حتى يتسنى تحقيق الغاية من تطبيقه, اذ يجب ان يتم إقرار قانون او نصوص تشريعيه تنظم عمل الروبوتات التي تعمل في مجال التقاضي من حيث مشروعيه عملها والمسؤولية المترتبة عن ما يصدر منها من اجراءات و يتعين توافر نصوص تشريعيه تسمح للقاضي الاصطناعي من اتمام اجراءات التقاضي عن طريق الذكاء الاصطناعي وكذلك فان القاضي البشري لا يستطيع استخدام الذكاء الاصطناعي في ادائه لعمله الا اذا كانت هنالك تنظيم تشريعي يسمح له بذلك, ومن جانب اخر فان تطبيق الذكاء الاصطناعي يتطلب العديد من المتطلبات الفنية والبشرية من خلال توفير الأجهزة والمعدات الفنية والفنيين والمختصين في المجال التقني الذين يشرفون على عمل هذه الأجهزة, اذ يجب ان يكونون على دراية وخبره كافيه بالأعمال والبرامج الحاسوبية وتقنيات الذكاء الاصطناعي وكيفيه التعامل معها.
واخيرا نرى ان تقنيه الذكاء الاصطناعي مهما اخذت من دور واسع في مجال القضاء لا يمكن ان تؤدي الدور الذي يؤديه القاضي البشري, اذ يبقى القاضي البشري هو القادر على تقدير التقديرات الإنسانية التي يصعب على الآلات فهمها, اذ اننا لا ننكر الدور الهام الذي يؤديه الذكاء الاصطناعي في مجال القضاء من خلال مساعده القاضي البشري بالتنبؤ ومده الفصل في القضايا المعروضة امامه والمدة الزمنية التي تستغرقها القضية من بدؤها حتى الفصل فيها وبيان الاحكام التي سبق وان اصدرتها المحاكم في قضايا مشابهه مع قضيه المعروضة امام القاضي واطلاع القاضي البشري فيما اذا كانت هناك سوابق القضائية او تكرار للفعل الجرمي, لكن من المستحيل ان يحل القاضي الاصطناعي الذكي محل القاضي البشري في اتخاذ القرارات القضائية النهاية, اذ يجب ان يبقى القضاء في يد الانسان مع اختصار مهمه الذكاء الاصطناعي على دقه وفعالية العمل القضائي و ان يبقى القاضي البشري هو القادر على تقدير التعقيدات الإنسانية التي يصعب على الآلات فهمها وانه من الضروري ان تتخذ القرارات القضائية من قبل الانسان ويبقى القضاء بيد الانسان مع استخدام آلات الذكاء الاصطناعي كأداة لتعزيز وفاعليه ودقه العمل القضائي.
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي بين الإبداع والكسل البحثي
- الذكاء الاصطناعي الصيني يثير مخاوف كبار مستثمري التكنولوجيا
- التعليم العالي في الدول العربية امام تحديات وفرص الذكاء الاصطناعي في عام جديد