ما نشاهده من إعمار وصيانة وخدمات وتنظيم دقيق للأقسام واللجان والشعب التي تأخذ على عاتقها تقديم الخدمات للزائر الكريم في أجواء روحية ومادية هادئة وهانئة، تتطلب ميزانية ضخمة لتحمل تلك المسؤولية الكبيرة التي هي إضافة إلى كونها مهنية تتطلب المزيد من الروحانية والولاء لأهل البيت عليهم السلام وعلى رأسهم صاحب السفينة الأوسع والأسرع الإمام الحسين عليه السلام، ومن هنا فإن بعض الأسئلة قد تترى في ذهن المواطنين عن كيفية إدارة ومراقبة أموال شباك الإمام الحسين (عليه السلام) وبهدف التعرف أكثر أجرى(موقع نون ) حوارا خاصا بهذا الشأن مع المشاور المالي في العتبة الحسينية المقدسة الأستاذ حسن رشيد جواد للإفاضة في هذه المسألة..
س / بداية ماهي الالية المتبعة في إدارة الاموال ومراقبتها في العتبة الحسينية المقدسة ؟
يوجد في العتبة الحسينية المقدسة جهاز مالي يتكون من قسم الشؤون المالية وقسم التدقيق المسؤولَين عن متابعة إجراءات التوثيق المالي والتدقيق والرقابة والضبط الداخلي و التي تعتبر من وسائل التدقيق والإثبات كأدلة موضوعية لمواجهة أية أسئلة من قبل أية جهة رسمية كديوان الوقف الشيعي او أي جهة مهنية مخولة رقابيا كمجلس مهنة مراقبي الحسابات المرتبط بالأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وتابع جواد: انطلاقاً من ذلك كانت البداية والتركيز على موضوع تدفق الأموال في العتبة الحسينية المقدسة ابتداءً من فتحة الشباك المقدس وتعبئة الأموال وتوثيقها بعمليات إدخال وإخراج وإيداعها في المصارف الحكومية بحيث تكون هذه الإجراءات مغلقة ولا تسمح لأحد أن يتلاعب بمقدار يسير في أموال سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) ومرورا بعمليات صرف الأموال وانتهاءً بصدور الحسابات الختامية..
مبيناً إن مجلس الإدارة هو الجهة المسؤولة عن رسم السياسات ووضع البرامج ومراقبة الأموال والتوجيه والإشراف ،وأكد جواد: إن المجلس خول بدوره سماحة الأمين العام للعتبة المقدسة بصلاحيات الصرف والتوجيه لتنظيم ومراقبة الأموال..
س/ هل يتم مراعاة المعايير المحاسبية الدولية في إجراءات حفظ وصرف أموال الشباك المطهر؟
ج/ حقيقة تم وضع الجانب التنظيمي بعد إجراء مسح كامل في بداية 2004 للحسابات الموجودة في العتبة وصممنا نظاما يتلاءم مع المعايير المحاسبية الدولية من خلال الجمع بين هذه المعايير والأحكام الشرعية، واصفاً هذا العمل بأنه فريد من نوعه وأثار انبهار بعض الجهات كديوان الوقف الشيعي على حد تعبيره.
وتابع جواد: انه تم الأخذ بنظر الاعتبار جميع المواضيع التي تتعلق بالأحكام الشرعية موعزاً ذلك إن جميع إجراءاتهم المحاسبية تضفي عليها الصفة المهنية بأطر شرعية ولا يترك هذا النظام أية شاردة أو واردة صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها وسجلها ويتصف هذه النظام بالكفاءة وتشخيص مواطن الخلل والقصور والتلاعب إن حدثت لا سمح الله .
س/ ما هي قواعد ومعايير التدقيق والرقابة المالية المعتمدة في العتبة المقدسة ؟ وهل هنالك استثناءات لإجراءات الضبط الداخلي والتدقيق في الجهاز الرقابي لديكم ؟
ج/ إن قواعد ومعايير التدقيق المتبعة في العتبة المقدسة تختلف عن المعايير المتبعة في الدولة بسبب الخصوصية الشرعية والاستقلالية لأسباب عديدة تقتضيها مصلحة العمل، ففي الزيارات المليونية بعض الأوامر تصدر شفوياً من الأمانة العامة للعتبة أو عن طريق الهاتف لشراء احتياجات معينة أو تأمين مواد غذائية للزوار، وهنا لا نستطيع تلبية احتياجات الزائر وتوفير أجواء الزيارة إذا اتبعنا هذه الإجراءات المتبعة في الدولة؛ مما يعكس صورة سلبية عن أداء الخدمات والبرامج التي تصب في خدمة زوار الإمام الحسين (عليه السلام) لأن محور عملنا هو خدمة الزائر الكريم وبصورة عامة فإن إجراءات التدقيق ضمن الاطار العام لقواعد ومعايير الرقابة والتدقيق المقبولة والمتعارف عليها. كما ان هنالك استثناءات لبعض عروض الأسعار خصوصا في المشاريع الهندسية فعلى سبيل المثال: حصل مع العروض التي قُدمت في شراء ثريات تسقيف الحرم المطهر، حيث قدمت عروض خيالية وشكلت لجنة بهذا الخصوص تم على أثرها السفر الى الغرب وشراء ثريات بنصف الأسعار التي قدمت إلينا وبمواصفات وجودة عالمية من المنشأ الأصلي..لذلك فإن بعض عروض الأسعار التي تقدم إلى العتبة قد تكون غير صحيحة وأحيانا مضللة فضلا عن ان الادارة غير ملزمة بأوطأ الاسعار حيث نبحث عن أفضل المواد والاحتياجات الموجودة في السوق ولهذه الأسباب قد نستثني عروض الأسعار عند قناعة وموافقة مجلس الإدارة ..
س/ ماهي إجراءات الضبط الداخلي المتبعة في العتبة المقدسة عند الشراء وتوفير الاحتياجات ؟
ج/ يتم رفع تلك الطلبات إلى مكتب الأمانة العامة ويوعز الأمين العام بدوره إحالة هذه الطلبات الى قسم المالية للتحري عن وجود هذه الطلبات في مخازن العتبة حفاظاً من هدر الأموال، أما الطلبات غير الموجودة يتم شراؤها من الأسواق بعد المصادقة على الشراء وتحال الى لجنة المشتريات..لافتاً الى إن العتبة تتبع أسلوب اللجان لأنه عملي ومهني لا يسمح بأي تلاعب لا سمح الله وتكون عادة هذه اللجان فردية.
بعد إحالة الطلب الى لجنة المشتريات تراعي هذه اللجنة أفضل الأسعار وجودة المواد وبعد توريد هذه المواد من قبل لجنة المشتريات تحول إلى لجنة الفحص والاستلام للتأكد من الجودة والكمية والمواصفات سواء في موقع العمل او قبل ادخالها المخازن من خلال هذا يتضح إن هذه اللجان تعمل بصورة مستقلة وتعتبرسلسلة من حلقات الضبط والرقابة الداخلية .
س/ بعد هذه العملية الرصينة هل هنالك إجراءات أخرى تتبعونها ؟
ج/ بعد هذه العملية الدقيقة يأتي دور قسم تدقيق المعاملات، حيث يتأكد هل هي مستوفية للشروط وهل هي موثقة بشكل صحيح؟ وقد يعترض على ذلك مثلاً بسبب عدم وجود عروض أسعار او بعض الاجراءات فتعرض على الأمين العام حيث يحيلها إلى لجنة أو إلى المشاور المالي لإبداء الرأي والبت في الموضوع ..
مبينا هنا إن من الأساليب التي يتم التعامل بها أسلوب الاستيضاح بالتحدث مع الجهة التي قامت بالشراء بدون عروض، ونستفسر بخصوصها ونستبين إن كان هنالك مصدر واحد يتفرد بالمنتج أو لا ليتبين الأمر وبصورة عامة فإن إجراءات التدقيق والرقابة المتبعة ضمن الإطار العام لأصول التدقيق.
ثم المرحلة الأخيرة استناداً إلى قانون إدارة العتبات الذي أوعز المهام الى مجلس الإدارة ومن ضمنها إقرار الموازنات التخطيطية والاستثمارية والمصادقة على الحسابات الختامية والمقصود بها الميزانية، واستناداً الى مادة إقرار الحسابات الختامية كلف مجلس الإدارة مراقب حسابات بدرجة دكتوراه في المحاسبة من الذين يتصفون بالكفاءة والنزاهة يقوم بدوره بتدقيق الحسابات كمصدر رقابي خارجي، وإصدار الميزانية حيث صدرت أول ميزانية للعتبة الحسينية المطهرة في عام 2004 وتباعاً ستصدر بقية السنوات.
موضحاً إن سياسة العتبة لا تهدف الى تحقيق مردود اقتصادي بل الهدف هو نشر الثقافة وتعاليم أهل البيت (عليهم السلام) وتقديم الخدمات لزوار العتبات وتوعيتهم دينياً فهناك بعض التوجيهات التي تصدر من سماحة الأمين العام فيها من العِبر والدروس والمواعظ حيث يؤكد سماحته إن الحكمة من شراء وبيع الكتب ومشاركتنا في معارض الكتاب لا يهدف الى تحقيق مردود اقتصادي إنما هو لنشر وبث ثقافة وفكر أهل البيت (عليهم السلام) كما في إصدارات العتبة كمجلة \"الحسيني الصغير\" التي تهدف إلى بناء وتنشئة جيل على أسس تربوية ودينية سليمة لذلك تباع بسعر مدعوم أو توفير خدمات النقل بأسعار مناسبة ليتواصل المؤمنون مع بقية المراقد المقدسة والمزارات الشريفة .
س/ هل تراعون بعض الأسس والأحكام الشرعية في إجراءات الرقابة والتدقيق؟
ج/ نعم من ضمن الأسس التي نراعيها في تقييم إجراءات التدقيق هي مخافة الله سبحانه وتعالى ودرجة الايمان والولاء المطلق لأهل البيت (عليهم السلام ) عند التعامل مع المنتسبين في تدقيق ومراقبة الاموال حيث يشكل عاملا مهما نراعيه في إجراءات التدقيق والضبط والرقابة الداخلية ويراعيه أيضا مراقب الحسابات للعتبة المقدسة؛ لذلك نتخطى أحيانا بعض الإجراءات الروتينية التي قد تؤدي إلى تأخير العمل وفقا لهذه المفاهيم الدينية والشرعية..
س/ هل رواتب المنتسبين جميعها من شباك الإمام ( عليه السلام) ؟
ج/ الموارد التي يتم تجميعها من الشباك المقدس لا تكفي بنسبة 20% لتمويل النفقات التشغيلية والرأسمالية، إنما يتم توفير رواتب منتسبي العتبة من الدعم الحكومي من خلال المنح السنوية على ضوء التقديرات التي تقدمها العتبة إلى الوقف الشيعي وهذا ليس للعتبة الحسينية المقدسة فقط بل لجميع العتبات مع تفاوت نسبة المنحة حسب حجم ومساحة النشاط والتشغيل الموجود في العتبات المقدسة والمزارات الشريفة، وتقدم هذه المنحة من قبل وزارة المالية وفق إجراءات الموازنة الاتحادية للدولة.
س/ الميزانيات المالية للعتبة متأخرة فما السبب في ذلك ؟
ج/ بَين تشكيل مجلس الإدارة وبين التدقيق أخذت الميزانيات وقتاً طويلاً، بين صدور قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشريفة رقم (19) لسنة 2005 وبين تشكيل مجالس الإدارة في 2006 وبعد التثبت من القناة الرسمية من خلال ديوان الوقف الشيعي للعتبات بدأنا بتكليف مراقب حسابات بتدقيقها وإصدار الميزانيات تباعاً..والآن ميزانية 2004 صدرت و 2005 تم تصديقها وخلال هذا العام بمعدل كل ثلاثة أشهر ستصدر ميزانية بحيث تتواكب مع 2010 وهذا الجهد صادق عليه ديوان الوقف الشيعي وذهبت نسخة من هذه الميزانية إلى المرجعية الحكيمة واحتفظ مجلس المهنة لمراقبي الحسابات بنسخة منها، وهذا الإجراء لا يعطي الفرصة لأي جهة ما بالطعن بهذه الميزانية ..
س/ ما هو الإطار الشرعي الذي أدخلتموه في إعداد حسابات العتبة ؟
ج/ تيمنا وتخليدا لهجرة الرسول محمد صلى الله عليه وآله تم إصدار أول ميزانية 2004 وقد تم عرض بنودها وفقا للتأريخ الهجري أما على مستوى استخدام المصطلحات المحاسبية المتعارف عليها في القطاع الخاص أو الدولة هناك حساب يسمى رأس المال، وفي العتبة لا يوجد رأس مال بل توجد لدينا حقوق شرعية موقوفة، فعوضاً عن رأس المال تم استخدام حقوق الملكية الموقوفة ثم تم تحسين هذا المصطلح الى (حقوق الإمام الحسين (عليه السلام)) والتي تمثل رأس المال، وهذا غير مطروق سابقاً لا على مستوى العتبات ولا على مستوى أية مؤسسات دينية في العراق أو خارجه.
وما يتعلق بقائمة الدخل المسماة في القطاع الخاص بحساب (النتيجة) أو الأرباح والخسائر فإن العتبة تتبع طريقة الاستحقاق النقدي في عرض قائمة الدخل حيث لا يوجد مردود اقتصادي لأن العتبة لا تهدف إلى تحقيق أرباح فهناك موارد نقدية وعينية سنوية حيث يتم خصم ما تم إنفاقه على نشاطات العتبة الشرعية خلال السنة والفائض من هذه الاموال يقفل ويُرحل الى حساب الإمام الذي نطلق عليه حقوق الإمام الحسين (عليه السلام).
س/ موضوع الرأي العام واللغط الذي يدار في الشارع بهذا الشأن ما هي ردودكم عنه؟
ج/ نعم هنالك لغط حاصل من قبل بعض المواطنين وفي الشارع يدعو الى الريبة ولا يتحلى بأية مصداقية، وتمنى جواد على من يثير هذه الضغائن إن يقابل أصحاب الشأن ويتحرى عن كيفية إدارة الأموال ومراقبيها في العتبة الحسينية المقدسة بالأدلة والوثائق وان لا يثير أي كلام في الشارع دون أن يقابل من له علاقة بالموضوع، ناهيك عن اتصاف المحاسب بالأمانة والحيادية والإفصاح، ولا نعتقد انه بحاجة أن يتخلى عن سمعته وهو بحضرة الصحن الشريف في إدارة أموال الإمام الحسين (عليه السلام) واعتقد إن النظام المالي الذي أسلفنا الحديث عنه لا يسمح بارتكاب أي قصور أو خلل.
مؤكداً إن هنالك عيوناً وصفها بالساهرة على أموال الإمام ( عليه السلام) وإن العتبة توجد بها نخبة صادقة وأمينة مختارة من المرجعية الحكيمة..
س/ البعض يقول إن هناك نوعا من التبرعات والنذور يثار حولها الشبهات تعمل على جر العتبة الى أطراف سياسية فما هو قولك بهذا الشأن؟
ج/ حقيقة ما يتعلق بتدفقات الأموال النقدية أو العينية كما وضحنا تأتي إما عن طريق المنحة أو نذور الزوار، وإدارة العتبة لا تمتنع عن قبول ذلك، ولا يمكن أن ترفض النذور مطلقا حيث قد يترتب عليه آثام من الناحية الشرعية؛ ولكن في نفس الوقت لا يمكن قبول أي نذر أو منحة لاسيما إذا كان يترتب عليها أمر سياسي أو قد يوهن من مكانة العتبة، وهنا إدارة العتبة ترفض مثل ذلك النذر كالذي يأتي من بعض المنظمات أو الدول المجاورة الصديقة أو القريبة مبينا إنه تم رفض تبرع مشروع خدمي بكلفة عالية وطلبوا منها تخصيص قطعة ارض، وكان قرار مجلس الإدارة رفض هذا المشروع واعتذر عن قبوله لأنه بعد المداولة والتحليل كان لدى المجلس شعور بأن المشروع له أبعاد أخرى لا تنسجم مع برامج العتبة الشرعية، مؤكداً إن مجلس الإدارة تأتيه على الدوام مثل هذه المشاريع ولكنه يرفضها، ولا يخضع لأية ضغوط داخلية أو خارجية..
حاوره / حسين النعمة
أقرأ ايضاً
- تصل الى (29) تخصص في اربع فروع العتبة الحسينية: الاعدادية المهنية للبنات تدرس (5) اقسام الكترونية علمية
- تستقبل طلابها في العام المقبل :العتبة الحسينية تُشـّيد جامعة تقنية تضم معاهد واقسام نادرة في العراق
- بدعم كامل من العتبة الحسينية المقدسة اجراء (1701) عملية جراحية خاصة ضمن برنامج الاستقدام والاخلاء الطبي