حجم النص
تعتبر الثورة الفرنسية 1789 مفتاح الثورات في عرنا الحديث وذلك نتيجة الاثار التي تركتها على حياة الانسانية فهي ثورة ذات مفاهيم اخلاقية واجتماعية وسياسية غنية يدين لها العقل والفكر والحضارة الانسانية اليوم، الثورة الفرنسية وقيمها الاخلاقية وفضائلها كانت هي الامسية التي اقامها نادي الكتاب في كربلاء يوم الاربعاء المصادف 16/3/2016، استضاف نادي الكتاب في هذه الامسية الباحث الاستاذ باسم عبد عون فاضل ليحاضر عن هذه الثورة وموضوعها الذي تجشم الكثير من مثقفي كربلاء للحضور والاصغاء إليه، فقبل بد الباحث الدخول مباشرة في موضوعة الثورة الفرنسية اطل إطلالة سريعة على مفهوم الثورات من حيث الدلالات والمعاني والنتائج ذكر إن موضوع الثورة والثورات تناولها الكثيرين وكلا حسب متبنياته الفكرية او إلايديولوجية. فعرج على من تناولها للدلالة على تغييرات فجائية وجذرية تتم في الظروف الاجتماعية والسياسية، أي عندما يتم تغيير حكم قائم وتغيير النظام الاجتماعي والقانوني المصاحب له بصورة فجائية، وأحيانا بصورة عنيفة. وايضا عرفها بتلك التغييرات الجذرية في مجالات غير السياسة كالعلم والفن والثقافة. وتطرق الى موسوعة علم الاجتماع التي عرفتها بأنها:"التغييرات الجذرية في البنى المؤسسية للمجتمع، تلك التغييرات التي تعمل على تبديل المجتمع ظاهريا وجوهريا من نمط سائد إلى نمط جديد يتوافق مع مبادئ وقيم وإيديولوجية وأهداف الثورة، وقد تكون الثورة عنيفة دموية، كما قد تكون سلمية، وتكون فجائية سريعة أو بطيئة تدريجية. ميز كذلك الحسناوي بين الثورة مفهوم الثورة وبين عدد من المفاهيم الأخرى منها: الانتفاضة والانقلابات العسكرية والحركة الاجتماعية وفك ذلك الخلط بينهما لان الثورة كما ذكر تغيري شعبي جذري وشامل وهذا مايختلف عن الانقلاب العسكري فالانقلاب هو انتقال السلطة من يد فئة قليلة إلى فئة قليلة أخرى تنتمي إلى نفس الفئة الأولى التي كانت تسيطر على الحكم أو على الأقل تشبهها، والانقلابيون دائما ما يحاولون إعطاء الشرعية لحركتهما من خلال القول أنها ثورة نابعة من الإرادة الشعبية وتسعى لتحقيقها،ويكون باستخدام وسائل العنف الرسمية دون إحداث تغيير في وضع القوة السياسية في المجتمع أو في توزيع عوائد النظام السياسي أي انه تغيير في أوجه حال الحكام دون تغيير في أحوال المحكومين والانقلاب نوع من أنواع التمرد. وفرق بين الثورة والحركة الاجتماعية، ونوه الى ان الحركة الاجتماعية هي قيام او نشاط مجموعة من الأفراد لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف المشتركة بين أعضائها و قد يكون معناها أكثر تحديدا ليدل على الجهد الذي يتجه نحو تعديل أو ابدال أو هدم نظام اجتماعي قائم. إما تميز الثورة عن الانتفاضة فان الانتفاضة تمتد لفترة زمنية أطول عكس الثورة ذات التغيير السريع وهذا التمييز بين الثورة والانتفاضة والبعض يصف الانتفاضة بالثورة الفاشلة. في النهاية استخلص ان الثورة هي: "حدث مفاجئ يؤدي إلى تغيير راديكالي يقطع الصلة بالماضي ويؤسس لنظام يلبي مطالب الثوار والذين هم الشعب وليست نخب متصارعة في بنية النظام". تطرق كذالك الى خصائص الثورة وبينها بالاتي:- • الثورة تمثل قطاع أكبر من المجتمع ضد فئة أصغر، وغالبا ما تكون هذه الأخيرة هي المستحوذة على القوة السياسية والاقتصادية. • تقوم الثورة على الحلول الجذرية وترفض حلول الإصلاح لأنها في الأصل تغيير راديكالي يقوم ويرتكز على راديكالية المطالب. • إن تغيير الثورة يشمل كذلك نسق القيم والمعتقدات بما يتلائم والمرحلة الجديدة. • من خصائص الثورة أنها تتكرر كما أنها سريعة الانتقال بين المجتمعات وعبر الدول، والتاريخ خير شاهد على موجات المد الثوري في العالم. وتناول ايضا أسباب الثورات وذكر أنها كثيرة ومتعددة كما هو الحال عند تناول اسباب الارهاب،أرسطو في مؤلفه الشهير "السياسة" حيث يعتقد أن أسباب قيام الثورة تعود إلى عدم المساواة. و رجع أسباب قيام الثورة إلى عنصر أساسي وهو عدم الرضا عن الوضع القائم وقد اعتبر هذا العلة العامة التي تهيئ النفوس للثورة.وايضا العوامل الاقتصادية ومن ابرز المنادين بهذا نجد سان سيمون و كارك ماركس وكل اليساريين، إذ يرى سان سيمون أن التطور التاريخي للجماعات البشرية هو صراع دائم بين الطبقات الاقتصادية في المجتمع بين من يملكون ومن لا يملكون، وذكر ان عوامل نفسية تهيئ الأذهان للثورة مثل وجود الأوضاع الظالمة في المجتمع، إلى جانب إحساس الأفراد بالظلم الواقع عليهم. إضافة إلى الظلم الاجتماعي الناتج عن استئثار قلة من الناس بخيرات البلاد، ونظام الحكم العبودي الذي يؤدي إلى الكبت والقهر، مما يجعل الشعب يعيش حالة الخوف الدائم ويؤدي به في الأخير إلى الانفجار في وجه هذا الواقع. دخل في الموضوع زهو الفضيلة الاخلاقية في الثورة الفرنسية تطرق الى الفضيلة الاخلاقية وذكر انها تتجسد في مبادئ كل من الاخاء والمساوات والحرية وكل من هذه تندرج بما يعرف بحقوق الانسان اليوم والتي كانت المنبع الاول في تشريعة وتقنينة على مستوى الدساتير والوائح الحقوقية على مستوى العالم وهذا ما نتج عنه الاعلان العالمي لحقوق الإنسان 1984م لذلك عدت هذه الثورة واحدة من اكبر المؤثرات في تاريخ كل من فرنسا والشعوب الأوربية والعالم، هذه المؤثرات في جوانب الفكر والاقتصاد والسياسة والصحافة وغيرها فهي تجاوزت في اثارها الثورة البريطانية التي تعرف بالثورة الجليلة (1688) تناول ايضا مقدمات الثورة الفرنسية. وذكرها بالاتي:- - فرنسا كانت تعيش سيادة نظرية الحكم المطلق للحاكم ويعتبرها الملوك هناك نابعة من الحق الالهي شئن الحكم هنا شئن كثير من ملوك الدول الاوربية. - الملكية المطلقة والمطبقة على رقاب أغلبية الشعب والغاطسة في الاستئثار في السلطة والبذخ في الأموال العامة للشعب والنزوات وخاصة الحفلات والسهرات والولائم اليومية التي كانت تحيها زوجة الملك لويس السادس عشر النمساوية ماري أنطوانيت. - إلى جانب حكم الملوك المطلق كان هناك طبقات اجتماعية مسيطرة من بعد الملكية وهي امتداد لحكم الملك وهي طبقتي النبلاء والإقطاعيين وطبقة رجال الدين رجال الكنيسة الكاثوليكية تمثل هذه الطبقات ما نسبة 10% من الشعب في التمثيل والامتدادات الاجتماعية. - الحروب التي كانت تخوضها فرنسا ضد جيرانها وخاصة حربها ضد الإمبراطورية النمساوية تارة وآخرة ضد اسبانيا وكذلك ضد بريطانيا من اجل السيطرة على الأراضي المنخفضة (بلجيكيا) وكذلك انخراطها في دعم الثورة الأمريكية ضد بريطانيا والتي كلفت البلاد الكثير من الضحايا وهدر من الأموال والميزانيات والتي هي كانت ضرائب تفرض على العامة من الناس وخاصة طبقت الفلاحين. - مفكري عصر التنوير في داخل فرنسا ومن خارجها ودورهم في بلورت افكار الثورة والتي أصبحت أفكارهم المادة النظرية للثورة خصوصا جان جاك روسو صاحب نظرية السيادة المطلقة للشعب ومنتسكيو صاحب نظرية الفصل بين السلطات وفلوتير صاحب المقالات اللاذعة ضد سلطة الكنيسة. - الجفاف المتمثل في عدم هطول الإمطار في فرنسا في عامي 1788 وعام 1789 والذي نتج عنه ضعف في المحاصيل والحبوب والجفاف وأمراض الماشية، فضلًا عن الارتفاع الشديد في أسعار الخبز والذي أشعل الاضطرابات بين الفلاحين وفقراء الحَضَر. وقد أعرب حينها الكثيرون عن يأسهم واستيائهم من النظام الحاكم الذي فشل في تقديم الإغاثة لأيٍ من حالات الشغب والنهب والإضرابات وانتشار المجاعة. بعد ذلك دخل في تفاصيل اندلاع الثورة ذكر إن تاريخ اندلاع الثورة الفرنسية كان في 5 ايارمن العام 1789، وانتهائها في كان في أواخر 1790 خلال هذه الفترة، أعاد الفرنسيون تشكيل المشهد السياسي في بلادهم؛ فقد هدموا النظام السياسي، واقتلعوا مؤسساتٍ عتيقةً بلغ عمرها قرونًا من الزمان، مثل النظام الإقطاعي والملكية المطلقة. استوقف الاستاذ الباحث عند الشرار التي فجرت الثورة وهي اجتماع مجلس الطبقات والذي عرف فيما بعد بـ ـالجمعية الوطنية ذكر إن مجلس الطبقات يمثل واجه شكلية لتمثيل الشعب ورغم شكليته وعدم وجود أي اثر له في إصدار قرارت وتشريعات تفوق سلطة الملك المطلقة إلا انه كان يمثل ثلاث طبقات من المجتمع وهي طبقة النبلاء والإقطاعيين وطبقة رجال الدين وطبقة عامة الشعب يتكون هذا المجلس من 1200 عضوا 600 عضوا يمثلون عامة الناس و600 عضوا مناصفة بين رجال الدين والاقطاعين والنبلاء ونظام التصويت فيه كان يسير على أساس الغرف أي أنهم كانوا يجلسون في ثلاث غرف وبالتالي فان تركيبة مجلس الطبقات وعلى شكليتها كان الشعب عاجز ايصال أي صوت له وكذلك تحقيق أي مكسب سياسي أو قانوني لصالحة. في هذا الاجتماع ونتيجة للظروف الصعبة التي تمر به البلاد آنذاك أصر ممثلي الشعب أعضاء الطبقة الثالثة على التصويت وفق العقل والمنطق وعلى أساس التمثيل الحقيقي وليس تمثيل الطبقات، وكان انعقاد مجلس الطبقات حول موضوعين هما البحث في إنارة مدينة باريس وكذلك تشكيل هيئة مستقلة عن وزارة المالية لجمع الضرائب. رفض نواب الشعب البحث في الموضعين وطالبوا با إصلاح مجلس الطبقات وأعلنوا عن أنفسهم ممثلين للشعب وحدهم لا غيرهم وصل الأمر للملك استدعى الجيش لمحاصرتهم ومن ثم استدعى الحرس الوطني لباريس حيث عمت الفوضى في باريس انتقل نواب الشعب إلى مدينة فراساي وتحديدا ملعب تنس اجتمعوا فيه في هذه الإثناء هاجم عدد من أنصار الطبقة الثالثة سجن الباستيل واستولوا عليه وهو يمثل رمزية للظلم وهو في الحقيقة قلعة تقع شرق باريس مساحتها تعادل ثلث مساحة باريس آنذاك وفيها مخازن الأسلحة والاعتدة عمت الفوضى البلاد وفي اليوم الثاني توجهه مظاهرة من النساء عددها بـ 7000 ألاف امرأة باتجاه بلدية باريس ومن ثم قصر الملك للمطالب في تحسين المعيشة ورغيف الخبز، عزل الملك في هذا الفترة وأعلن عن ملكية دستورية مقيدة وأعيد إلى البرلمان روحة في إصدار القوانين والتشريعات هذه المرحلة استمرت لعامين ووضع دستور جديد للبلاد وعد هذه الإحداث المرحلة الأولى من الثورة. تطرق إلى المرحلة الثانية من الثورة والتي هي من عام 1792 إلى عام 1794 خلال هذه المرحلة تصاعدت المطالب بتحقيق انجازات الثورة، إلا أنها في المقابل كانت ملرحلة دموية في تاريخ فرنسا وسمية بعصر الإرهاب إذا سيطر فيها روبسبير على الحكم فقام بالتخلص من الكثير الذين هم محسوبين على الثورة وكذلك المحسوبين على الملكية وقام بتحويل الحكم من ملكي دستوري إلى جمهوري متشدد وفي هذه الفترة عدم لويس السادس عشر وبعده بثمانية أشهر أعدمت زوجته النمساوية ماري انطوانيت وهي اخت الملك ليوبولد الثاني ملك الامبروطورية الرومانية وأيضا تم فيها التخلص من حكم روبسبير. وتناول المرحلة الثالثة من الثورة مرحلة ترسيخ الثورة واستقرارها وذكر إن من خلالها تحقيق الكثير من مطالب الثوار وتحقيق المساواة والحريات والإخاء، إلا إن المؤشر عليها تصاعد تنامي دور الطبقة البرجوازية والتي تحالفت مع العسكر والذي سيطر على الحكم في نهاية المطاف وأيضا ت. تناول ادوار اشهر المفكرين والشخصيات التي لعبة دور في احداث ونتائج هذه الثورة وهم: جان جاك روسوا - والذي عد فلسفة هذا الرجل هي التي بلورة الثورة الفرنسية وخاصة نظرية العقد الاجتماعي والتي تنص انه لابد من هناك عقد بين الحاكم والمحكوم وكذلك مناداته بحرية شعوب العالم بحق تقرير المصير وحق اختيار الحاكم ولد سنة 1712 في مدينة جنيف وتوفي فيها عام 1787 ونقلت رفاته بعد الثورة الفرنسية إلى مقبرة البانثيون وهي مقبرة العظماء في فرنسا وله مؤلفات عديدة اشهرها (كتاب الاعترافات) (كتاباميل او عن التربية) ورسالة في عدم المساواة). وتناول اشهر اقوالة وحكمة:- وهي: - اب واحد خير من عشرة مربين.، لا حرية من دون مسؤولية، ويولد الانسان حر لكنه في كل مكان يجر بسلاسل إلى الاستعباد، واستوقف عند ميرابو خطيب الثورة ذكر إن من المفارقة انه يعتبر رجل الملكية وكذلك رجل الملكية الدستورية لما تميز بمواهب البلاغة والفصاحة والخطابة والذي قضى اربعين عام في النفي داخل فرنسا وخارجها واختير رئيسا لنادي اليعاقبة في عام 1791 وكذلك في نفس العم اختير رئيسا لمجلس العموم. تناول أيضا فولتير وذكر انه كان كاتب لكثير من المقالات وشاعر ومؤلف لعدد من الكتب وهو فرنسي المولد والاصل يميز بذكائة الادبي القريب من السخرية وانتقاداته اللاذعه والاستفزظازية لرجال الدين ويعتبر واحد من الشخصيات المؤسسة لعصر التنوير في أوربا انذاك وكان من رواد سجن الباستيل ونزلائة المعروفين لانه كان دائم الانتقاد والتهجم على الملك وعائلته ووصف بانه لم يكن يوما ما قادر على كبح جماح لسانه تجاه السلطة لذلك عاش السجن والنفي وكن يتفاخر بسجن لانه يعتقد إن تلك الزنزانات اعطته الوقت الكافي ليفكر وليجد ضالته في كتاباته من مقالات ومسرحيات وغيرها له أكثر من 50 مسرحية وعشرات الاطروحات في العلوم المختلفة والعديد من الكتب في التاريخ وكان يمضي حوالي 18 ساعة يوميا في الكتابة، واستوقف كذلك عند عدد من الحكم والاقوال المشهورة له منها:- التاريخ باختصار عبار عن دراسة لجرائم البشر بشكل منظم، إذا كنت تريد قوانين جيدة فعليك بحرق تلك القوانين التي تعرفها واصنع قوانين جديدة، كل رجل مذنب بحق الأفعال الجيدة التي لم يقم بها ابدا عندما كان بإمكانه كذلك. بعد ذلك قارن الباحث بين الثورة الفرنسية وفضائلها وبما يحدث بمجتمعاتنا اليوم وخاصة مايعرف بثورات الربيع العربي، تناول مسالة التدخل الخارجي المبكر في حرف هذه الثورات عن مساراتها الصحيحة، وتجريده من كل نتائج تعود بالنفع للجماهير التي خرجت من اجلها، فذكر إن الثورات العربية هي دائما ما تكون لاخراج الحاكم فقط وليست ثورات شامل، وتناول مسالة الانقلابات العسكرية التي تسترق الثورات في العالم العربي، واستوقف عند احداث سوريا ووصف بان مايحدث فيها عبارة عن فوضى ومشاريع تقسيمية لهذا البلد كون إن الثورة تحتاج إلى اغلبية للقيام بها وهذا من شروطها وما موجود في سوريا هو إن هناك اغلبية تقاتل إلى جانب النظام لكن العالم تكالب على هذا البلد واصبح يعبئ الالف الشباب ويرسلهم لهذه البلد لذبح وقتل الشعب وبعيدا عن اسقاط النظام، وتناول أيضا الثورة التونسية وذكر أنها نوعا ما حققت نتائحها، إما الثورة المصرية فهي استرقها العسكر كما بين في ذلك، ويذكر إن الامسية حضرها عدد من الكتاب والباحثين والأدباء وتضمنت عدد من الحوارات والأسئلة والاجوبه بين الباحث والحاضرين.
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- عشرات الدعاوى القضائية ضد "شبكة التنصت" في بغداد