حجم النص
تشهد مناطق في اقليم كردستان ازمة وقود غير مسبوقة مع توقف العمل في مصفاة بيجي اكبر مصافي العراق واغلاق طرق بسبب الاشتباكات مع مسلحين يشنون منذ اكثر من اسبوعين هجوما ارهابية في انحاء متفرقة من البلاد. وتنتظر عشرات السيارات في صفوف طويلة دورها امام محطات الوقود في محافظات الاقليم الثلاث، دهوك والسليمانية واربيل، وخصوصا في عاصمته اربيل حيث تمتد فترة الانتظار احيانا لساعات طويلة. ويقول رائد (34 عاما) وهو ينتظر في سيارته قرب محطة وقود في اربيل “انا هنا منذ ساعتين، وامل ان اتمكن من تعبئة الوقود خلال النصف الساعة المقبلة”، معربا في الوقت ذاته عن سعادته لوجود محطة لا تزال تملك الوقود لتبيعه. وبدات ازمة الوقود هذه بعد وقت قصير من بداية الهجوم الذي يشنه مسلحون متطرفون ينتمون الى تنظيم داعش وتنظيمات متطرفة اخرى قبل اكثر من اسبوعين وتمكنوا خلاله من احتلال مناطق في شمال وغرب وشرق البلاد. ومع تقدم المسلحين، كانت الطرقات بين المحافظات تقطع الواحدة تلو الاخرى، حتى بلغ القتال مصفاة بيجي (200 كلم شمال بغداد) اكبر مصافي العراق والمتوقفة عن العمل، حيث يحاول المسلحون اقتحامها منذ اكثر من عشرة ايام من دون ان ينجحوا في ذلك. ويقول مدير قسم كردستان في نشرة “ايراك اويل ريبورت” باتريك اوسغود ان الازمة عبارة عن “مشاكل في العرض والطلب. فمن ناحية العرض، لا يتمتع اقليم كردستان باكتفاء ذاتي من المحروقات وبينها الوقود حيث انه ينتج 60 بالمئة من احتياجاته والباقي يحصل عليه من بيجي”. اما من ناحية الطلب، فيرى اوسغود ان اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي يشهد ارتفاعا منطقيا في الطلب على الوقود بسبب الخوف من الاحداث الامنية في المناطق المحيطة بالاقليم الكردي. ومن الاسباب الاضافية لهذه الازمة نقل كميات كبيرة من الوقود الى مدينة كركوك (240 كلم شمال بغداد) المتنازع عليها والتي فرضت القوات الكردية سيطرتها عليها للمرة الاولى قبل نحو اسبوعين. وادت ازمة النقص في الوقود الى ازدهار كبير للسوق السوداء وارتفاع الاسعار. وبالقرب من مدينة دهوك (410 كلم شمال بغداد) على الطريق المؤدي الى الموصل (350 كلم شمال بغداد) يقف عشرات الشبان ويصرخون لسائقي السيارات “لدينا وقود، لدينا وقود”. وما ان يتوقف احد السائقين، حتى ياتي البائع بوعاء بلاستيكي، عارضا الوقود الذي يبيعه باربعة اضعاف سعره الرسمي المحدد بـ500 دينار (نحو 40 سنتا) لليتر الوحد. ووضعت سلطات اقليم كردستان خطة لتنظيم عملية تعبئة الوقود، حيث حددت اياما معينة لاصحاب السيارات التي تنتهي ارقام لوحاتها برقم زوجي، واخرى لتلك التي تنتهي برقم فردي، علما انه يحق لكل سائق ان يقوم بتعبئة 30 ليترا فقط في كل مرة. ويقول عبد الكريم عثمان (63 عاما) وهو يجلس في سيارته خلف صف طويل من السيارات “لا يجب ان تكون هناك ازمة وقود اصلا. لو جاء كل شخص وقام بتعبئة الوقود مرة واحدة بدل ان يقوم بذلك عدة مرات ليبيع الوقود في الموصل وكركوك لما كانت هناك ازمة”. ويضيف “هذه ازمة تتسبب بها الناس وليس الحكومة”. ورغم ذلك، يصب سكان في اربيل غضبهم على الحكومة المحلية منتقدين عجزها عن حفظ مخزون كبير من الوقود لاوقات مماثلة، بينما يهاجم اخرون الحكومة المركزية في بغداد متهمين اياها بمنع الوقود عن مناطق اخرى. ويؤكد اوسغود انه من دون مصفاة بيجي لن يكون هناك من وقود كاف في السوق. ويوضح “ليست هناك خطة بديلة من حيث العرض في العراق. وحتى قبل هذه الازمة، فان العراق كان يستورد الوقود فقط”، متوقعا الا تنتهي هذه الازمة قريبا.
أقرأ ايضاً
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- السياسيون يتبارون بـ"التسريبات".. والحكومة تشكو "الاستهداف"
- سعر النفط بموازنة 2025.. طبيعي أم يؤدي لأزمة؟