أخذت حالة "أبو نجم الحلفي" الصحية تزداد سوءاً بعدما أجريت له عملية جراحية "للقولون" في مستشفى الموانئ عام 2010، وتنوعت أمراض بدنه بنحو متصاعد، وبات زبوناً دائماً لدى عيادات البصرة الصحية، حتى يأس من الأطباء وكفاءة استشارتهم وفشلهم في تشخيص مرضه الغامض، فضلاً عن نفاد ماله في العلاج وشراء الدواء، حسبما يقول. وبعدما قرر وللمرة الأخيرة إن يعرض نفسه لاستشارة مستشفى قضاء القرنة في شمال المحافظة، كانت الصدفة أن تكشف عبر الأشعة عن وجود (مقص مسنن) منسي منذ أربعة سنوات في بطنه، ومن مخلفات عملية جراحية سابقة، لتسجل اغرب قضية في تاريخ الطب العراقي الحديث، سببها النسيان وإهمال الإنسان. وعن قصته الغريبة، يحدث مراسل المربد، المواطن سالم عبد الله والمعروف بابي نجم الحلفي، 67 عاماً، من أهالي ناحية الدير في البصرة، "كنت أشكو من انتفاخ في بطني بسبب القولون عام 2010، ورقدت على أثره في مستشفى الموانئ، وخضعت لعملية جراحية، لكن منذ ذلك الحين وأنا في تدهور مستمر، واشعر بآلام ونغزات في بطني، وأخذ بدني بالضعف والتدهور بعدما كنت قوياً". ويضيف "عرضت نفسي على مختلف أطباء البصرة، لأشخص علّتي، ووصفوا لي مختلف الأدوية دون فائدة، ثم ظهر ورم في صدري وآلام لاتوصف في جميع أعضاء بدني، وبرزت أجزاء من بطني وانسداد بالأمعاء واضطررت لإجراء عملية (فتق الريح) التي خففت جزءاً من المعاناة والأوجاع". ويواصل أبو نجم وهو مواطن متقاعد، "استمرت معاناتي مع الآلام والنغزات والتدهور المفاجئ بي الحين والآخر، حتى أنفقت مالدي من المال في سبيل العلاج طيلة السنوات الأربع الأخيرة، وفجأة تقيأت دماً وبات بدني شبه المتعرض إلى صعقه كهربائية، لذا قررت والعائلة ان اعرض نفسي وللمرة الأخيرة إلى الاستشارة الطبية في مستشفى القرنة ". ويلفت قائلاً "بعدما اخذ لي المستشفى أشعة، تفاجئ الجميع بوجود (مقص مسنن) في بطني، وبعد الكشف الطبي تبين انه منسي وباقي من العملية الجراحية التي أجريتها في مستشفى المواني عام 2010، لذا عدت إلى مستشفى الموانئ من جديد وأجريت فيه عمليه جراحية لإخراج (المقص) قبل خمسة عشر يوما، ولازلت ضعيفاً هزيلاً أعاني من أوجاع عده سيما من مضاعفات العمليات، وبانتظار خروجي حتى حين". ويختتم بالقول "انا ضحية إهمال الأطباء الذين اجروا لي العملية ونسيانهم المقص في بطني وأتمنى أن لا تتكرر حالتي مع إنسان آخر، ولا أطالب إلا بحقي، لأني تضررت وعيالي بشكل لايوصف، وبذلنا الغالي والنفيس من اجل تحسن صحتي طيلة الأربع سنوات الماضية" على حد قوله. ولايختلف معه ابنه الأكبر، نجم عبد الله، الذي يقول لمراسل المربد ان "والدي ساءت أحواله في السنوات الأربعة الأخيرة حتى أصبح أشبه مايكون في عداد الأموات، وانقطعنا لأجله عن الدنيا والعمل، وتراجع اثر ذلك وضعنا المادي، ونحن ضحية إهمال الأطباء ومن حولهم في غرف العمليات"، حسب رأيه. اما، الطبيب والجراح الاختصاصي في مستشفى القرنة العام، هادي حسن اللعيبي، فبين عبر تصريحه للمربد ان "الحلفي شكى لي حالته الصحية المتردية، ما تطلب تشخصيها عبر إجراء سونار وأشعه له، وبعدها اكتشفنا وجود مقص مسنن غير جارح في بطنه، وعلى أثر التشخيص أحيل إلى مستشفى الموانئ للإسراع بضرورة رفعه بعميلة جراحية". من جهته، نفى مدير صحة البصرة، الدكتور رياض عبد الأمير، عبر حديثه لمراسل المربد علمه بحالة المريض الحلفي، مؤكدا ان "مديريته سترسل فريقاً طبياً لزيارة المريض وإعداد تقرير من اجل فتح تحقيق طبي"، مشيرا الى ان "الحالة تعكس عن إهمال وتقصير الطبيب الذي يمكن رفع شكوى ضده عبر مديريته من قبل المريض". ويستبعد مدير عمليات صحة البصرة الدكتور صلاح السعيد، في حديثه لراديو المربد، "حدوث حالات نسيان لآلات العملية الجراحية في بطن المريض بشكل عام، وذلك لوجود سياق طبي يقضي بتسجيل تلك الآلات المستخدمة وقطع الشاش المعقم وغيرها في قائمة حين البدء بالعملية لتجرد قبل الانتهاء منها" على حد رأيه، لكنه يستدرك "إمكانية حدوث حالات نادرة تنسى فيها بعض قطع الشاش المعقم التي تأتي بشكل مزدوج وتبقى واحدة (فردة) منها داخل بطن المريض حين إيقاف النزيف". وبحسب مختصين في الطب، فان حالة المواطن ابو نجم الحلفي، تعد اغرب قضية تسجل في تاريخ الطب العراقي الحديث، ويدوم أمد بقاء المقص المسنن في بطنه لنحو أربعة سنوات، فيما سجل حالات اقل تأثيراً وأمدا من ذلك، كانت النساء الحوامل التي يجري لهن عمليات ولادة قصيرية الأكثر تعرضاً. يشار إلى ان نسيان إي قطعة من أدوات العملية الجراحية في بطن المريض، تتسبب بحالة من المغص الشديد والالتهابات الحادة، فيما ينصح أطباء إلى إجراء كشف طبي احترازي لتحديد سبب الآلام التي يشعر بها المريض بعد إي عملية يجريها.