في خطوة جديدة تخص الهواتف النقالة في العراق، تتجه الحكومة إلى تسجيلها بأسماء أصحابها، على غرار دول المنطقة، وفيما اعتبر مراقبون ونواب تلك الخطوة تنظيمية تحظى بفوائد اقتصادية وأمنية، رهنوا نجاحها باتباع آليات رصينة والاستعانة بشركات تحفظ البيانات، وليس عليها مؤشرات سلبية، أو تأهيل كوادر عراقية للقيام بالمهمة.
وكان النائب عقيل الفتلاوي، كشف في وقت سابق، عن تفاصيل خطيرة تخص عقد وقعته هيئة الإعلام والاتصالات مع شركة بريطانية، مؤكدا أن الهيئة قامت بإكمال مشروع تسجيل الهواتف النقالة، ومنحته لشركة بريطانية لديها فرع بالأردن غير معروفة الرصانة والعائدية، خاصة ونحن نعيش في حالة حرب تستهدف العرب والمسلمين وما حدث في قضية البيجر قد يتكرر بالعراق لكن على شكل الهواتف النقالة، مبينا أن هذا العقد وما يتضمنه سيمسح بتسجيل هواتف العراقيين ومتابعة تحركاتهم.
وحول هذا الأمر، تقول رئيسة لجنة النقل والاتصالات النيابية زهرة البجاري، إن “مشروع تسجيل الهواتف النقالة التي تدخل العراق، بحد ذاته جيد لأنه يؤمن كل النقالات ما يجعلها مسجلة عائديتها معروفة لدى الحكومة”.
وتضيف البجاري، أن “اعتراض اللجنة لم يكن على آلية تسجيل الهواتف، وإنما على الشركة التي تنوي هيئة الاعلام والاتصالات التعاقد معها، فمهمة الهيئة البحث عن شركات لغرض التعاقد معها لتسجيل هواتف العراق”، موضحة أن “آلية تنفيذ هذا المشروع يجب أن تكون عبر إعلان رسمي والتفاوض مع شركات عالمية رصينة وموثوقة ومعروفة كونها ستمتلك جميع المعلومات المتعلقة بالعراق، ولهذا يجب العناية بمسألة اختيار الشركة”.
وتتابع أن “الشركة التي تم اختيارها وسيتم التعاقد معها من قبل هيئة الاعلام والاتصالات، هي شركة استشارية بريطانية، لذا طالبنا بالبحث عن شركة ثقة، والبحث في سجل هذه الشركة وتدقيق ملفها من قبل رئاسة مجلس الوزراء”.
يشار إلى أن موازنة العام الحالي 2024، تضمنت إلزام هيئة الإعلام والإتصالات بالتعاقد مع شركة مختصة لبدء مشروع يوفر منصة تسجيل كاملة للاجهزة المحمولة لتكون مهمتها ضمان عدم التهرب من دفع الضرائب والرسوم الجمركية عن طريق استيراد الاجهزة المحمولة بصورة غير قانونية وضمان عدم استيراد الأجهزة المقلدة والمسروقة والمستنسخة والاحتيالية لحماية المستهلك، كما أكد ذلك مركز الإعلام الرقمي.
وتعمد أغلب دول المنطقة، إلى تسجيل الهواتف النقالة، وحتى بالنسبة للسائحين الداخلين والمقيمين فيها، لمنع أي تهريب للأجهزة فضلا عن ملاحقة حامليها في حال ارتكابهم لأي خرق أمني داخل الدولة، سواء من المواطنين أو الوافدين لها.
يشار الى أن استيراد الهواتف المحمولة في العراق مصدره 47 دولة، أبرزها الإمارات، الصين، الولايات المتحدة، فيتنام، السويد وكوريا الجنوبية.
وكان مصدر بهيئة المنافذ الحدودية، أكد في وقت سابق، أن طرق استيراد الهواتف يجري عادة عبر طريقين، الأول عبر مطارات إقليم كردستان، حيث تستوفي الدوائر الضريبية 3.5 دولار عن كل هاتف ذكي، والثاني من خلال التهريب عبر إخفائه في حمولات أخرى تأتي إلى البصرة، ولا تستوفى منها ضرائب.
ومن الناحية الأمنية، يبين الخبير الأمني عدنان الكناني، أن “الحل في هذا الموضوع يكمن بتأمين شركات الهواتف النقال وأن تكون الخوارزميات تحت سيطرة العراق، بالاضافة إلى الاستفادة من خبرات الصين والهند في هذا المجال، عبر إرسال موظفي وزارة الاتصالات بدورات تأهيل وتعليم”.
ويشير الكناني، إلى أنه “دون ذلك سيكون العراق مخترقا على عدة مستويات وليست الأمنية فقط، بل اجتماعيا واقتصاديا بسبب عمليات التنصت والتجسس وهذا ما يسمى بالقتل الجماعي من قبل الأجهزة المخابراتية للدول”، مؤكدا أن “قتل المجتمعات في وقتنا الحالي الذي يشهد ذروة التطور، لا يكون عبر الرصاص فقط وإنما من خلال اختراقه على المستوى الأمني والتنصت على ما يقوم به من خطوات وتحركات”.
وأفادت إحصائية سابقة نشرتها وسائل اعلام، بوجود أكثر من 5 آلاف محل ومعرض وشركة مختصة بالهواتف النقالة في العراق، فضلا عن 12 شركة حاصلة على وكالات للعلامات التجارية المعروفة.
وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي محمود المشهداني، أن “تسجيل الهواتف النقالة يخضع لعدة جوانب في مقدمتها الجانب الأمني، حيث يفترض أن تسجل هذه الهواتف بالتعاون مع وزارة الاتصالات وشركات الهاتف النقال العاملة في العراق”.
ويلفت المشهداني، إلى أن “تسجيل هذه الهواتف يجب أن يسبقه تسجيل خطوط الإتصال ومنع بيعها بالطريقة الحالية التي يتم بيع البعض منها خاصة في أربيل بصورة غير أصولية، وهذا يشكل عبئ كبير على القوات الأمنية نظرا لوجود حالات ابتزاز كثيرة تجري عبر هذه الخطوط بالتالي يصعب ايحاد أصحابها”.
ومن الناحية الاقتصادية يتابع الخبير الاقتصادي، أن “الحكومة من حقها تنظيم هذا القطاع خاصة فيما يتعلق بالضريبة المفروضة على الأجهزة النقالة، خاصة وأن العراق هو البلد الأول في استيرادها بالنسبة للشرق الأوسط، كما أن اغلبها يدخل على هيئة اكسسوارات وهذا يؤدي إلى خفض الضرائب المفروضة عليها، فمقدار الضريبة المتحصلة لا يتناسب مع كمية الهواتف الداخلة للبلاد”.
وبحسب مؤسسة “عراق المستقبل”، فقد أعلنت العام الماضي، عن توقعات بنمو سوق العراق ليصل إلى أكثر من 5 ملايين هاتف سنويا خلال السنوات القادمة خصوصا مع الزيادة الحاصلة في النمو السكاني ودخول عدد كبير من السكان في الأعمار المؤهلة لاستخدام الهواتف، ودعت هيئة الاتصالات ووزارة الاتصالات لتنظيم عمل شركات الهواتف النقالة بالعراق وترخيصها وفحص الأجهزة الداخلة ومقدار ملائمتها وتأثيراتها الصحية على المواطن وإيقاف عشوائية السوق.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- الأول من نوعه في العراق.. محطة كهرباء تعمل بطاقة الرياح
- ارتفاع أسعار النفط.. منافع آنية ومخاطر محتملة
- 1291 مشروعًا عالقًا في العراق.. إنجازات على الورق وأطلال على الأرض!