تعاني أغلب المحافظات العراقية وخاصة العاصمة بغداد من تجاوزات كثيرة على الشبكات الكهربائية عبر مد الأهالي خطوطا مباشرة من أعمدة نقل الطاقة إلى المنازل والمعامل، بشكل غير قانوني وغير مسجل في العدادات الرسمية، وهو ما يشكل ضغطا على المحولات وحصص تجهيز الكهرباء التي تصل لكل منطقة.
وعلى الرغم من إدراكهم لعدم مشروعية هذا السلوك، وبأنه يعد مخالفة قانونية واضحة، لكن ثمة ما يدفع الأهالي له، إذ يقول سعدون حميد (60 عاما) من منطقة التراث في بغداد، إن “سبب التجاوز على الكهرباء في المناطق السكنية يتم في أغلب الأحيان بسبب تأخر كوادر وزارة الكهرباء عن إصلاح الأعطال التي تحدث في المحولات”.
ويضيف حميد، “توجد في كل زقاق محولة كهرباء، وغالبا ما تتعرض المحولات إلى حدوث عطل لا يتم إصلاحه من قبل كوادر الوزارة إلا بعد مضي أكثر من أسبوع، وتوالي مراجعات المواطنين لدوائر الكهرباء بشكل مستمر بغية إصلاح المحولة”، مشيرا إلى انه “مع عدم الاستجابة السريعة لإصلاح العطل يضطر الأهالي للتجاوز من خلال السحب المباشر من محولة الزقاق القريبة للحصول على الكهرباء، وحين ذاك يحصل اختناق في المحولة التي يتم السحب منها جراء الأحمال الكثيرة”.
وقد يكون تهاون كوادر وزارة الكهرباء أحد الأسباب غير المشروعة للتجاوز، ولكن ثمة مناطق زراعية أيضا لم تحسم موضوعة الكهرباء فيها بعد، إذ يحصل في هذه المناطق عدد لا يحصى من التجاوزات على الشبكات الكهربائية من دون أن تجد هذه المشكلة أي حلول.
وتؤكد من جهتها، المواطنة أم علي، (44 عاما)، أنها تسكن في منطقة زراعية في أطراف بغداد منذ أكثر من 11 عاما، ومنذ ذلك الوقت لم يتم حل مشكلة الكهرباء بهذه المنطقة ولم يتم تجهيزها بصورة رسمية على الرغم من المناشدات والوعود التي حصل عليها الأهالي من المرشحين للانتخابات بحسم هذا الموضوع.
وتضيف أم علي، أن “الأهالي قاموا بسحب الكهرباء من المحوّلات المنصوبة في المناطق السكنية القريبة، ولا يزال التجاوز مستمراً بهذه المنطقة منذ أكثر من 11 عاما بسبب غياب الحلول الرسمية”.
وكان مدير العلاقات والإعلام في مديرية توزيع كهرباء الجنوب أمين العيساوي، أكد أن التجاوزات على الطاقة تأخذ حصة كبيرة من الكهرباء، مشيرا إلى تعدد التجاوزات على الشبكة الكهربائية، ومنها التجاوز المنزلي والصناعي والزراعي والتجاري، إضافة إلى التجاوز الحكومي.
كما أكدت وزارة الكهرباء في وقت سابق، أنها اتخذت إجراءات ضد المتجاوزين على الشبكة والممتنعين عن تسديد جباية الأجور، وانتهت من إعداد دراسة فنية متكاملة بشأن الشبكات الذكية، لافتة إلى أنها قررت تنظيم المناطق الزراعية ومعاملتها معاملة المستهلكين، وتركيب عدادات الكترونية لتنظيم العمليات الزراعية وتأهيل شبكات التوزيع واستحداث المغذيات وتركيب محطات ثابتة ومتنقلة.
إلى ذلك، يؤكد مصدر رسمي بوزارة الكهرباء، أن “حملة رفع التجاوزات عن منظومة الطاقة الكهربائية التي دعا لها وزير الكهرباء لا تزال مستمرة بهدف تخفيف الأحمال عن الشبكة وضمان استقرار التيار الكهربائي”.
ويضيف المصدر، أن “صور التجاوزات على الشبكة تتمثل بالربط المباشر بدون مقياس وتبادل مغذيات الكهرباء، فضلا عن السحب العشوائي للطاقة الكهربائية بعيدا عن إجراءات الربط الفني الأصولي كما يحدث في المطاعم والأسواق الكبيرة”، منوها بأن “حملات رفع التجاوزات ستسهم بتقليص الضائعات والهدر المتكرر في الطاقة كما تسهم أيضا بتنظيم استهلاك الطاقة الكهربائية وضمان التوزيع العادل للطاقة للمواطنين”.
ويعاني قطاع الكهرباء في العراق من مشاكل عديدة على الرغم من الأموال الطائلة التي أنفقتها وزارة الكهرباء، وبحسب المستشار الحكومي والخبير الاقتصادي مظهر محمد صالح، فان الطاقة الكهربائية استنزفت بعد عام 2003 أكثر من 120 مليار دولار، ولكن عملية تأمين الطاقة لا تزال متعثرة بسبب سوء الإدارة والهدر والفساد”.
ويشكل ملف العشوائيات، الذي برز في العراق بعد عام 2003، تحديا كبيراً أمام الحكومة ووزارة الكهرباء، فالعشوائيات تعد من المناطق غير المخدومة رسميا بخدمات الماء والكهرباء، وهو ما يدفع أصحاب هذه المساكن إلى التجاوز.
ويقدر عدد التجمعات العشوائية في العراق بـ3461 تجمعاً عشوائياً في العراق، منها 1430 في العاصمة بغداد، بحسب بيانات لجنة الخدمات النيابية، وتسعى وزارة الكهرباء إلى معاملة سكنة المناطق العشوائية والزراعية باعتبارهم مستهلكين للطاقة، على الرغم من أن هاتين الفئتين تضمان مشتركين غير نظاميين ولا تخضع منازلهم لتصميم المدن، ووعدت الوزارة بمعاملتهم معاملة المستهلكين وتقديم الخدمة لهم بشكل نظامي وتنصب لهم العدادات.
من جهته، يشير الخبير الاقتصادي سعد الأسدي، إلى أن “التجاوزات تؤثر سلباً على كفاءة الشبكة فضلاً عن كونها تعد سرقة للمال العام”.
وفيما أوضح، أن “الإجراءات الحكومية المتبعة ليست حلاً، لأن الحل الحقيقي يكمن في توفير الكهرباء للجميع”، شدد على أهمية “مشاركة شركات القطاع الخاص المنتجة للطاقة إلى جانب الشركات الحكومية لمعالجة موضوع إنتاج الطاقة المتعثرة في البلاد على الرغم من الأموال الطائلة التي تصرف على هذا القطاع الذي يعاني العديد من المشاكل الفنية في شبكاته”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- في حي البلديات ببغداد: تجاوزات ومعاناة من الكهرباء والمجاري ومعامل تلحق الضرر بصحة الناس (صور)
- أزمة الكهرباء.. الوزارة تطلب دعما ماليا ومجلس بغداد يتوعد باستجوابات
- بسبب الحرارة والكهرباء.. أنهار العراق تبتلع المزيد من الشباب