تشهد منطقة الشرق الأوسط صراعا محتدما نتيجة للحرب الدائرة في قطاع غزة بين حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وإسرائيل، ومنذ عدة أشهر طرحت العديد من الدول التي تربطها علاقات مع طرفي النزاع ومنها قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية، مبادرات لوقف إطلاق النار الذي مضى عليه أكثر من ثمانية أشهر، وبعد جلسات ونقاشات طويلة بين ممثلي حماس وإسرائيل برعاية قطرية مصرية أمريكية، لم تفضي المفاوضات عن حلول مرضية، ما رجح إمكانية انتقال حركة حماس إلى العراق، بحسب ما وردت أخبار عن ذلك.
وكانت وكالة “رويترز” قد نقلت في 4 آيار الماضي، عن مسؤول مطلع على سياسات الحكومة القطرية، قوله، إن الدوحة تدرس ما إذا كانت ستسمح لحماس بمواصلة تشغيل المكتب السياسي، وإن المراجعة الأوسع تشمل النظر فيما إذا كانت ستواصل التوسط في الصراع المستمر منذ سبعة أشهر أم لا، مبينا أنه “إذا لم تقم قطر بالوساطة، فلن ترى فائدة من الاحتفاظ بالمكتب السياسي. لذا فإن هذا جزء من إعادة التقييم”.
كما نفت الحكومة العراقية، استلام طلب من حركة حماس لانتقال قياداتها الى العراق، بعد ما كشفته روتيرز، حيث أصدر المستشار السياسي لرئيس الوزراء فادي الشمري، بيانا أكد فيه “لا يوجد افتتاح أو مقر رسمي كما تم ترويجه، ولم نتسلم طلباً بانتقال قادة حماس أو فتح مكتب رسمي في العراق”.
وحول هذا الأمر، يقول عضو المجلس السياسي لحركة النجباء، فراس الياسر، إنه “فيما يخص حركة حماس فيوجد مكتب لهم في العراق، وما يتعلق بعنوانه وهل هو مكتب سياسي أو علاقات، وبكل الأحوال لا بد من وجود مكتب لحماس على الخصوص بعد الموقف المساند للمقاومة الإسلامية العراقية الداعم للمقاومة الفلسطينية منذ عقود”.
ويضيف “يروج بوجود مشكلة لدى حماس في قطر أو مناطق أخرى وبشكل عام نقول أن المقاومة الإسلامية ترحب بأي وجود للمقاومة الفلسطينية بالعاصمة بغداد وسنكون داعمين لهذا الوجود سواء نقلت الحركة كل نشاطها أو مكتب خاص بها”.
ويكمل الياسري “هناك فرق بين وجود مكتب لحماس تحت عنوان إعلامي أو علاقات وهذا المكتب حسب معلوماتنا موجود، ولكن نقل نشاط حركة حماس إلى العراق يتطلب موافقات رسمية وهذا غير محسوم لغاية الآن”.
هذا وتحتضن قطر على أراضيها القيادة السياسية لحركة حماس، وعلى رأسها زعيمها إسماعيل هنية الذي يتواجد في الدوحة منذ العام 2012، كما يقيم قادة آخرون في حماس في قطر منهم عضو المكتب السياسي والمتحدث باسم الحركة حسام بدران.
وتواجه قطر ضغوطا أمريكية وفقا لتقرير نشرته “سي أن أن” من أجل دفع حماس للموافقة على الشروط التي قدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل، أو التلويح بطرد الحركة من الدوحة بشكل تام.
يذكر أن جميع الوساطات التي تبنتها قطر من أجل إنهاء الصراع الفلسطيني مع إسرائيل فإن جميعها لم تنجح.
وفي السياق، يوضح المحلل السياسي حبيب عبد، أن “قضية نقل نشاط حركة حماس إلى بغداد غير مؤكدة لغاية الآن على الرغم من أن فلسطين لديها سفارة في العراق وأيضا مقر لحركة فتح”.
ويشير إلى أنه “لا يمكن للفصائل المسلحة العراقية أن تقرر فتح مقر لحركة حماس في العراق دون موافقة الحكومة على ذلك، ورغم العلاقة والدعم مع حماس من قبل الفصائل إلا أنها لا يمكن أن تقرر ذلك”.
يشار إلى أن وكالة “شفق نيوز” العراقية، كشفت في 13 حزيران الماضي، أن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”، فتحت مكتب لها في العاصمة العراقية بغداد.
ونقلت الوكالة عن مصدر مطلع، قوله إنه سيتم خلال اليومين المقبلين افتتاح مكتب علاقات وإعلام لحركة حماس في العاصمة العراقية بغداد بموافقات رسمية حكومية، مشيرا إلى أن الأنباء التي تحدثت عن افتتاح معسكر لحركة حماس في أطراف العاصمة بغداد غير صحيحة والأمر يقتصر فقط على مكتب العلاقات والإعلام.
من جانبه، يعتبر المحلل السياسي راجي نصير، أن “هذا الأمر هو مجرد بالون إعلامي للضغط على حماس والمقاومين في غزة حيث لا توجد مشتركات مجتمعية وفكرية في العراق في حين أنها تنتمي إلى نفس المنظومة والسلطة في قطر الذين هم يسيرون باتجاه تبني حركات الإخوان المسلمين التي تعتبر حماس أحد فروعها”.
ويتابع “قطر حليف قوي لأمريكا وإسرائيل ووجود حماس في الدوحة يعطي فرصة لقطر للتفاوض وجمع الأطراف أما في العراق فلا الحكومة حليفة بالمعنى الموجود في قطر للحكومة الأمريكية كما أنها لا تمتلك أي علاقات مع الكيان الصهيوني”.
ويرى أن “ترحيب الفصائل بنقل نشاط حماس إلى العراق فهو من باب الدعم المعنوي للمقاومة في غزة أو ربما إحساس الفصائل بأن هذا بالون إعلامي للضغط الإعلامي والنفسي على حماس وتريد أن تفشل عمليات الضغط هذه”.
ومع إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا مدمرا على قطاع غزة أدى حتى الحين لمقتل آلاف المدنيين معظمهم من النساء والأطفال.
يذكر أن قطر نجحت في انتزاع هدنة لأسبوع في أواخر تشرين الثاني 2023، أتاحت إطلاق سراح 81 محتجزا إسرائيليا لدى المقاومة في غزة، مقابل تحرير نحو 280 أسيرا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.
بدوره يصف المحلل السياسي غالب الدعمي، هذا الطرح بأنه “مجرد أحاديث لم تؤكد لغاية الآن ولكنها ليست بمصلحة العراق الذي عليه أن يتجنب إدخال نفسه كطرف ثالث في معركة هو بعيد عنها”.
ويردف “وجود حماس في الدوحة أفاد قطر بذلك الوقت والآن استضافة حماس فيه ضرر للبلد نفسه، والعراق ليس من مصلحته استضافة أي منظمة عليها فيتو عالمي كونه اليوم بأمس الحاجة لتحسين علاقاته مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية”.
وراوحت المفاوضات مكانها لأشهر، ويعود ذلك جزئيا إلى مطالبة حماس بوقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وكذلك بسبب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المتكررة عن شنّ هجوم بري على مدينة رفح بجنوب غزة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟