"الانتخابات المبكرة"، فقرة كانت جزءا من الاتفاق بين الكتل السياسية التي توافقت على تكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة في تشرين الأول 2022، غير أن الحكومة استمرت في عملها وما زالت تؤدي مهامها بشكل طبيعي وتضع الخطط والبرامج التي تتطلب أشهرا وسنوات لتنفيذها، ما أوحى بأنها مستمرة لدورة كاملة دون توجه جدي لاستبدالها بانتخابات برلمانية تأتي بغيرها.
وعلى الرغم من تصريح العديد من زعماء الكتل السياسية ونواب وقياديين في ائتلاف إدارة الدولة التي أكدت أن حكومة السوداني ماضية في طريقها لإتمام أربع سنوات، إلا أنه في الآونة الأخيرة عاد الحديث مجددا عن إجراء انتخابات مبكرة لتقول صناديق الاقتراع كلمتها الفصل في التجديد للسوداني عبر نتائجها أو صعود مرشح آخر يتم التوافق عليها لتشكيل الحكومة الجديدة.
وبهذا الصدد، يقول القيادي في الإطار التنسيقي علي الزبيدي، إن "فكرة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة ليست مطروحة بشكل رسمي داخل الإطار التنسيقي أو حتى داخل ائتلاف إدارة الدولة، وهذه الفكرة تطرح من قبل بعض الأطراف السياسية، وربما الهدف منها إيصال رسائل سياسية فقط".
ويضيف "لا توجد أي مبررات لإجراء انتخابات مبكرة، فالوضع السياسي مستقر وكذلك الحكومي، وأكيد الإطار وحتى الحكومة لا يعارضون إجراء أي انتخابات إذا ما كانت هناك ظروف تستدعي ذلك، لكن إجراءها دون مبررات قد يجعلها سنة وهذا ما لا تريده كل القوى السياسية”.
ويبين أن “بعض الأطراف السياسية تريد من خلال بث هكذا أنباء جس نبض الشارع العراقي وكذلك الأطراف السياسية الأخرى، وخاصة التيار الصدري، فهناك من يريد معرفة هل التيار سيكون مشاركا بهكذا انتخابات إذا ما أجريت أم لا، ولهذا، الفكرة مطروحة إعلاميا فقط ولا وطرح رسمي لها حتى الساعة".
يشار إلى أن خيار الانتخابات المبكرة تم طرحه للمرة الأولى عند تشكيل الحكومة السابقة التي تولى رئاستها مصطفى الكاظمي في نيسان 2020، والتي استمرت في عملها حتى شهر تشرين الأول 2021 حيث جرت أول انتخابات مبكرة في تاريخ العراق.
من جهته، يؤكد القيادي في تحالف السيادة حسن الجبوري، أن "إجراء انتخابات برلمانية مبكرة كانت ضمن المنهاج الحكومي، لكن الحكومة والقوى السياسية المشاركة بالحكومة جميعها لم تطرح أو تناقش هذا الملف طيلة الأشهر الماضية، وطرحه حاليا أيضا تم بشكل غير رسمي فلا حوارات بشأنه".
وينبه إلى أن "إجراء انتخابات برلمانية مبكرة يتطلب اتفاقا سياسيا، فهذا الأمر يتطلب بالدرجة الأولى التصويت على حل مجلس النواب العراقي، ولهذا، الأمر يحتاج إلى حوارات ومفاوضات، ولا توجد هكذا حوارات ما بين كل الأطراف السياسية العراقية، كما أن الوضع مستقر ولا نتوقع هناك دوافع للذهاب نحو الانتخابات المبكرة".
ويشدد الجبوري على أنه "إذا كان الهدف من إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة هو عودة التيار الصدري للمشهد السياسي ومجلس النواب، فكل القوى السياسية ستكون داعمة لهذه الخطوة بلا شك، فالتيار وجوده مهم في العملية لما له من ثقل جماهيري كبير ومؤثر".
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد دعا في آب 2022، قبيل توافق الكتل السياسية على ترشيح محمد شياع السوداني رئيسا للوزراء، إلى إجراء انتخابات مبكرة لتهدئة الأوضاع التي شهدته في حينها تصعيدا خطيرا حيث كان أنصار الصدر يسيطرون على مبنى مجلس النواب والمنطقة الخضراء وانتهت تلك الأحداث بمواجهات دامية بينهم وبين القوات الأمنية، وانتهت بإعلان الصدر انسحابه من العملية السياسية.
وفي حينها أبدى الإطار التنسيقي تأييده لدعوة الصدر بإجراء انتخابات مبكرة، إلا أنه بعد ذلك وبأقل من شهرين رشح السوداني وتم التصويت على كابينته الوزارية لتتولى إدارة شؤون البلاد.
بدوره يرى المحلل السياسي أحمد الشريفي، أن "طرح فكرة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، بهذا التوقيت وبهذا الشكل المتكرر يؤكد هناك نية لبعض الأطراف السياسية للذهاب نحو هذه الخطوة، خاصة من قبل بعض أطراف الإطار، وربما هي تأتي من أجل عدم استمرار السوداني في حكومته، لقطع الطريق أمامه لما قد يشكل من قاعدة شعبية له".
ويلفت إلى أن "طرح الفكرة بهذا التوقيت قد لا يخلو من رسائل الغزل السياسي للتيار الصدري، فالكل يعلم جيدا أن هناك نية لعودة الصدريين بقوة للمشهد، والكل يبحث من الآن عن التواصل بشكل مباشر أو غير مباشر مع قادة التيار حتى يكونوا جزءا من التحالفات المقبلة، ولهذا طرح الفكرة لا خلو من هكذا رسائل".
ويستدرك الشريفي أن "إجراء انتخابات برلمانية مبكرة أمر غير مستبعد، خاصة إذا ما كانت هناك تطورات سياسية متصاعدة خاصة في ظل تصعيد الحزب الديمقراطي الكردستاني وكذلك تهديد محمد الحلبوسي بترك العملية السياسية في حال عدم تنفيذ ورقة الاتفاق السياسي، ولهذا تطورات الأحداث قد تدفع إلى تنفيذ هذه الفكرة على أرض الواقع".
وكان القيادي في الإطار التنسيقي عارف الحمامي، قد أكد في 17 تشرين الأول 2022، أن القوى السياسية لن تكون ملزمة بإجراء انتخابات مبكرة بعد مرور سنة ونصف سنة على تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، لكن بعد هذه المدة سيكون هناك تقييم لعمل وأداء الحكومة، وإذا فشلت الحكومة ممكن أن يكون هناك نقاش من أجل تحديد موعد للانتخابات المبكرة.
وأضاف في تصريحه آنذاك، أنه في حال نجحت حكومة السوداني، ولمست الكتل والأحزاب والشعب العراقي هذا النجاح، فلن تكون هناك أي انتخابات مبكرة، موضحا أنه لا يوجد أي قرار مسبق بأن تكون حكومة السوداني مؤقتة أم حكومة تكمل دورتها الكاملة، فهذا الأمر يعتمد على التقييم، كما أن الذهاب إلى الانتخابات المبكرة يحتاج أمورا عدة غير تشكيل الحكومة، منها تغيير قانون الانتخابات وإجراء تغييرات في المفوضية، ويبقى هذا الأمر رهن الاتفاقات السياسية بعد تشكيل الحكومة الجديدة ومراقبة عملها.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- حققت (15) الف زيارة طبية: العتبة الحسينية تنفق اكثر من "ملياري" دينار على علاج الوافدين اللبنانيين(فيديو)
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟