شيد الحي الصناعي في منطقة البياع جنوب غرب بغداد في سبعينيات القرن الماضي بعد ان حصلت المحال والورش الصناعية على إجازة تأسيس صادرة عن التنمية الصناعية، ويحمل شاغلوا تلك المحال والورش الصناعية التي قاموا ببنائها على نفقتهم الخاصة عقود نظام المساطحة، وتصل بموجبها مدة الاستغلال الى عشر سنوات، وبموجب هذا النظام يتم تأجير ارض من امانة بغداد بمبلغ رمزي، مقابل ترك المستأجر بعد انتهاء مدة العقد جميع ما شيده على الارض لأمانة بغداد، أي ان الارض وما شيد عليها تصبح ملكا للأمانة، التي يحق لها إعلان المزايدة على تأجيرها، ولكن ماذا يجري في عمليات المزايدة على المحال والورش التي تقام بين مدة واخرى؟
خدمات مفقودة
ويسرد "ابو جاسم" وهو من اوائل المتعاقدين "مساطحة" مع امانة بغداد على ورشة في الحي الصناعي لوكالة نون ما يجري بالقول ان" الحي الصناعي في البياع يعاني من جملة مشاكل منها حفر اسالة الماء لمداخل الحي وتركها دون تبليط مع العلم ان كل عمل وخدمات الحي مخصص للسيارات، فاصبح المدخل حفر ومطبات، والمفترض ان المشروع الذي حفرت على اساسه الشوارع يغذي الماء لمناطق ومنها الحي الصناعي، ولكن اي تغيير لم يحصل ومر علينا فصل الشتاء ونحن الان في الربيع ولا توجد مياه اسالة الا باستخدام (الماطور)، اما في فصل فصل الصيف فالمعاناة اكبر، مع العلم ان كل شوارع الحي الصناعي البالغ عددها (9) شوارع والتي تضم اكثر من (1000) محل وورشة وهناك مرآئب فيها محال تجارية كل شوارعه متعبة ولم يتم اكسائها منذ اكثر من ثلاث عقود، ويعتاش عليها الاف العمال والاسطوات واصحاب المحال وتقف من ورائهم عائلات رزقها مرتبط بعمل هذا الحي، اما اعمال رفع النفايات فلا تعرف اليات البلدية للحي الصناعي سبيلا، وهناك متعهد يقوم بجمع النفايات مقابل اشتراك شهري قدره (20) الف دينار من كل محل، وكذلك الكهرباء غير جيدة ونعتمد على المولدات الاهلية، ".
بناء ومزايدة
ويضيف ان" محالنا كانت داخل منطقتي البياع وحي العمال وعندما اتخذ قرار بمنع مزاولة تلك المهن داخل المدن السكنية في العام (1979) وما بعدها منحنا ارض في الحي الصناعي شريطة ان نقوم ببناء المحل او الورشة او المرآب بالكامل وندفع اجور رمزية سنوية عليها لمدة عشر سنوات ثم تعود الارض وما عليها الى امانة بغداد، وندخل بعدها على المحال والورش مزايدة لنحصل عليها، وانا قمت ببناء المحل بمبلغ (14) الف دينار وكان مبلغا كبيرا، كوني بنيت بيتي حينها بمبلغ (18) الف دينار، وكانوا يمددون مدة الاستئجار وحسب قانون رقم (30) الى خمس سنوات، لكن المشكلة التي تحصل ان المستأجر يموت فيمكن لورثته الدخول في المزايدة، واصعب حالة عانت منها عائلات المتوفين هي عندما تكون ذريته من البنات واللواتي يرغبن بتحويل عقد المحل باسم احداهن ولكنهن يتعرضن لضغوط كبيرة واخذت منهن المحال، من قبل جهات مشبوهة تدخل الى المزايدة في امانة بغداد وتلعب لعبتها بالقوة وبطريقتين اما فرض اتاوات على من يريد ان يبقى بمحله، وكان الابتزاز قبل سنوات مئة دولار ثم اصبحت مئتين ثم وصلت الى (500) دولار حتى وصلت الى الاف الدولارات، او من كان ضعيفا او بنت ولا سند لها يزايدون عليها ويهددونها ويأخذون المحل، واستولوا على عشرات المحال وضغطوا على مئات من اصحاب المحال وابتزوهم، مع العلم ان الحي الصناعي فيه محلات تقدم خدمات الصيانة والادامة للسيارات وليست معارض سيارات ربحها اكبر واكثر".
ارتفاع الايجارات
ويشير "ابو صادق" صاحب ورش لوكالة نون الخبرية ان" العمل سابقا مكون من عقد بيننا وبين الامانة ويتجدد لنا كل خمسة اعوام، ومن يريد ان يدخل المزايدة يجب ان تنطبق عليه مجموعة شروط وضوابط، اما الان فاصبح الباب مفتوح لكل من هب ودب، ولا علاقة لهم بتقديم خدمات الصيانة للسيارات، بل همهم الربح الحرام سواء بفرض اتاوات على المزايدين او اصحاب المحال الحقيقين، او الضغط والتهديد وكسر القرار في المزايدة لمن يجدد عقد محله لاخذ الورشة او المحل ومن ثم بيعها باسعار اعلى وعدم العمل فيها، ولا يسلم منها الا من يجلب استشهاد من وزارة العمل لمن حاصل على اجازة ممارسة المهنة يؤيد استمرارك بالعمل فيتم تجديد العقد، لكن هناك مشكلة اخرى تتمثل في الايجارات التي ترتفع بين مدة واخرى، فبعد ان كانت (700) الف دينار سنويا، اصبحت مليون (750) الف دينار سنويا، ومعها رسم ممارسة مهنة قدره (10) بالمئة دون معرفة اسباب فرضه او اين تذهب امواله، وتستوفى ايضا رسوم ضريبة التي تصل الى حوالي مليون و(200) الف دينار بعد ان كانت قبل العام (2014) مبلغها (150) الف دينار فقط، كما تفرض عليك رسوم تشغيل عامل البالغة (120) الف دينار حتى وان لم يكن عندك عامل في المحل، بينما تجد الان الكثير من المناطق السكنية فتحت بها محال تعمل نفس مهن وتجارة اعمالنا وتبقى لاوقات متأخرة من الليل، بينما نحن محددون بالعمل لغاية الساعة الرابعة عصرا فقط، وتنافسك دون ان تدفع اي شيء للدولة ودون وجه حق ولا تحاسب كما اغلقت محالنا سابقا، ولم تراعي امانة بغداد اي ظرف يمر به البلد وتساعد الكسبة، حيث بادر مالكي ورش ومحال الى عدم استيفاء الايجارات لعدد من الشهور خلال جائحة كورورنا او مقاتلة عصابات "داعش" الارهابية، الا ان الامانة استمرت بالاستيفاء رغم توقف الحياة".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- قناني الماء تحت أشعة الشمس.. الصحة تتوعد أصحاب المحال من عرض بضائعهم بطرق غير صحية
- بخطط غير مدروسة.. بغداد تزيح منشآتها الصناعية خارجها
- "رداءة" الأثاث المستورد تعيد الحياة للنجارة المحلية