بذرة زرعها والد واتسعت لتصبح مسجدا وموكبا يعمل بحجم مؤسسة كبيرة لتحيي فروض الدين والشعائر الحسينية، خرجت اجيالا تلو الاجيال، ولها بصمات في كل المدن المقدسة والمراقد المطهرة، قدمت حزمة من الشهداء وقارعت الباطل والارهاب، وشاركت في قتال "الدواعش"، وحضر افتتاح مسجدها ومحاضراتها كوكبة من العلماء وتجاوزت خدماتها الحسينية حدود العراق، تلك هي البذرة التي انتجت موكب عزاء اهالي حي العامل المركزي في بغداد.
اول مسجد
وقال صاحب الموكب الشيخ محمد الدنبوس لوكالة نون الخبرية "اسس الموكب الشيخ عبد الزهرة عبد الله الدنبوس قبل (60) عاما، وقبل هذا العام كان الموكب موجودا ويديره جدي في محافظة ميسان ويقيم المجالس والعزاء بحكم الوجاهة العشائرية التي تتضمن القضاء وحل النزاعات واحياء الشعائر، وانتقل الى بغداد واستمر بالخدمة، لكنه اخذ الطابع الرسمي في عام (1964)، وتسمية (المركزي) متعلقة بانتقال عائلتنا من منطقة (علي الصالح) الى (حي العامل) التي كانت تسمى سابقا (دور السكك) وشيد والدي اول مسجد فيها وسمي (جامع وحسينية الزهراء) وكان اول منبر ينصب في المنطقة وافتتح المسجد الشهيد السيد (مهدي الحكيم) الذي اغتاله الطاغية المقبور في السودان، وحضر افتتاحه كوكبة من رجال الدين والعلماء منهم السيد (مرتضى العسكري) صاحب كتاب (معالم المدرستين)، واستمر المسجد والموكب في خدمة الدين واحياء الشعائر وصار المكان المركزي للمحبة والتآخي بين جميع اهالي حي العامل والمناطق المجاورة لها من السنة والشيعة، وفي سبعينيات القرن الماضي كان نقل الموكب يتكفل به الاخوة الجنابيين السنة بعجلاتهم الى كربلاء المقدسة ويساهمون في شعائر زيارة الاربعينية مثل اعداد الطعام وموكب الزنجيل والتشابيه التي تعرض بشكل مميز، وكان جملة من الخطباء المشهورين حينها يلقون المحاضرات في المسجد، ومنهم السيد حسين الشامي، وآخر خطيب منبر كان يحيي المجلس هو آية الله الشيخ فاضل المالكي واراد ازلام الطاغية القاء القبض عليه في المسجد لكنه تمكن من الفرار الى ايران، ويحضى المسجد والموكب بمباركة المرجع الديني حينها السيد محسن الحكيم (قدس سره)".
شهداء وشعائر
وعن زمن التضييق الامني والمنع والاعتقالات يشير الشيخ محمد الدنبوس الى ان "الوجاهة العشائرية المعروفة لوالده في بغداد والمحافظات والسمعة الطيبة، كانت حاجزا بين منع الشعائر واقامتها، وبقيت الشعائر تقام لكن بحدود ضيقة واستمرت قراءة المقتل الحسيني من قبل اخي القارئ (ماجد) الذي اعتقلته مديرية امن السيدية، والانتقالة الاخرى كانت بعد زوال الطاغية ونظامه الدموي، ولمدة اربع سنوات يسير من المسجد في حي العامل موكب زنجيل الى حرم الامامين الكاظمين، وتعرض الموكب الى اعتداءات ارهابية باستهدافه بعبوات ناسفة في منطقة حي العدل التي كانت تعشعش بها العصابات الارهابية، واستشهد (7) من خدام الموكب، كما تعرض مبنى المسجد في حي العامل الى اعمال ارهابية كونه يواجه منطقة العشرة المبشرة التي كانت معقلا للارهابيين وقدمنا عدد من الشهداء واكثرهم من الطاعنين بالسن، ولم تتوقف خدمتنا واحيائنا للشعائر تأسيا بسيدتنا زينب (عليها السلام) ومقولتها المشهورة للطاغية يزيد بن معاوية (والله لا تمحو ذكرنا)".
شكر من السيد السيستاني
وتابع الدنبوس كلامه بالقول ان "الموكب حصل على كتاب شكر من المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني كونه اول موكب دخل الى سامراء المقدسة واحيا شعائر الحسين (عليه السلام) بعد التفجير الارهابي لمراقد العسكريين، وبعد سقوط المحافظات بيد عصابات (داعش) الارهابية، اسس الموكب مخازن قاطع صلاح الدين واصبح موقعا لوجستينا للمقاتلين يمتد من قضاء الدجيل الى قضاء بيجي ويقدم يوميا (7000) وجبة طعام لمقاتلي الحشد الشعبي، وفي الكاظمية حصلنا على موقع مميز في ساحة عدن وهي ملتقى اهالي الكرخ والمحافظات وبدأنا بسردق واحد واصبحت الان خمس سرداق بمساحات كبيرة جدا، وهذه الدور المطلة على الساحة تابعة لوزارة الكهرباء تعاونوا معنا بشكل منقطع النظير ليساعدونا على تقديم افضل الخدمات للزائرين واصبحوا خداما بالموكب، ويعمل في الموكب (75) خادم ولدينا افران تصنع الصمون والمعجنات ونقدم اكثر من سبع وجبات تشمل مختلف انواع المأكولات من التمن والمرق والمشويات والنواشف والعصائر والشاي والقهوة ونستمر لمدة ستة ايام، ونستطيع القول ان حوالي سبعة الاف وجبة تقدم يوميا، اي بحدود (45) الف وجبة في الزيارة، ويشارك معنا خدام من دول خليجية اصبحت بيننا وبينهم صداقات، اما في محرم والاربعينية فنقيم شعائر في حي العامل بقراءة (المقتل) ومسيرات لاكثر من (30) موكبا حسينيا، مع عرض التشابيه للمعركة، وفي كربلاء المقدسة نقدم الخدمات من الاول من صفر الى اليوم الثامن عشر منه قرب ضريح ابي الفضل العباس، وباضعاف ما يقدم في بغداد والخدمة مستمرة (24) ساعة والخدام عراقيين وعرب، ثم ننتقل الى النجف الاشرف لاحياء ذكرى استشهاد الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله)، ونذهب في ربيع الاول الى سامراء لاقامة العزاء ونعود الى واسط لاحياء استشهاد الصحابي سعيد بن جبير، ونشد الرحال الى مدينة قم المقدسة لاحياء ذكرى وفاة السيدة فاطمة المعصومة داخل الصحن وهو الموكب الوحيد الذي حصل على هذا الاستثناء، كما نقيم في مرقد القاسم بن الكاظم في بابل عزاء بذكرى استشهاده".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- يجريها فريق طبي عالمي مكون من (24) متخصص.. قلب الطفل "ايمن" من كركوك يعالج في مستشفى زين العابدين الجراحي
- لرعاية النازحين :العتبة الحسينية تفتتح مركز رعاية صحية في مستوصف الرسول الاكرم في لبنان(فيديو)
- اسكنوا اعداد اضافية وقدموا خدمات :اصحاب فناق سوريون يثمنون مبادرات العتبة الحسينية ويتعاونون معها