فقد طيران الجيش العراقي، يوم الثلاثاء الماضي، خامس طياريه، خلال عامين فقط، في حوادث غامضة يغلب عليها سقوط طائراتهم، وما يزيد تلك الحوادث غموضا هو أنها لم تحدث خلال حالات التدريب، بل أثناء أداء المهام الاعتيادية، ما عزاه خبراء بالأمن إلى غياب الصيانة والإهمال والفساد.
وكانت وزارة الدفاع، نعت يوم الثلاثاء الماضي، النقيب الطيار علاء سلمان داود، الذي توفي في المستشفى بعد تعرضه إلى إصابة نتيجة سقوط إحدى الطائرات التابعة لقيادة طيران الجيش أثناء نقل صناديق الاقتراع بعد إنتهاء الانتخابات الخاصة بمجالس المحافظات وعند اقلاعها من مطار حليوة في طوزخورماتو.
ويقول الخبير في الشأن الأمني أحمد الشريفي، إن "هناك تقصيرا كبيرا في الاهتمام بالطيارين العراقيين، فارتفاع حالات الوفيات مؤشر خطير ومقلق، خاصة وأنها تحدث بسبب إهمال أعمال الصيانة والمتابعة الفنية من قبل الجهات ذات العلاقة والاختصاص".
ويضيف الشريفي، أن "الأعطال الفنية المتكررة في بعض الطائرات، هي ليست بسبب الطيار، بل بسبب انعدام صيانة هذه الطائرات، وهذا الملف بالتأكيد لا يخلو من الإهمال والفساد، إذ يجب الاهتمام بهذا الملف من أجل ضمان الحماية للطيارين العراقيين، الذين بات العراق يخسرهم بعد صرف الأموال عليهم من أجل تدريبهم بشكل جيد".
ويؤكد أن "الارتفاع في وفيات الطيارين العراقيين أمر غير طبيعي ويجب الوقوف عليه ووضع حد له، إذ أن تكرار تلك الحوادث سيكون له تأثيرات سلبية على القوة الجوية العراقية وطيران الجيش، ما قد يشيع الخوف في نفوس الطيارين، وهذا من شأنه أن يقلل من كفاءتهم".
وقد كشفت مصادر مطلعة ومقربة من الطيار الراحل، خلال ما تناقلته وسائل إعلام عدة، أن الطيار رقد في مستشفى بمحافظة السليمانية منذ تعرضه للحادث، دون أن تتكفل الوزارة بتأمين علاجه أو رعايته، بل وقع الأمر على عاتق عائلته والتي دفعت لغاية وفاته 17 مليون دينار (قرابة 12 ألف دولار).
وكشفت وسائل اعلام محلية في 23 كانون الأول الحالي، عن توجه لإعفاء قائد طيران الجيش الفريق سمير زكي، على خلفية تكرار حوادث سقوط الطائرات، وغالبا ما تؤدي لمقتل عدد من الضباط، وفقا لمصدر أمني رفيع المستوى، فيما أكدت أن الطائرات العراقية، المملوكة للجيش أو القوة الجوية، تفتقر إلى الصيانة المطلوبة، كما أن قطع الغيار لا تتوفر، وأن العراق بسبب ذلك يعمل بـ35 بالمئة من طائراته العسكرية.
يذكر أن العام 2021، شهد فقدان العراق لثلاثة طيارين من طيران الجيش، الأول في شهر تموز، والثاني في ذات الشهر، والثالث في كانون الأول من العام ذاته، إثر سقوط طائراتهم.
وفي كانون الثاني الماضي، فقد المقدم الطيار مروان عويد سلمان التميمي، حياته إثر حادث سير، ليضاف إليهم، النقيب الطيار علاء سلمان، الذي فقد حياته الثلاثاء الماضي.
من جهته، يبين الخبير في الشأن العسكري العميد المتقاعد عدنان الكناني، أن "العراق خلال السنوات القليلة الماضية سجل حالات وفاة لعدد من الطيارين ولأسباب مختلفة، لكن هذا يثير الشكوك لكونه أمرا غير طبيعي، خاصة وأن حالات الوفاة تحدث في أعمال غير تدريبية، كون وقوع الحوادث خلال التدريب أمر متوقع ويحصل في جميع الدول".
ويردف الكناني، أن "الطائرات العراقية الحربية المختلفة أو التابعة للجيش، تكون بحاجة إلى اعمال صيانة دورية ومتابعة بشكل يومي، خاصة قبل الإقلاع، لكن هناك إهمالا في هذا المجال، وهذا هو السبب الرئيس بفقدان الطيارين".
ويشير إلى "غياب أية إحصائية دقيقة لعدد الطيارين في العراق، وهو أمر طبيعي يعود لأسباب أمنية وعسكرية، لكن هناك تقصيرا كبيرا تجاه هؤلاء الطيارين، فهم بحاجة إلى الاهتمام بشكل أكبر مع استمرار دورات التطوير والتدريب لهم، وهذا غائب لشديد الأسف، رغم أهمية الطيار في حسم الكثير من المعارك".
يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، اجتمع بعد تسنمه منصبه العام الماضي، مع رئيس وأعضاء لجنة التسليح في وزارة الدفاع، حيث شهد الاجتماع استعراض الخطط التسليحية المعتمدة خلال السنوات السابقة بدءا من عام 2004، كما وجه السوداني بإجراء إعادة نظر شاملة في مساراتها، وإعادة النظر بآليات التعاقد في ضوء الأولويات المدروسة وأن يجري تقديم الدفاع الجوي في جانب التسليح والتجهيز.
يذكر أن العراق أعلن في أيار الماضي، عن وصول 4 طائرات تدريب باكستانية من طراز السوبرموشاك، ضمن الوجبة الأولى من أصل 12 طائرة.
وأبرم العراق عقدا مع روسيا عام 2012، لتزويده بـ24 طائرة سوخوي 25، لكن الصفقة لم تنفذ في حينها، ولم يتسلم العراق أية طائرة حتى عام 2014 في خضم الحرب مع داعش.
وكان العقد مع روسيا من أبرز عقود التسليح التي أثارت لغطا كبيرا بسبب شبهات الفساد التي رافقته، وكانت قيمته 4 مليارات دولار، وتضمن طائرات ومنظومة صواريخ وأسلحة متنوعة، وتم اعتباره من أكبر عقود التسليح التي أبرمتها روسيا.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- (122) شهيد وجريح في قصف واحد.. سيدة لبنانية تروي قصة استشهاد شقيقتها و(5) ومن افراد عائلتها
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)