بعد تلقي رئيس الوزراء دعوة رسمية لزيارة واشنطن، كشف مراقبون عن تحضيرات عالية المستوى لإنجاح زيارة مرتقبة إلى موسكو، وفيما رجحوا تعقيدها العلاقة مع البيت الأبيض، أكدوا أن سيد الكرملين يسعى لمزاحمة الولايات المتحدة في المنطقة، في حين يؤشر مقرب من الإطار التنسيقي، نجاح الحكومة في نهجها ضد سياسة المحاور.
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، إن "الترتيب لزيارة السوداني إلى روسيا يجري بشكل عال على مختلف المستويات منذ فترة فهناك وفود ذهبت إلى موسكو من أجل التنسيق لهذه الزيارة التي لن تكون بروتوكولية بكل تأكيد".
وكان وزير الخارجية فؤاد حسين، كشف أمس الأول الخميس، عن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى روسيا قبل نهاية العام الجاري، مشيرا إلى أن العلاقات بين الطرفين ما زالت قوية، على الرغم من العقوبات المفروضة على موسكو، والتغيرات في البيئة السياسية الناجمة عن النزاع في أوكرانيا.
ويضيف الشمري، أن "روسيا في ظل توجهاتها نحو العراق وصراعها مع الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تكشف عن رغبة كبيرة بأن تتواجد في العراق على مستوى الجغرافية الاقتصادية والعسكرية وحتى السياسية، وتريد أن تخلق نداً للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يجعل الزيارة إلى حد كبير معقدة، خصوصاً وأن مبدأ التوازن فشل بالنسبة للعراق ولم ينجح".
ويتوقع للزيارة أن "تستفز الولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما أن هناك رغبة بزيادة استثمارات الشركات النفطية الروسية، وثمة ضغط روسي تجاه تحويلات مالية بالدولار الأمريكي إليها ومحاولة للضغط على العراق لعقد صفقات تسليح روسية، وكل هذه الملفات سوف تبحث خلال زيارة السوداني المرتقبة إلى الكرملين".
ويكمل رئيس مركز التفكير السياسي، أن "هذه الملفات وغيرها سوف تزعج الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الوقت نفسه تكشف عن إمكانية السوداني بقدرة اللعب في مساحة التوازنات، لكن أمر قبوله الزيارة إلى موسكو يبعث في الوقت نفسه برسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن في النهاية تعد الزيارة وملفاتها من مصلحة الجانب الروسي".
وفي تموز الماضي، قال السفير الروسي في بغداد إلبروس كورتاشيف إن رئيس الوزراء العراقي قبل دعوة لزيارة روسيا، لكن موعد الزيارة لم يتحدد بعد.
وتأتي أنباء زيارة السوداني إلى روسيا في ظل تلقيه دعوة رسمية من الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، لزيارة العاصمة واشنطن، وذلك خلال تواجد رئيس الحكومة في أمريكا على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الثامنة والسبعين.
من جهته، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي، أن "أيّ رئيس وزراء ذكي، يفكر في مصلحة بلده فقط، ولهذا رئيس الوزراء عندما يحسن علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية، عليه أن لا يفكر في ايران، وإذا حسن علاقاته مع روسيا عليه أن لا يفكر بالولايات المتحدة الأمريكية، وهكذا".
ويبين الدعمي، أن "التفكير يجب أن يكون في مصلحة البلاد، لأن الدولة الإقليمية والعالمية إذا اقتنعت بأن الحكومة العراقية لا تعمل لجهة وتعمل لمصلحة بلادها فقط ولديها علاقات متوازنة، ستكون هذه العلاقات الإقليمية والدولية ناجحة، ولهذا على السوداني ليس مسك العصى من الوسط فحسب، بل مسك عصى مصلحة العراق والعراقيين".
ويضيف أن "رئيس الوزراء مطالب بوضع مصلحة العراق والعراقيين في كافة تحركاته الإقليمية والدولية، وعدم التفكير بمصلحة أي بلد في هذه التحركات، وهذا هو سر نجاح الحكومة، وبخلاف ذلك ستكون الزيارات بلا منفعة حقيقية للعراق، وستكون لمصالح بعض الأطراف الإقليمية والدولية على حساب العراق والعراقيين".
ويرتبط العراق بعلاقة متينة مع إيران والصين وروسيا، وكان يعد جزءا من هذا المحور، الذي يعارض السياسة الأمريكية، لكن وبعد تشكيل الحكومة الجديدة، تطورت العلاقة بين بغداد وواشنطن، وحظيت هذه الحكومة بدعم أمريكي كبير.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زار بغداد، في شباط الماضي، وعقد لقاءات مع الرئاسات، وخلالها جرى التأكيد من بغداد وموسكو على أهمية العلاقة بين البلدين وتطويرها خاصة في مجال الاستثمار، لكن بغداد أكدت على ضرورة الحل السلمي لأزمة أوكرانيا.
وصوت العراق في شباط الماضي، على قرار الأمم المتحدة القاضي بانسحاب روسيا من أوكرانيا، ووصف هذا التوجه في حينها بأن بغداد أصبحت جزءا من "المحور الأمريكي- الأوروبي"، لاسيما وأن حلفاء روسيا امتنعوا أو صوتوا ضد القرار، وعدت بأنها خطوة الخطوة "براغماتية"، أساسها البحث عن مصلحة البلاد.
إلى ذلك، يعتقد المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي كاظم الحاج، أن "السوداني نجح خلال الفترة الماضية في إيصال رسائل لكل الأطراف الإقليمية والدولية بأن حكومته ضد سياسة المحاور وهي مع علاقات متوازنة مع كافة الأطراف دون الوقوف مع محور ضد أي آخر".
ويوضح الحاج، أن "طبيعة علاقات الحكومة العراقية المتوازنة مع الأطراف الإقليمية والدولية، هي سر تطورها وحصول الحكومة على الدعم الدولي، على مختلف الأصعدة، فهناك دعم دولي كبير للسوداني وحكومته بمختلف المجالات، ولذا فهو يتلقى دعوات لزيارة دول مختلفة".
ويضيف أن "السوداني خلال زيارته الإقليمية والدولية يبحث الملفات التي تعزز مصلحة العراق من خلال جلب الاستثمار والحصول على الدعم الدولي لتقوية الاقتصاد العراقي، وكذلك ضبط الاستقرار الأمني من خلال مذكرات واتفاقات أمنية تسهم بتطوير القطاع الأمني والعسكري في العراق، فالملفات التي يبحثها السوداني في كل زيارة خارجية تكون فيها مصلحة العراق أولاً".
وكشفت تقارير صحفية في شباط الماضي، عن حراك يجري في المنطقة بقيادة روسيا، وذلك بالتزامن مع زيارة رئيس البرلمان الأردني إلى بغداد آنذاك، التي جاءت بعد اجتماعات لوفد روسيا في الأردن، ومن ثم تحركت الجارة الغربية نحو بغداد ومن ثم الكويت، وهناك بحثت أيضا الملفات العالقة بين العراق والكويت.
وتعمل في العراق شركات نفط روسية عدة، في الحقول الجنوبية، بالإضافة إلى شركات استثمارية أخرى، وهذه لم تتأثر بالحرب مع أوكرانيا ولم تنسحب نتيجة لفرض الحصار على روسيا، بل استمر عملها حتى الآن بشكل طبيعي.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟
- تحالف السوداني والصدر.. "جس نبض" أم تهديد لـ"الإطار"؟
- أدخنة النفايات والمعامل تخنق سماء بغداد.. فأين الحلول؟