اكد ممثل المرجعية الدينية العليا ان البشرية الان بأمس الحاجة الى مبادئ الامام الحسين (عليه السلام)، لانه استطاع بما يحمله من القمة والمجد ان يعبر الحدود الفاصلة بين الاديان وبين القوميات، والحدود الفاصلة بين الاوطان حتى جمع في ثورته اصحاب اديان وقوميات اخرى.
وقال المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال استقباله لضيوف المؤتمر الدولي السابع لزيارة الأربعين والذي يضم (26) دولة عربية وأجنبية اننا" سعداء جدا ان نلتقي مع هذه الثلة ممن يحملون هموم الانسانية وجاؤوا هنا ليجدوا الحل عند الامام الحسين (عليه السلام)، للهموم التي تعيشها الانسانية بصورة عامة في الوقت الحاضر، ونستطيع القول في ضوء ما عبر عنه الحاضرون جميعا. ان الامام الحسين (عليه السلام) اصبح مهوى قلوبهم.
واضاف ان ثورة الامام الحسين (عليه السلام) وتضحياته حصلت قبل تقريبا اربعة عشر قرن اي (1400) سنة، ولكن كيف استطاع الحسين (عليه السلام) ان يجعل قلوب عشرات الملايين تهوى اليه، وما هو ذلك الحب الذي جعلنا نبكي على الحسين (عليه السلام) طوال عمرنا، وكيف وصل ذلك الحب وصل الى هذه المرتبة بان جعل هؤلاء على استعداد ان يضحوا بانفسهم واهلهم واولادهم في سبيل القضية الحسينية، لان الامام الحسين(عليه السلام)عاش في قلوبنا اكثر مما عاش الاب والام وغيرهم من البشرية في قلوبنا، ووصل هذا الحب الى حد ان الانسان يأتي مشيا على الاقدام او يتعرض في اي لحظة الى تفجير ارهابي وان يقتل، هذا الحب الذي دفع الغني والفقير والرجل والمرأة والكبير والصغير والمعاق والذي لا يملك القدرة على السير لان يخرج ويسير لمئات الكيلومترات ليزور الحسين وان يخدم الامام الحسين (عليه السلام)".
وبين الشيخ الكربلائي ان " الامام الحسين (عليه السلام) استطاع بما يحمله من القمة والمجد في ان يعبر الحدود الفاصلة بين الاديان وبين القوميات، والحدود الفاصلة بين الاوطان حتى جمع في ثورته اصحاب اديان وقوميات اخرى، لذا قاتل بين يديه المسيحي والعبد الاسود في وقته، واستشهدوا بين يديه بل ان عائلة المسيحي الذي قتل بين يديه كانت تريد ان تقاتل ايضا، واذا اردنا نحن ان نحيا في قلوب الناس فعلينا ان نحمل مبادئ الامام الحسين واذا اردنا ان تحيا الانسانية، ونحمل تلك المبادئ وتحيا القلوب وتطهر، وما يحتاج اليه مجتمعاتنا في الوقت الحاضر فعلينا ان نحيا على مبادئ الامام الحسين وننقلها الى البشرية، وتعقيبا على ما ذكره بعض الحاضرين ان الحسين (عليه السلام) هو القلب النابض للشيعة، وانا اقول ان الحسين عليه السلام هو القلب النابض لكل الانسانية
وتابع ممثل المرجعية الدينية العليا حديثه "اذا اردنا ان نحمل مبادئ الدفاع عن العدالة والانسانية والحرية علينا ان نحمل مبادئ الامام الحسين (عليه السلام)، واذكر نقطة مهمة هنا لمن تحدث من دولتي هولندا او المانيا ارجو الالتفات اليها، فقد ذكروا التجربة الروحية والسيكولوجية التي يفتقدونها في بلدانهم ، واذا اردنا ان نحل كثير من المشاكل التي تعيشها البشرية في الوقت الحاضر، فعلينا ان نتعلم كيف عاش الامام الحسين (عليه السلام) مع الناس تلك الحياة الروحية والنفسية".
واوضح الكربلائي " اذا اردنا للبشرية ان تعيش هذا الاحتراب الثقافي والحضاري المشترك الذي نحتاج اليه كثيرا الآن، خصوصا بعد حصول بعض الازمات التي نتجت عن بعض التصرفات المسيئة، فعلينا ان ندخل في عمق المبادئ الانسانية التي عاشها وعلمها الامام الحسين (عليه السلام)، وعلى سبيل المثال حينما صرع احد اصحابه وهو عبد اسود قاتل بين يديه واستشهد، جاء الامام الحسين(عليه السلام) وهو ابن بنت رسول الله وضع خده على خد العبد الاسود عندما استشهد، كذلك حينما تمكن من السيطرة على الماء واعدائه لم يكن لديهم ماء فسقاهم الماء لهم ولخيولهم ودوابهم، هكذا تعامل بإنسانية، بينما اعداءه حرموه من الماء حتى مات عطشانا، ونحن الآن في وقت وفرة فيه كثير من الامور المادية للمجتمعات في العالم، ولكني التفت الى قضية مهمة ذكروها ضيوفنا القادمون من هولندا والمانيا، بانهم يشعرون بالحاجة الكبيرة للجانب الروحي والنفسي، لذلك نرجو منهم ان ينقلوا ما وجوده في مسيرة الاربعين من تجسيد لمبادئ روحية ونفسية واخلاقية عالية، لكي يستطيع ان ينهض المجتمع البشري من هذه المبادئ التي نحن بأمس الحاجة لها في الوقت الحاضر اكثر من اي وقت مضى".
وتابع " نحن بحاجة الى ان نحيي تلك المبادئ التي جسدها النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وجسدها الامام الحسين والسيد المسيح (عليهما السلام)، واحد المبادئ المهمة التي يجب علينا ان نروض انفسنا عليها للتخلق بها ونتعلمها من هذه المسيرة وانا احد الذين يجب عليه ذلك، ان نعطي ونقدم ونخدم الآخرين دون ان نطلب منهم مقابلا لا مال ولا شيء اخر نعطي ولا نأخذ من الآخرين، لذلك ما ذكره جناب القس عندما اراد ان يأتي الى العراق بان هناك من اخبره ان العراقيين لا يحبون المسيحيين، اعقب عليه بالقول ان ما تعلمناه من الامام الحسين وما امرنا به المرجع السيد علي السيستاني في المعركة مع "داعش"، هناك مناطق لسكان ايزيديين واخرى للمسيحيين وغيرها للسنة محاصرين من قبل عصابات "داعش" الارهابية، وامر المرجع الديني بنقل الاغذية والادوية وباقي الاحتياجات عن طريق رجال دين معممين مثلي مع تلك المساعدات الى تلك المناطق مع ما فيها من مخاطر وربما يتعرضوا الى القتل ونقلوا الاغذية والادوية لفترات طويلة الى تلك المناطق، وكانت بعض المناطق محاصرة من اربع جهات حتى وصل كيس الطحين الى مليون دينار اي ما يعادل (800) دولار اميركي في حينها، وكانت المساعدات تنقل بالطائرات العسكرية وبقي نقل المواد الغذائية واللوجستية من خلال الشيوخ المعممين لاسابيع عدة بالطائرات العسكرية ومجانا الى تلك المدينة المحاصرة، وايضا مدينة سنجار الايزيدية عندما حاصرتها عصابات "داعش" نقل الشيوخ المعممون المساعدات لمدة طويلة الى تلك المدينة، واهلها من غير المسلمين، فعندما ذهب رجل دين بهذه المهمة كانت على اساس انساني ووطني".
واشار الى ان "الذي نأمل منكم ان أن تجعلوا الحسين (عليه السلام) يعيش في قلوبكم، والنقطة الثانية المهمة هي لابد ان نعيش مأساة الامام الحسين (عليه السلام) ولحظة نعيشها معه. مستشهدا بحادثة مقتل الرضيع في واقعة الطف الاليمة بقوله "لو ان كل واحد منا لديه طفل بعمر ستة اشهر ولنتخيل ذلك وان هذا الطفل يبكي من شدة العطش ثم يذبح بين يديه وعلى كل منا ان يتصور هذا الموقف، وعليه ان يتصور هذا وطفله يذبح بسهم يدخل من نحره ويخرج من الطرف الآخر. ونقطة اخرى مؤلمة جدا تتعلق بالنساء واحاول تخيلها فيصعب علي الامر، لو ان كل واحد منا نحن الجالسين يأخذون زوجته وابنته واخته ويقيدونهن بالسلاسل من الحديد ويعرضونهن امام الناس ويضربوهن بالسياط ما هو موقفنا؟!، ويسيرون بهن من مدينة الى مدينة، وهل يحمل احدنا ان تضرب زوجته او ابنته او امه بضربة واحدة، وبنات النبي يضربن بالسياط تترا ، والمشكلة هنا انهم يعرضون امام الناس، كل ذلك تحمله الامام الحسين واخته زينب (عليها السلام) من اجلنا وقالت ما رأيت الا جميلا .
وختم الكربلائي حديثه بقوله للوفد اذا عدتم الى الى بلدانكم اعطونا وعدا ان لا ينسوا تلك المشاهد حتى يبقى الحسين في قلوبهم".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)