بدأ الموكب بتنور واحد وطحين الحصة التموينية للعائلة وزادت بركات الحسين (ع) ليصبح لدى الموكب اثنا عشرة تنورا طينيا تقف عليها نسوة جندن انفسهن لإطعام الزائرين من المشاية خبزاً حاراً، ويعملن كأنهن خلية نحل لا تكل ولا تمل، مجموعة من النسوة يبدأن عملهن في صناعة الخبز من ساعات الفجر الأولى ويستمر عملهن على مدار اليوم، موكب بدء بامرأة فقيرة لا تملك من حطام الدنيا شيئا، صنعت تنورا من الطين بأيديها واعانها اخيها وابنها، تطور العمل خلال (19) عاما حتى اصبح موكبا فيه عشر تنانير طينية ومكائن ونساء يتناوبن على العمل واخريات كثيرات من الزائرات يساعدنهن طلبا للاجر والثواب.
الحسرة والبداية
تحسرت وهي ترى المشاية يسيرون في طرق قضاء الرميثة وهي فقيرة لا تملك من حطام الدنيا شيئا لتنفقه على الزائرين، فبكت ونحبت وخاطبت ربها ان يجد لها سبيل للخدمة، هكذا توضح "حميدة كسار" المكناة ام فؤاد، وتضيف "شاهدت بعدها رؤيا بابي الفضل العباس (عليه السلام)، وعلمت منها ان علي ان اقدم الخطوة الاولى، فقمت في اليوم الثاني بصناعة التنور بيدي ونقلته الى طريق الزائرين، واخذت معي طحين الحصة التموينية الخاص بعائلتي، وقصدت احد المحال التجارية لاقترض منه بعض مستلزمات الخبز مثل الملح والخمرة بمبلغ (40) الف دينار، وقام اولادي بتسليمي مبلغ عشرة الاف دينار يوميا من عملهم اليومي لاشترى ما احتاجه للخبز، وخبزت في اليوم الأول كيس واحد، لكني شاهدت ان الطحين كأنما يتزايد، وفي اليوم الثاني تبرع لي شخص بكيس طحين ثم جاءت سيدة وتبرعت بكيسين، وهكذا زادت كميات الطحين وكثر التوزيع للخبز، ويساعدني خمس نساء بشكل مستمر ويساهم الكثير من النساء والرجال في صناعة خبز (العروك) يوميا للمشاية، طلبا للأجر والثواب".
اول موكب
ويشير مساعدها "جاسم محـمد فهد" الذي أسس معها فيما بعد موكب عبد الله الرضيع الى انها بدأت العمل في العام 2003 وكان المسير على طريق سكة القطار في الرميثة، وبدأت "ام فؤاد" بنصب تنور في العراء وجلبت الطحين من بيتها، واخذت تصنع الخبز الأبيض وتطعم به الزائرين وهي فقيرة الحال ولا تملك شيئا، لأنها كانت لسنوات تمني النفس ان تكون من خدام ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وساعدها أبنائها من خلال توفير مبالغ اجرهم اليومي كونهم عمال، لشراء الطحين ومستلزمات الخبز، وتعمل طيلة أيام الزيارة من الفجر الى المغرب ثم تعود لدارها، وبعدها وضعت تنورا ثانيا وثالثا لتزيد كميات الخبز المصنوعة للزائرين، واستقطبت نساء من المنطقة ليساهمن في صناعة الخبز، ثم التحقنا بها انا وابنها "سجاد".
موكب جديد
ويستمر مساعدها بسرد وضع الخدمة بالقول، في العام 2008 وبعد خمس سنوات انتقل مكان تقديمها للخدمة الى الشارع العام لقضاء الرميثة بعد تغير سير الزائرين، ولكن هذه المرة شيدنا موكبا من خيمتين ونصبنا (12) تنورا طينيا، والتحقت بالموكب عدد كبير من النسوة للعمل في صناعة الخبز، وتلقى الموكب اكياس الطحين من أهالي المنطقة والكثير ممن لديهن نذور ومن ميسورين، واشخاص آخرين ونساء اخريات جلبوا تنانير طينية للخبز فيها لنيل الاجر والثواب، ووصلتنا تبرعات بالمواد العينية من اميركا حيث ارسل لنا عجانة ومولدة كهرباء وشخص ارسل لنا من سلطنة عمان عجانة طحين طلبا للمراد والثواب، بعد مشاهدة مقاطع فيديو للموكب على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد عامين من العمل قررنا ان نصنع خبز "عروك" بعد نقاش بيننا، ونستهلك يوميا تقريبا (10) أكياس طحين نقدم فيها (3) الاف قرص خبز "عروك"، وبدأنا في الأعوام الأخيرة اعداد وجبات طعام للزائرين، مثل تشريب اللحم والدجاج والعصائر في وجبة الغداء، وتصلنا تبرعات كثيرة من اللحم بل وصل الى التبرع بـ"عجل كبير".
قاسم الحلفي ــ المثنى
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- في حي البلديات ببغداد: تجاوزات ومعاناة من الكهرباء والمجاري ومعامل تلحق الضرر بصحة الناس (صور)
- لتقيهم برد الشتاء القارص العتبة الحسينية تجهز العائلات اللبنانية الوافدة في سوريا بملابس شتائية(صور)