قوبل توجّه رئيس الحكومة لإقرار قانون حق الحصول على المعلومة، بتفاؤل حذر من قبل إعلاميين ومدافعين عن الحريات العامة والصحافية، بسبب القلق من تسخير القانون لحماية المسؤول عبر بنود فضفاضة لا تضمن للصحفي حرية حصوله على المعلومة، وسط الكشف عن إعداد مسودة جديدة للقانون تختلف عن السابقة، ستقدم للحكومة قريباً.
ويقول الإعلامي والباحث القانوني حسام الحاج، إن "مشروع قانون حق الحصول على المعلومة السابق الذي عرض على مجلس النواب، تم رفضه، ولذا نحن بصدد الحديث عن مشروع قانون جديد، ولغاية الآن شكل هذا القانون وما يحتويه من مواد غير واضح، لكن هناك قلقا استباقيا من هذا القانون، خصوصاً أن سلوك الحكومة الحالية ومجلس النواب هو الاتجاه نحو تقييد حرية التعبير وهذا اصبح واضحا من خلال مجموعة من السلوكيات في الآونة الأخيرة، خصوصاً مع رفع عدد من الدعاوى القضائية بحق مجموعة من المحللين السياسيين والصحفيين وقادة الرأي، فقط لانهم أعطوا آراءهم".
ويضيف الحاج، أن "انطلاق هكذا قانون من هكذا حكومة وهكذا مجلس النواب، بالتأكيد يصاحبه شعور بالقلق من فحوى هذا القانون، لكن حق الوصول إلى المعلومة، هو حق كفله الدستور العراقي، وهو يجب أن يكون حاضرا حتى نحقق ركنا أساسيا من أركان الديمقراطية، خصوصاً فيما يتعلق بالرقابة المجتمعية، وتكون المعلومات متاحة للمواطنين والصحفيين".
ويبين أن "هناك مشكلة جوهرية في عمق المنظومة التشريعية، فنحن نمتلك مجموعة من القوانين النافذة، تمنع الموظف من اطلاع الآخر على معلومات العقود ومعلومات تتعلق الوظيفة، حتى أن قانون انضباط موظفي الدولة، يعاقب بالسجن الموظف الذي يعطي أي معلومة، وهذا فيه مشكلة، كما لدينا مشكلة في قانون حقوق الصحفيين، ففيه معلومة أن للصحفي الحق في الحصول على المعلومة من مصادرها، ما لم يكن كشفها يشكل ضررا للمصلحة العامة، وهذا نص فضفاض، وقابل للتأويل، ويخفي الكثير من المعلومات بحجة أنها تشكل ضررا للمصلحة العامة، ولهذا نحن بحاجة إلى تعديل بعض القوانين ونحتاج إيضاحا قانونيا لبعض المصطلحات".
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وجّه يوم أمس الثلاثاء، هيئة النزاهة بدراسة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة، وتقديم ملاحظاتها خلال شهر، ضمن سياق الشفافية ودعم الصحفيين، كما وجه جميع الوزراء بقراءة نسخة القانون.
يذكر أن السوداني، سبق وأن قرر في آذار الماضي، بمنع تسريب أي كتاب رسمي، واتخاذ أشد العقوبات الانضباطية والجزائية بحق الموظفين المخالفين الذين يسربون هذه الكتب، ما أثار في حينها لغطا كبيرا وانتقادات من قبل الصحفيين، بسبب منعهم من الوصول للمعلومة، وعُدّ القرار آنذاك بأنه "تستر على الفساد".
وفي مطلع شهر أيار الحالي، نشرت وكالة الأنباء الرسمية، خبرا نقلا عن مصدر حكومي، تضمن: جرى اتخاذ إجراءات رادعة بحق موظفين تسببوا بتسريب الكتب الرسمية الصادرة عن مكتب رئيس الوزراء إلى وسائل الإعلام، وتم إحالة بعض هذه القضايا إلى هيئة النزاهة، حيث بلغ عدد الموظفين الذين اتخذت بحقهم الإجراءات القانونية 61 موظفاً، بينهم 10 من أصحاب الدرجات الخاصة.
إلى ذلك، يبين رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق مصطفى ناصر، أنه "كانت هناك مباحثات ونقاشات جدية في هيئة المستشارين بمجلس الوزراء بشأن إعداد مسودة حق الحصول على المعلومة، وقبل ذلك كانت هناك 3 مسودات مصاغة من قبل هيئة الإعلام والاتصالات وهيئة النزاهة إضافة إلى مسودة إحدى الدوائر البرلمانية، وجميعها مختلفة ومتفاوتة في الحقوق والحريات في نصوصها".
ويضيف ناصر: "قبل أن نطلع على المسودة المعتمدة لا يمكن القول إنها إيجابية أم سلبية، على الرغم من أن الدفع باتجاه تشريع مثل هكذا قانون هو أمر إيجابي، كما انه لدينا في جمعية الدفاع عن حرية الصحافة فريق قانوني يعكف منذ أشهر على كتابة مسودة لهذا القانون، وانتهى منه الأسبوع الماضي، وسيقدم إلى الجهات المختصة في مجلس الوزراء، ثم سنلاحق المشروع إلى مجلس النواب".
ويتابع رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق أن "من المعلوم أن تضارب الإرادات السياسية في داخل مجلس النواب تخلق من مسودات القوانين نصوصاً مشوهة والتفافية وغير صارمة، وهي مشكلة تعاني منها العديد من القوانين الآن".
يشار إلى أن مكتب السوداني، مستمر بملاحقة المحللين السياسيين قضائيا، حيث رفعت أمس الأول، دعوى قضائية ثانية بحق المحلل محمد نعناع، وذلك بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه، بسبب دعوى تقدم بها السوداني أيضا ضد نعناع، وكلا الدعوتين كان السبب هو القذف والتشهير.
ومنذ فترة حاول البرلمان تمرير قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، حيث أدرجه على جدول أعماله قبل أن يرفع منه بضغط من بعض الكتل السياسية، ويأتي ذلك بعد طرح قانون جرائم المعلوماتية، الذي رفع من جدول الأعمال بضغط أيضاً.
بدوره، يجد الصحفي حسام الكعبي، أن "مشروع قانون حق الحصول على المعلومة، لا يحمي الصحفي بالدرجة الأساس، بل يحمي المسؤول والحكومة والسلطات، فلا يمكن لأي صحفي أو مؤسسة إعلامية نشر أي معلومة دون تأكيد من المعلومة، خصوصاً أن الصحافة في العراق تعمل وفق مصادر، فلا يوجد قانون للصحفي يمكنه من الوصول إلى المعلومات، خصوصاً المتعلقة بالقضايا التي يفترض أن تكون على مستوى عال من الشفافية من قبل السلطات من رواتب المسؤولين وعدد حماية المسؤولين وغيرها من أعداد المستشارين، فهذه المعلومات وغيرها مغيبة عن الرأي العام".
ويبين الكعبي، أن "هناك ضرورة لهذا القانون، لكن بشرط أن يوفر حماية للصحفي وليس للمسؤول فقط، وتفعيل مثل هذا القانون يدفع الصحفي للبحث عن الحقيقة والمعلومة الدقيقة من مصادرها، ومن يرفض إعطاء الصحفي تلك المعلومات يجب أن يتعرض للمساءلة القانونية وفق هذا القانون".
ويضيف "إننا لا نعول على مجلس النواب، فهو يمثل إرادة الأحزاب التقليدية، التي لا تريد أي مكاشفة ومصارحة مع الرأي العام والصحافة، لكن نعتقد أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يريد أن يسلك سلوكا جديدا، بخصوص الإعلام والصحفيين، فهناك رسائل من الحكومة بأن السوداني جاد في أن ينظم عمل الصحافة والصحفيين، وكشف المعلومات، وهذه المرة الأولى يناقش فيها مجلس الوزراء مع هيئة النزاهة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة، وهذا سيكون له انعكاس إيجابي على الصحفيين".
جدير بالذكر أن السوداني، ضمَّن في منهاجه الحكومي، فقرة خاصة بتمرير قانون حرية التعبير عن الرأي.
وشهد شهر نيسان الماضي، حالات ملاحقة لمحللين سياسيين وناشطين، وأبرزها صدور أمر إلقاء القبض بحق المحلل السياسي، ليث شبر، وفق المادة 433 من قانون العقوبات العراقي، بناءً على دعوى رفعها مكتب رئيس الوزراء، وأساسها أن شبر تهجّم على رئيس الحكومة في أحد اللقاءات المتلفزة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- في حي البلديات ببغداد: تجاوزات ومعاناة من الكهرباء والمجاري ومعامل تلحق الضرر بصحة الناس (صور)
- السياسيون يتبارون بـ"التسريبات".. والحكومة تشكو "الاستهداف"
- المجلس الشيعي الاعلى في لبنان: السيد السيستاني الداعم الاقوى والاكبر للشعب اللبناني في هذه المرحلة المصيرية(فيديو)