فائدة استراتيجية بعيدة المدى وليست حالية، هكذا وصف متخصصون بالاقتصاد توجه العراق لإنشاء المنطقة الاقتصادية المشتركة مع الأردن، وأكدوا أنها ستساهم بتكامل الاقتصاد العراقي وتوسعه، خاصة وأن البلد لا يملك أدوات لمنافسة اقتصاديات دول المنطقة، فضلا عن الاحتكاك بين الصناعيين العراقيين مع نظرائهم المحترفين واكتساب خبرات، موضحين أن فوائدها المباشرة قد تكون معدومة وبصالح الأردن في المراحل الأولى، إلا أنها ستشكل نقلة نوعية مستقبلا.
ويقول الخبير الاقتصادي قصي صفوان، إن "العراق يتجه لحالة من التكامل الاقتصادي عبر المنطقة الاقتصادية مع الأردن، فالاقتصاد الأردني مستقر وشهد نموا خلال الفترات السابقة بطريقة متوازنة، وعليه فأن التكامل مع الصناعات الأردنية سيكون نوعا من التحفيز للصناعات العراقية، ودراسة احتياجات الأردن وتوفيرها من الداخل العراقي".
ويضيف صفوان، أن "موضوع التكامل الاقتصادي، يرتبط بحرية التبادل التجاري للبلد ووضع الخطط المشتركة بجميع القطاعات"، مؤكدا أن "العراق محاط بدول ذات اقتصاديات عالية، فلا يستطيع المنافسة دون خلق تكتل اقتصادي سواء مع الأردن أو مصر أو الخليج، حتى يكون نافذة للتبادل مع تلك الاقتصاديات القوية، وتدريجيا يمكن أن نستفيد من نقاط القوة لدى تلك الدول".
ويوضح، أن "الأردن أيضا لديها نظام مصرفي متكامل وتكنولوجيا صناعية، ويمكن أن يربط اقتصاد العراق بدول البحر المتوسط، كما أن العراق يمكن أن يوصل الصناعة الأردنية لآسيا عبر ميناء الفاو، لذلك استراتيجيا فأن هذه المنطقة تصب بمصلحة العراق، لكن مرحليا يمكن أن يستفيد الأردن فقط، لكن نشدد على أنه على المدى البعيد فهذه المنطقة ستكون بصالح العراق".
وكان مجلس الوزراء، وافق يوم أمس الثلاثاء، خلال جلسته الاعتيادية على تحديد قيمة بدل الإيجار للمساحة البالغة (4800) دونم، جزء من القطعة المرقمة (3078/1م1) الرطبة/ محافظة الأنبار، بحسب القيمة المقدرة من قبل وزارة المالية دائرة عقارات الدولة، فرع محافظة الأنبار، البالغة عشرة ملايين دينار للدونم الواحد وبنسبة 2 بالمئة، لإنشاء المدينة الاقتصادية المشتركة بين العراق والأردن، بوصفه مشروعا استثماريا.
يذكر أن وزارة الصناعة والمعادن، أعلنت في شباط 2023، عن مشاركتها في الاجتماعات الفنية للجنة العراقية الأردنية، وفيه جرى بحث ملفات التعاون في مختلف المجالات منها التعاون الصناعي للسير بخطوات إقامة المدينة الاقتصادية المشتركة وملفات التعاون في قطاعات التربية والتعليم والإعمار والإسكان والبلديات والعلاقات الخارجية والعدلية والنقل والاتصالات بالإضافة إلى التجارة والاستثمار والصحة والبيئة والزراعة والمياه والثقافة والسياحة والآثار.
يشار إلى أن اتصالا هاتفيا جرى بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في ذلك الشهر أيضا، حول القضايا الاقتصادية ومسألة الحد من تهريب الدولار، وخلال الاتصال اشترك العاهل الأردني عبدالله الثاني، وذلك نظرا لتواجده في واشنطن في حينها، حسب بيان البيت الأبيض، وخلال مشاركته بالاتصال جرى التشديد على ضرورة التعاون الاقتصادي بين العراق والأردن.
وزار رئيس البرلمان الأردني أحمد الصفدي، العراق في 10 كانون الثاني الماضي، والتقى بداية مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ومن ثم رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، لينطلق بعدها إلى لقاءات مع زعماء الكتل السياسية، استمرت أياما عدة.
من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي نبيل جبار، أن "هذه المنطقة الاقتصادية بين العراق والأردن، فيها إيجابيات كثيرة، ومنها أن الميزان التجاري الأحادي مع الأردن سيتحول إلى مشترك، فالصناعات التي ستدخل العراق ستكون حصيلة صناعة مشتركة بين العراق والأردن".
ويتابع جبار، أن "التوقعات تشير إلى أن هذه المشروع المخطط للمنطقة سيتحقق على أرض الواقع، فالدولة وضعت الخطوة الأولى له بقرار مجلس الوزراء ومن المفترض أن يسير بشكل صحيح"، موضحا أن "الأردن فيها صناعيون عراقيون كثر، بالتالي هذه المنطقة ستكون فرصة لهم ليدخلوا فيها ويعملوا، خاصة وأنها تتضمن امتيازات منها الإعفاءات الكمركية وتسهيلات أخرى".
ويلفت إلى أن "هذه المنطقة ستخلق حالة من الاحتكاك بين الصناعيين العراقيين والأردنيين، كما نعرف أن العراق فقد الصناعيين بسبب تقدمهم بالعمر أو فقدان أغلبهم لأموالهم، وعليه فأن الصناعي العراقي الجديد سيحتك مع الصناعيين الأردنيين، لاسيما وأن الصناعة الأردنية جيدة ومستقرة وشهدت تقدم، وهذا سيؤدي إلى استفادته وتقوي خبرته"، مستدركا أن "هذه تعد فائدة بمتناول اليد، حتى لو أن المنطقة برمتها لن تعود بفوائد جيدة للعراق، لكون هذه الفائدة ستساهم بتطوير الصناعيين العراقيين".
ويشير إلى أن "المنطقة التي حدّدها العراق في الرطبة، لها جانب آخر في الأراضي الأردنية أيضاً، وهذه المنطقة عندما تعمل بشكل صحيح ستخلق فرص عمل، وسيتجه الكثير من أصحاب المهن هناك لتوفير ما يطلبه العاملون فيها وتستهدف احتياجاتهم، بالتالي ستؤدي إلى حركة شاملة".
وقد احتضنت الأردن مؤتمر قمة بغداد 2 أواخر العام الماضي، بدعم فرنسي ومشاركة أغلب الدول العربية وإيران، وذلك بعد أن كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه أجرى اتصالات عديدة مع العاهل الأردني، والذي بدوره اتصل بالسوداني بغية عقد القمة.
كما تعد الأردن، أحد أركان القمة الثلاثية مع العراق ومصر، واستضافت في زمن الحكومة السابقة أولى جولاتها قبل أن تعقد لاحقا في مصر وبغداد، وقد أنتجت هذه القمة مخرجات عديدة، لكن لم تنفذ لغاية الآن، أبرزها الربط الكهربائي وإنشاء خط تصدير النفط البصرة - العقبة، وإنشاء المدن الاقتصادية.
إلى ذلك، ينتقد الباحث الاقتصادي ناصر الكناني، المشروع قائلا، إن "المنطقة الاقتصادية مع الأردن لا توجد فيها أي فائدة للعراق، وهي أمر مفروض على الحكومات العراقية، فكل رئيس حكومة يأتي توجد عليه إملاءات وهذه من ضمنها، حيث أتضح أن كل دول الجوار لديها شروط وليس فقط إيران وأمريكا".
ويتابع الكناني، أنه "ليس من المعقول إنشاء منطقة اقتصادية في الصحراء، دون توفير أي بنى تحتية، فسبق وأن طرحنا فكرة إنشاء منطقة متكاملة، تضم 10 مجمعات سكنية ومستشفى ومدارس، ويعمل فيها أبناء من كل المحافظات حسب النسب السكانية"، مبينا أن "ما سيجري هو أن هذه المنطقة ستكون منفذا جديدا للأردن حتى تصدر للعراق، أي بمعنى تصنع البضاعة الأردنية غرب العراق وترسل للمحافظات الأخرى، لأن العراق ليس لديه شيء يصنعه أو يصدره".
يشار إلى أن العراق، جدد قبل أيام عقود تزويد الأردن بالنفط الخام بسعر تفضيلي لمدة عام، وذلك امتدادا للعقود التي أبرمتها الحكومات السابقة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- في حي البلديات ببغداد: تجاوزات ومعاناة من الكهرباء والمجاري ومعامل تلحق الضرر بصحة الناس (صور)
- بينهم عروس تستعد ليوم زفافها :قصف وحشي في بعلبك يخلف (19) شهيدا منهم (14) طفلا وأمرأة