تقول مصادر استخبارية – أكاديمية عربية أن الاستراتيجية القطرية تسير وفق مسار محدد المهام والمراحل للوصول إلى وضعية شبيهة بوضعية إسرائيل في المنطقة. وهو ما يسمى بالأسـرلة التي تعتمدها قطر كنظرية سياسية مثالية تعوضها نقص المساحة وعدد السكان ومحدودية القدرات العسكرية.
لكن قطر تفتقد في طريقها نحو الأسرلة لعناصر أساسية أهمها الإيديولوجيا حيث تستند اسرائيل إلى العقيدة الصهيونية مقابل غياب الإيديولوجيا القطرية وتعويضها بشراء ولاء القطريين بوضع الأموال في جيوبهم. كما أن لإسرائيل دور وظيفي في الإستراتيجية الأميركية فيما يقتصر الدور القطري على استضافة قاعدة العيديد الأميركية التي كانت مركز قيادة عملية احتلال العراق.
قطر كما اسرائيل تعاني من آثار التحركات الشعبية العربية متناقضة الأهداف والخلفيات والتحالفات. مما اضطر الإمارة لارتكاب جملة هفوات أساءت عبرها استخدام الرصيد السياسي الذي كونته خلال السنوات الأخيرة. وهي تتبدى وتنعكس في توجهات قنـاة الجزيرة التي فقدت جمهورها عند أول امتحان.
إذ يتكون جمهور الجزيرة من الفئات التالية: 1 – الفئة المعبرة عن نبض الشارع العربي: وهذه الفئة تتخذ اليوم مواقف متناقضة دون البحث عن تبريرات تناقضها. ما أدى إلى تفتت هذه الفئة وتوزعها على فئات فرعية يصعب حصرها. كمثل الجمع بين تأييد المقاومات العربية وتأييد سياسات دول الاعتدال العربي وغيره من الأمثلة المتناقضة. وبما أنه من غير الممكن لقناة إخبارية الجمع بين هذه المتناقضات فإن الجـزيرة خسرت بالتأكيد شرائح كبيرة من هذه الفئة في الشارع العربي. و2 – تجسيد القناعات الشعبية الضمنية: وهي فئة لم تكن لتجروء على إعلان هذه المعتقدات لكنها كانت تنجذب إلى قنـاة الجزيرة لملامستها هذه الضمنيات ومنها: العداء لأميركا بسبب تغولها لصالح اسرائيل وأيضاً قبول مبدأ الجهاد والقاعدة كوسيلة لمواجهة المظالم الأميركية في غياب قدرة الأنظمة على التصدي لهذا الظلم. ومعهما رفض أي تدخل أميركي في الشؤون العربية الداخلية. وهذه الفئة تنظر للجزيرة على أنها فضحت معتقداتها الضمنية ثم تخلت عنها. بما يعادل الطلاق البائن بين هذه الفئة وقناة الجزيرة خائنة قناعاتها. و3 – الفئة الباحثة عن الرأي الآخر: وهو ما لم تعد القناة قادرة على إدعائه بعد تحولها الى قناة في خدمة الانقلابات وتغيير الأنظمة. والكلام تحديداً عن الدول العربية المنشطرة عمودياً بحيث يمكن للقناة الاحتفاظ بكامل جمهورها عبر حفاظها على الموضوعية. فإذا انحازت فهي ستحتفظ بنصف هذا الجمهور بثمن عداء نصفه الآخر وهو ما اختارته الجزيرة. و4 – الباحثين عن إدانات المسكوت عنه: وهو ما كلف القناة في السنوات الماضية مواجهات مع عدد من الدول العربية. فإذا بالقناة تتحول إلى نسخة طبق الأصل عن قنـاة العربية وبالتالي فإن جمهورها تقلص ليصبح هو نفسه جمهور العربية.
ويتابع التقرير أن قطر خسرت الكثير عبر خسارة قناة الجزيرة لجمهورها أو لقسم كبير منه. وسواء فعلت ذلك مرغمة أو باختيارها فإن القناة ودولة قطر معها ستخرج من مرحلة الثورات العربية وهي فاقدة التأثير على الشارع العربي بعد أن كادت تتحكم بمفاصله.
واستدراكاً منها لهذه الخسارة عادت قطر إلى الحراك السياسي التقليدي لكنه حراك يستند إلى الرشوة المباشرة بعد خسارة قطر لصورتها الشعبية. ويسرد التقرير بعض الأمثلة على إستراتيجية الرشـوة القطرية في هذا المجال ومنها:
1 – محاولة أمير قطر أن يكون أول حاكم عربي يزور مصر بعد الثورة لقاء تعهد قطري بمساعدة اقتصادية لمصر. وهو ما كان بإمكانه تكريس قطر كصانعة للثورة عبر قناة الجزيرة. ورفض المصريون العرض رغم أزمتهم الاقتصادية.
2 – محاولة قطر إنشاء تحالفات مع أحزاب لبنانية وسطية بعد أن ضربت تحالفاتها مع أحزاب 8 آذار، بسبب مواقف الجزيرة تجاه الوضع في سوريا، ويأسها من بناء علاقات مع أحزاب 14 آذار لأسباب تبعية هذه الأحزاب للسعودية. مع الإشارة إلى أن غالبية الأحزاب الوسطية اللبنانية هي أحزاب ضعيفة للغاية وهي من صناعة البنتاغون الأميركي لأهداف وظيفية مكشوفة لدى الفرقاء اللبنانيين.
3 – التمويل القطري للجبهة الليبية المعارضة: صحيح أن قطر ليست الدولة العربية الوحيدة الداعمة للمعارضة الليبية لكن الدعم القطري يتخذ طابع العمليات السوداء كمثل تمويل مقاتلين أجانب في ليبيا.
4 – دور الرشوة في حصول قطر على استضافة المونديال: رغم النفي القطري لهذه الرشوة فإن جهات عديدة تتابع القضية بما يبعث احتمالات الكشف عن هذه الرشوة قبل إقامة المونديال في قطر.
5 – رشاوى التعويق القطرية: وهي الأكثر فضائحية حيث توجه الرشاوى لإعاقة تحركات سياسية أو ترشيحات عربية لمناصب إقليمية ودولية. وإنفضاح هذه النوع من الرشاوى قد يتسبب بأزمات سياسية شائكة لدولة قطـر.
6 – الرشاوى القطرية الخادعة: ومثالها التبرعات القطرية لإعادة إعمار جنوب لبنان عقب حرب تموز الإسرائيلية ضد لبنان. ومن ثم تكشف خداع هذه التبرعات عبر إنقلاب الجزيرة ضد حزب الله اللبناني الذي سبق لقطر وأن تعاطت معه تعاطي الحلفاء.
ويختم التقرير بأن قطر فقدت صورتها العروبية الليبيرالية، التي كلفتها المليارات عبر السنوات، واستبدلتها بصورة طبق الأصل للصورة السعودية حيث تنفق المملكة المليارات للحصول على قبول عربي لها كما هي دون أية إدعاءات.
المصدر: المركز العربي للدراسات المستقبلية
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "