أعلن ممثل المرجع السيستاني، والمتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة، الاثنين، عن افتتاح مركز متخصص للدراسات التخصصية في الصحيفة السجادية من رسالة الحقوق للإمام السجاد (عليه السلام) مع تقديم الدعم الكبير له، فيما دعا طلبة الدراسات العليا لاعتمادها في رسائلهم العلمية، وطلب من الجهات المختصة تضمينها في المناهج الدراسية ولو ضمن المنهج الاثرائي الذي هو ضمن التعليمات المسموح بها في المدارس كونها تعالج المشاكل الاجتماعية والاخلاقية في المجتمع.
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي في كلمته التي القاها في حفل افتتاح مهرجان تراتيل سجادية بنسخته الثامنة الذي اقيم في العتبة الحسينية المقدسة، وحضرته وكالة نون الخبرية، انه "بمناسبة اقامة مهرجان تراتيل سجادية بدورته الثامنة اود ان اوضح ماهي الدواعي والبواعث لاقامة هذا المهرجان الخاص بتراث الإمام السجاد (عليه السلام) وخصوصا في التراث الدعائي للصحيفة السجادية وقد بلغ المهرجان في هذه السنة دورته الثامنة وللاجابة عن ذلك اقول، ان الداعي الاول هو غفلة الكثير من الشرائح المجتمعية عن ما في هذه الصحيفة من كنوز معرفية وروحية وتربوية والذي ادى الى عدم ايلاء الصحيفة السجادية ما تستحتقه من اهتمام عبادي وتربوي وبالتالي حرمان الكثير من ابناء المجتمع من فرصة التزود العبادي والتربوي الذي يحتاجون اليه في ظل هذه التحديات الفكرية والتربوية والاجتماعية، والداعي الثاني هو توفير الفرصة الكافية للباحثين والمحققين لاعطاء ادعية الصحيفة السجادية الاهتمام والعناية والبحث اللائق بما تحمله من مزج بين غزارة معرفية ودفق روحي وإحياء للقلوب وتهذيب للنفوس وابداع في البلاغة والفصاحة ونتاج ذلك من خلال مساهمة اهل البحث والتحقيق ان يوفروا للمكتبة المعرفية لاتباع اهل البيت (عليهم السلام) بل للمسلمين عموما رصيدا علميا يمكن ان يعزز القيمة الدينية والتربوية لهذه الصحيفة لدى المفكرين والمثقفين عموما، والامر الآخر إن من مزايا الصحيفة السجادية جمعها بين المعارف الدينية في الصفات الالهية ومستلزمات العبودية لله تعالى وبيان مقامات وفضائل اهل البيت ودقائق المجاهدات النفسانية وتحلية النفس بمكارم الاخلاق بكل فروعها الدقيقة وتجمع بين هذه الامور وبين الجذب الروحي لمضامينها من خلال صياغة هذه المعارف في قالب الدعاء".
واضاف، "وميزة صياغة هذه المعارف في قالب الدعاء، انها توفر تفاعلا روحيا لدى الانسان الداعي اكثر مما توفره صياغه المعارف والافكار لمطالب الانسان بقالب لفظي مجرد عن روح الدعاء والسر في ذلك لان الدعاء يوصل سبل العبودية والحب بين العبد ومعبوده وبين الحبيب ومحبوبه اكثر من غيره فتدخل المعرفة قلب العبد ويتلقفها العقل والضمير الانساني بالاذعان والتسليم، كما ان الصحيفة السجادية انتهج الإمام السجاد (عليه السلام) فيها في التربية الاخلاقية والمجاهدات النفسانية اسلوب الولوج الى اعماق النفس لتكشف جميع دقائق العيوب للنفس الانسانية وبيان المذموم من صفاتها مع المعالجة الدقيقة لها، تشخيصا ومعالجة في آن واحد، مما وفر القدرة على المعرفة الشاملة الدقيقة لكيفية معالجة المشاكل النفسية والاخلاقية والتربوية للفرد والمجتمع، والامر الثالث ان التحديات التي عايشها المجتمع الاسلامي في زمان صدور الصحيفة بسبب المخاطر الاجتماعية والاخلاقية التي نجمت عن انفتاح المسلمين على ثقافات متنوعة واعراف تشريعية واوضاع اجتماعية لا تتناسب مع الاصالة الفكرية للمجتمع الاسلامي المستمدة من القرآن الكريم والسنة الشريفة للمعصومين (عليهم السلام) وقد استطاع الإمام السجاد (عليه السلام) بما اودعه في هذه الصحيفة السجادية حيث البلاغة الفريدة والتصوير البارع في قوالب فكرية مستقاة من الفكر الاسلامي الاصيل، واستطاع الامام ان يحافظ على صلة العبودية بين المسلم وخالقه ووضعت له علاجا روحيا وتربويا لتلك التحديات الاخلاقية والاجتماعية التي حرفته الى النزعة المادية والفكرية البعيدة عن جوهر الاسلام واصالته".
وتابع بالقول ان "هذه التحديات الاخلاقية والتربوية والنفسية هي بعينها نعيشها في وقتنا الحاضر ولذلك ازدادت اهمية جذب المجتمع نحو اتخاذ الصحيفة منهجا مجتمعيا وفكريا واخلاقيا ، فضلا عن كونه منهجا دعائيا فإنه الدواء الانجع لعلاج ما نعيشه من انحارفات اخلاقية وسلوكية ونفسية، والامر الرابع ان النخبة الفكرية بكل عناوينها من اهل الفضل والعلم في الحوزات العلمية والاساتذة والمربين والمؤسسات الفكرية والمجتمعية مدعوة لايلاء الصحيفة السجادية الاهتمام الواعي والواسع المتمثل بكيفية تنبيه الافراد والمجتمع من غفلتهم عن هذا الدور المهم للصحيفة السجادية في حياتهم واثراء هذه الادعية بالبحث والتحليل والكتابة بما يفتح افاقا سهلة لفهمها ومن ثم ملازمة الدعاء من قبل الفرد والمجتمع لهذه الصحيفة وتطبيق مظامينها من قبل عموم ابناء المجتمع وخصوصا في ظل تحديات اساسية يتعرض لها مجتمعنا بسبب القدرة الفائقة لوسائل النشر المعرفي والثقافي المنتشرة والتي لازمت الانسان من الطفل الى الكبار حتى باتت تلازمهم لا ملازمة الظل للجسد بل ملازمة النفس للجسد وحتى وصلت الى عقول وقلوب وارواح الجميع من الطفل الصغير الى الكبار بمختلف مستوياتهم الفكرية، وهذا يستدعي منا جميعا ان نعمل على فتح مراكز بحثية تولي اهمية خاصة للصحيفة السجادية وكذلك ما تعلق بكتاب نهج البلاغة ويقوم من خلالها اهل الفضل والعلم والفكر الانساني بتحليل المظامين العظيمة للصحيفة بما يمكن من خلاله ايصال الدقائق الفكرية والتربوية للجميع ابتداء من الطفل في مراحله المبكرة الى الانسان الكبير في مختلف الاعمار والثقافات".
ودعا المتولي الشرعي، "طلبة الدراسات العليا في مراحل الماجستير والدكتوراه ان يجعلوا من جملة عناوين رسائلهم الجامعية تبني الدراسات التحليلية في الادعية المهمة للصحيفة وكذلك ان نجعلها وخصوصا امهات الادعية التربوية في الصحيفة ضمن خطب المنبر الحسيني والمحاضرات العامة التي تلقى لابناء المجتمع وان تكون هذه الادعية من ضمن المعالجات للمشاكل الاجتماعية والاخلاقية في المجتمع ومن ضمن المناهج التربوية والتعليمية للطلبة في مختلف مراحلهم الدراسية ولو ضمن المنهج الاثرائي الذي هو ضمن التعليمات المسموح بها في المدارس ومنهاج الدراسة فيها، وبهذه المناسبة وهي اقامة الدورة الثامنة لمهرجان تراتيل سجادية نعلن وتطبيقا لهذه الدعوة عن تأسيس مركز متخصص للدراسات التخصصية في الصحيفة السجادية من رسالة الحقوق للإمام السجاد (عليه السلام) مع تقديم الدعم الكبير له للوصول ان شاء الله تعالى للاهداف المرجوة التي ذكرناها".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير: عباس الشريفي
أقرأ ايضاً
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة