اجسادهم في السماء وقلوبهم عند الحسين.. طيارون: القباب الشريفة من الجو كالقمرين المنيرين (تقرير مصور)
رجال تحفهم الهيبة والقيادة، قيافتهم العسكرية مميزة، ومهنتهم راقية، عيونهم عيون العراق في السماء توفر الامن وتسعف الناس في الازمات، قاتلوا تنظيمات القاعدة الارهابية ومن بعدها سطروا البطولات والملاحم في معارك تحرير المحافظات العراقية من براثن عصابات داعش الارهابية، خبراء في الطيران ليلا ونهارا وفي احلك الضروف، يعشقون موسم ابي عبد الله الحسين (ع)، ويتنافسون فيما بينهم لنيل شرف الخدمة فيها، انهم طياروا الجيش الابطال الذين وصفوا القباب الشريفة من الجو بالقمرين المنيرين.
البداية والخبرة
لم تكن بدايتهم سهلة بعد العام 2003 لقلة التجهيزات والطائرات لكنهم كانوا يساهمون قدر امكانهم في انجاح الخطط الامنية والانسانية في الزيارة الاربعينية، ويقول العميد الطيار في كلية طيران الجيش خالد مال الله في حديث لوكالة نون الخبرية، انه منذ سقوط النظام المباد بدأنا نحلق في السماء والمساهمة في مساعدة الزائرين باربع طائرات فقط من المحافظات الجنوبية والوسطى وجزء من الشمالية الى كربلاء، عبر توفير الامن والاغاثة ومسح المناطق واستكشافها، في طريق سير الزائرين وحول مدينة كربلاء المقدسة وكان الطيارون يتحملون الوزر الاكبر في ازدياد ساعات الطيران لقلة الامكانيات لكن الخبرة تفرض نفسها في الميدان، والطيار كما يصفه مال الله هو مشارك في الخدمة الحسينية ويتملكه الفرح والسعادة لانه يحمي من السماء الملايين التي تسير على الارض.
وتطور العمل وزاد عدد الطائرات وقلت الجرائم الارهابية وبسطت القوات الامنية سيطرتها على كثير من المحافظات، هكذا يصف مال الله الامور بعد العام 2010، وذكر مثلا عن كيفية المساعدة في القاء القبض على ثلة مجرمة اطلقت قذائف هاون على الزائرين، حيث استمكنتهم الطائرات المروحية وابلغت القطعات الارضية وتحركت بسرعة والقت القبض عليهم، مبينا ان الطياريين يتنافسون بشدة لنيل شرف الطيران في الزيارة لانهم يشعرون بالمتعة والراحة وهم يشاهدون لقطات من السماء لا يراها غيرهم ولا توجد في بلدان اخرى.
الطيارون ينقلون حركة الزائرين في كل المحاور ويساعدون الاجهزة الامنية في الارض في حال حصول اي حادث، فمثلا شاهدنا اثناء طيراننا تصاعد دخان بشكل مكثف في احد المناطق التي يمر منها الزائرين وعلى الفور استطلعنا الامر وتبين ان شخصا ما احرق نفايات وتم تبليغ القطعات الارضية فعالجتها على الفور، وكذلك اثناء حصول معارك التحرير ضد عصابات داعش الارهابية، كنا نستطلع الاراضي المحاذية لمحافظة كربلاء المقدسة وابلغنا عن امور امنية على الارض وتغيرت خطط وتحركت قطعات فاحكمت السيطرة ومنعت اي محاولة تسلل او اعتداء قد يروم الاعداء تنفيذه، وهم يقدمون مجموعة من الخدمات منها الصحية من خلال نقل الحالات المرضية الحرجة الى المستشفيات او الابلاغ عن الحوادث المختلفة مثل حوادث السير والكوارث الطبيعية وتوفير معلومات كثيرة جدا للقطعات الامنية الارضية ومساعدة الاعلاميين والمصورين على تنفيذ واجبات التصوير من السماء، فضلا عن نقل المسؤولين الى مدينة كربلاء لاداء مهامهم.
قدسية ومواقف غريبة
اما عن اكثر لقطة تأثر بها وجدانه وعقله وروحه، فيصفها بانها لقطات تسلب العقول وذلك عندما طلب منه المصورين الطيران المنخفض فوق الحرمين الشريفين وتخنقه العبره وهو يقول عندما شاهدت القباب الشريفة لابي عبد الله الحسين واخيه العباس عليهما السلام عن قرب من السماء فكأني ارى قمرين منيرين وصورة تقشعر لها الابدان فكأنها تسحب الناظر اليها وتشدك بشكل عجيب وغريب ويختلف عن رؤيتها من الارض، وما يلفت انظارهم اثناء الطيران هي الامتداد غير الطبيعي للمواكب الحسينية وموائد الاطعام التي يرونها على مسار مئات الكيلومترات، بل يروا مواكب في طرق بعيدة ونيسمية غير مبلطة ويشبه خريطة سير الزائرين بلوحة رسمت برشية فنان عالمي، فهم يسيرون بخطوط تشبه الروافد التي تصب في نهر واحد نهاية المطاف، وما يسعده كثيرا هو تلويح المواطنين لهم اثناء الطيران صغارا وكباراونساء ورجالا وهو امر يدخل السرور في قلوبهم ويرفع معنوياتنا ويشعرهم بأنهم يشدون عزم الزائرين بالمسير، ومن المواقف الجميلة التي حصلت معه ويصفها باجمل تحية تلقاها كانت من شخص يصنع اشياش الكباب المشوي في احد المواكب وكنا قد تقربنا منه كثيرا فصاح باعلى صوته وهو يشير الى شيش الكباب "تفضل يا طاير زاد ابو علي خوش كباب".
قاسم الحلفي - كربلاء
تصوير: حسنين الشرشاحي
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)