محمدصالح صدقيان
قام رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بزيارة لطهران في مسعى جديد لخفض حدة التوتر بين طهران والرياض على خلفية ماتحدثت به الرئاسة الايرانية من وصول رسالة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للحكومة الايرانية تتعلق بالعلاقات الثنائية وامكانية التوصل الى نقاط لقاء. المصادر الايرانية نقلت ان الرسالة لم تكن مشجعة للجانب الايراني لانها كانت تتضمن شروط تتعلق بالامن الاقليمي والتطورات التي يشهدها الاقليم على الرغم من حديث بن سلمان لقناة تلفزيونية امريكية بانه يدعم خيارات السلام مع ايران بدلا من خيارات الحرب والي تزامن مع خبر الرسالة.
البعض يعتقد ان الرياض لايمكن لها ان تدخل في حوار سياسي مع طهران مالم يكن هناك تنسيق مع الجانب الامريكي لاعتبارات متعددة، في حين يرى البعض الاخر ان السلوك الامريكي في المنطقة ورغبة الرئيس الامريكي دونالد ترامب للقاء الايرانيين يدفعان بالقيادة السعودية للتفكير بعيدا وعدم غلق كل النوافد مع ايران وابقاء الخطوط مفتوحة معها ولو كانت ضعيفة.
من الصعب التصور ان تنجح مساعي عمران خان في الوقت الحاضر من جمع المسؤولين الايرانيين والسعوديين على طاولة واحدة لاسباب تتعلق بالحوار الايراني الامريكي اولا، والتفوق الامني والعسكري الايراني في المنطقة الذي تشعر به السعودية.
في الحوار الايراني الامريكي، يعتقد العديد من المراقبين ان طهران وواشنطن ليستا جادتين في الحوار في الوقت الراهن. الرئيس ترامب تكلم كثيرا عن الحوار المباشر مع طهران لكنه يمارس الحد الاعلى من الضغوط والحظر وهذا مايقف عائقا كبيرا امام الحوار مع طهران ويحرق جميع الفرص التي توفرت للحوار.
في المقابل، ايران وضعت شرطا للقاء وهو العودة للاتفاق النووي وتعليق العقوبات اثناء اي لقاء كحد ادنى. هذا الشرط يعتبر منطقيا استنادا لقرار مجلس الامن الدولي 2231 خصوصا وان ايران التزمت بكافة تعهداتها بما يخص برنامجها النووي. لكن هذا الشرط يتعارض كليا مع متبنيات الرئيس ترامب الذي لازال يعتبر « الاتفاق النووي »، « كارثة » و « اتفاق سيىء » و « اتعس الاتفاقات ».
واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار انتخابات الرئاسة الامريكية 2020، والانتخابات التشريعية الايرانية 2020 والرئاسية 20121 فمن الصعب تصور امكانية الحوار على القاعدة الايرانية او حتى على اساس المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس الفرنسي ايمانوئل ماكرون، لان الطرفان محكومان بقواعد اللعبة الانتخابية داخل بلده ولايريدان تغيير هذه القواعد.
وفي مثل هذه الاجواء المغلقة او شبه مغلقة بين طهران وواشنطن يجب ان نضع الحوار السعودي الايراني في احد مسارين. اما ان يرتهن للحوار الامريكي الايراني. او ان يكون بعيدا عنه. في المسار الاول فهو بعيد في المرحلة الراهنة او لنقل بانه لايسير على السكة السليمة. يبقى المسار الثاني.
اذا كانت ايران والسعودية لديهما الرغبة الصادقة في الحوار فيجب عليهما الاقتناع:
اولا، لايمكن لاي طرف ان يحقق امنه الوطني والقومي من خلال الاخلال بالامن الاخر.
ثانيا، لايمكن لاي طرف ان يكون بمفرده القوة المهيمنة في المنطقة.
ثالثا، من افضل المسارات لخفض التصعيد بين البلدين العمل على صياغة نظام للتعاون الاقيمي المشترك يقوم على اساس المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية لجميع البلدان.
اما قضية اليمن التي تعتقد الرياض بان الحل يجب ان يبدأ من عندها، فانه من غير الصحيح ولا المنطقي ان نجعل طهران تتحدث باسم اليمنيين لان انعكاسات مثل هذه الحاله كبيرة جدا، وهي في نهاية المطاف سوف لن تستطيع ان تخلق الامن المستدام الذي يتطلع اليه اليمنيين وربما السعوديين ايضا. وبالتالي فان الحل يجب ان يكون يمنيا - يمنيا بامتياز، بمساعدة اطراف دولية بما في ذلك السعودية وايران.
واذ كان الحوار المباشر بين الرياض وطهران غير ممكن في الظروف الراهنة « وهو من افضل الخيارات » فيمكن الذهاب الى الحل الدولي عبر الطلب من الامين العام للامم المتحدة دعوة الفرقاء اليمنيين، والسعودية وايران، واوربا، والاعضاء الدائميين في مجلس الامن الدولي لحوار مباشر لانهاء القتال في اليمن والتوصل الى حل يمني برعاية دولية. هذه المبادرة من شانها تعزيز الامن والاستقرار في اليمن، اضافة الى انها تستطيع ان تخلق اجواء ايجابية بين الرياض وطهران وصولا الى حوار مباشر وبناء بينهما، فيما تستطيع ان تخلق اجواء مريحة لحوار ايراني امريكي ينعكس ايجابيا على تطورات المنطقة.
[email protected]
أقرأ ايضاً
- المصالحة بين حظر النازية وحظر حزب البعث في العراق
- الكأس أم المصالحة ؟!
- اعلام السعودية... متى تغيرون لهجتكم؟