- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الأنتخابات القادمة؛ الصراع على موطيء قدم !
بقلم: قاسم العجرش
إذا رأيت حربا يجبن شجاعها، ويجرؤ جبانها، فاصعد الى رابية وانظر جيدا، ترى في الأمر خيانة.. هذه إحدى مآثر التراث قالها (قس بن ساعدة الأيادي)؛ وهو قُسُّ بن ساعدة بن حُذَافة بن زُهَير ابن إياد بن نِزَار الإيادي، من حكماء العرب قبل الإسلام، توفي حوالي عام 600 م (حوالي 23 قبل الهجرة).
ما يجري اليوم على ساحتنا العراقية سياسيا، ينطبق عليه قول حكيم العرب أيما إنطباق.
ربما لم يفت على أي منكم أن المدن العتيقة، تنمو داخليا بشكل تراكمي، فبغداد هذه المدينة الموغلة بالقدم، حتى قبل أن يتخذها المنصور الدوانيقي عاصمة لملكه، هدمت وبنيت بيوتها وحاراتها عشرات وربما مئات المرات، وجيلا بعد جيل يهدم بيت أو عدة بيوت، أو ربما حي بأكمله تدريجيا، ليحل محلها وفوقها، بيوتا وأحياءا جديدة، بساكنين جدد يمتون بشكل ما الى سابقيهم، لكنهم يختلفون عنهم طباعا، وسلوكا، وآمالا ورغبات.
سنة الحياة هي الهدم وبعده البناء، ولا شيء الى ثبات إلا الثابت الأوحد خالق الأكوان، وفي السياسة أيضا تجري على الدوام عمليات هدم من أجل البناء!
هذه الظاهرة السننية، تتسع قبيل الإستحقاقات الانتخابية، فبعض "البيوت السياسية" يتم ترميمها لكي تناسب ساكنين جدد؛ مع بقاء الآباء وربما بعض الأجداد!
بعض الكتل السياسية تتهدم ذاتياً، وتذهب مكوناتها كل الى طريق، بحثا عن بيت جديد!
بعضها الآخر، تتكوم على بعضها البعض ركاما بطموحاته ومشكلاته، ليشكل كتلة جديدة، هي عبارة عن كومة مشكلات!
بعضها الثالث يتشظى الى الأبد ولا تقوم له قائمة، مكتفيا بالذكريات، أو بما تحت يده من إمتيازات!
وثمة بعض لا يجد له مكانا في أي بيت جديد، فيبقى محاولا طرق الأبواب عسى أن يسكنه أحد معه، ولكنه يفشل بالعثور على مسكن، لأن المساكن جميعها باتت مشغولة!
أشباه الرجال ممن لا يجيدون إلا ركوب الموجة، علها توصلهم الى موجة أخرى، يتصدرون المشهد، إذ من موجة الى موجة، وإذا هم ربابنة سفينتنا التي نمخر بها عباب المستقبل.
هذا حال كتلنا السياسية هذه الأيام، وهي تسير نحو الإنتخابات النيابية القادمة في نيسان من العام الآتي.
في مجلس النواب؛ صراع بين الساسة حول قانون الإنتخابات، يندرج تحت عنوان البحث عن أدوات تنفعهم؛ في عمليات الهدم والبناء، لتوفير مواطيء قدم في مجلس النواب القادم والحكومة القادمة.
حصل هذا بسببين؛ الأول لأنهم بهلوانات، إستطاعوا إجادة فن إستغفال قسم كبير من الشعب، وإستحمار قسم آخر منه، فتسلقوا على أكتافه، ليصلوا الى مبتغاهم، في مراكز المسؤولية والتمثيل النيابي.
الثاني، وهو ليس عيب فينا، ولكنه حقيقة؛ إذ أننا لا نتوفر إلا على حد بسيط من التجربة السياسية، ولأن الإنسان لا يتعلم مجانا، فقد أنفق شعبنا من عمره سنوات مهمة، وأموالا ضخمة، وأيضا دماءاً عزيزة غالية، لكي يتعلم اللعبة السياسية على أصولها.
بعد قرابة اربعة عشر عاما، اشتد ساعدنا، وقوى عودنا، وزادت معارفنا السياسية، وتراكمت الخبرة لدينا، كما أننا قمنا مرارا وتكرارا بمراجعة لما أنجزناه، ووجدنا أن ما أنفقناه من نفقات أشرت اليها، كان أجسم مما حصلنا عليه؛ من ناتج سياسي ومؤسساتي وأمني وخدماتي.
كلام قبل السلام: الحال هذا يتعين علينا أن نسترد بعضا مما أنفقناه، ممن لم يحسنوا التكليف، فكانوا مثل ما وصفهم الأيادي، وأمامنا في الفصل الأول من عام 2018، فرصة مثالية لتحقيق كل هذا الهدف أو معظمه.!
سلام..
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!