حجم النص
بقلم: جسام محمد السعيدي إطلالة البدايةً.. ــــــــــــــــــــــ بسمه تعالى قد أفتينا بوجوب الالتحاق بالقوات المسلحة وجوباً كفائياً للدفاع عن الشعب العراقي وأرضه ومقدساته، وهذه الفتوى لا تزال مستمرة لاستمرار موجبها، بالرغم من بعض التقدم الذي أحرزه المقاتلون الأبطال في دحر الإرهابين. علي الحسيني السيستاني 27/ع1/1437هـ بهذه السطور أجاب المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني من سأله قبل عامٌ وثلاثة أشهر مضت، عن مدى استمرارية فتواه من عدمها، والصادرة في 14/شعبان/1435هـ للدفاع المقدس عن العراق، والتي أنقذته وبلدان الشرق الأوسط من دمار محقق، باستجابة العراقيين لها. وقد وجدنا أن من المفيد إجراء قراءة لما بين سطور هذه الفتوى القديمة الصدور، الجديدة الظهور. قراءةٌ وتساؤلات ـــــــــــــــــــــــــ الظهور المفاجئ لفتوى قديمة صدرت منذ سنة وثلاثة أشهر تقريبأً، من قبل المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، وهي تخص الدفاع الكفائي المقدس عن العراق، أثار تساؤلات عدة، في أوساط المتابعين للشأن المرجعي خصوصاً والسياسي العراقي خصوصاً، وفيما يلي بعضها: •لماذا تظهر هذه الفتوى للعلن الآن، وتبقى خافية إعلامياً، معمول بها عملياً، طوال سنة و3 أشهر من قبل المؤمنين؟ بعد تبليغهم شفوياً بها عن طريق المعتمدين والممثلين لسماحته.. لماذا تظهر بالنص في هذا الوقت بالذات، ونحن نعيش المشاهد النهائية من نصرنا العظيم ضد قوى الظلام الداعشي ومن يدعمه من قوى الاستكبار؟. •هل لظهورها الإعلامي علاقةٌ بما يجري لدول المنطقة من تهديدات؟! •هل تحمل في طياتها إجابات لتساؤلات طالما طرقت أسماعنا والمؤمنين بخصوص وجوب أو حتى جواز العمل بالفتوى خارج العراق، من عدمه؟ سنحاول في هذه الإطلالة تبيان بعض الإجابات، وفقاً لما توفر لدينا من معلومات مؤكدة، فضلاً عن القرائن اللفظية، تاركين الباقي لذكاء القارئ، وعلى الله التوكل: تحليل لما خلف السطور في هذه الفتوى --------------------------------------------------- 1.الفتوى هذه المرة جاءت ممهورة بختم سماحته الشخصي وتوقيعه، لا بختم مكتبه، رغم أنها في الحالتين صادرةٌ منه، ولهذا دلالاته لمن يعرف منهجية المرجع الديني الأعلى في إظهار آراءه في الشأن العام، ألا وهي الأهمية العالية للأمر الصادر ممهوراً بختم وتوقيع سماحته، على الأمر الصادر مختوماً بختم المكتب. 2.عبارة سماحته " قد أفتينا " تقطع التشكيك من البعض، من أن فتواه يوم الجمعة 14 شعبان 1435هـ، لم تكن منه شخصياً، وأن منبر جمعة كربلاء المقدسة يتكلم برأيه الشخصي، كما ادعى البعض!!!. وهو تشكيك مُضحك لمن يعرف العلاقة القائمة على الثقة بهذا المنبر من قبل سماحته، ومدى التزام العلامة السيد أحمد الصافي والعلامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، بما يكتبه ويوجه به سماحته لقرائته في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة، من قبلهما. 3.عبارة سماحته " بوجوب الالتحاق بالقوات المسلحة وجوباً كفائياً " تكشف بالنص الصريح، عن تأكيدات سماحته في فتواه الأولى بأن يكون التطوع عن طريق القوى المسلحة الرسمية العراقية(الجيش، الشرطة الاتحادية، جهاز مكافحة الإرهاب، الأمن الوطني، وغيرها)، وليس عن طريق الفصائل المسلحة الحزبية، والتي لم تصبح رسمية ضمن القوات المسلحة النظامية، إلا قبل أشهر، حين تم التصويت على قانون هيئة الحشد الشعبي، من قبل البرلمان العراقي، أي بعد الفتوى بسنتين ونصف. فقد انضم المتطوعون حين صدور الفتوى لبعض الفصائل المسلحة، ضمن هيئة الحشد الشعبي التابعة لمجلس الوزراء، ولكن ليس ضمن المؤسسة العسكرية العراقية، وقد حصل ذلك بتقصير أو قصور من هذا الطرف أو ذاك في الحكومة العراقية، مما فتح باب النقد من الأعداء، أمام هذا السد الذي حمى العراق والشرق الأوسط من الدمار او ربما زوال دوله!!. وهذه النقطة من الفتوى الجديدة القديمة، تـُظهر حرص سماحته على سيادة القانون، وبناء دولة المؤسسات في العراق، حتى في أحلك الظروف، وليس استغلال تلك الظروف من قبل الجهات الحزبية لفرض أمرٍ واقع، قد يُستغل لاحقاُ لأغراض سياسية أو انتخابية من بعض الأطراف للإضرار بالعراق!!. 4.قول سماحته " للدفاع عن الشعب العراقي وأرضه ومقدساته " تكشف الأمور التالية: أ.حصر سماحته للفتوى بالدفاع " عن الشعب العراقي وأرضه ومقدساته "، وليس غيره من الشعوب!! ولا غير العراق من الأراضي!! ولا غير مقدساته من المقدسات!!! وبالتالي فمن يعمم الفتوى لغير العراقيين من الشعوب، ولغير الأوطان من العراق، ولغير المقدسات من مقدسات العراق، كل ذلك يحتاج إذناً خاصاً من سماحته ليجيز له ذلك. ب.حصر سماحته للفتوى بالعراق وما يتعلق به من شعب وأرض ومقدسات، يقطع الطريق على من كان يدّعي على سماحته، أن فتواه تشمل شعوباً وبلداناً ومقدسات غير العراقيين!! رغم أن تلك البلدان والمقدسات محترمة، ولها حرمتها، وكل مقدسات العراق وغيره من بلدان المسلمين، هي مقدسات لكل المسلمين. ت.الحصر أعلاه أرسل رسائل إلى من يهمه الأمر، ممن يريد تمرير مخططاته باسم الفتوى، والذي استخدمها طوال تلك الفترة، وضحك بها على عقول المؤمنين، لجعلهم وقوداً لحروبٍ لم ترخص المرجعية للعموم الخوض فيها، وربما يحصل ذلك بإذن خاص، وإلا فالقاعدة ذكرت حصر الأمر بالعراق. وظهور هذه الفتوى للعلن بشكلٍ خطي الآن، يكشف عن مخاوف المرجعية من استخدام فتواها بشكل أكبر مع قرب النصر النهائي، في الضحك على من تبقى من المؤمنين المحبين لدينهم، والطائعين لمرجعيتهم. ث.تقديم كلمة "وأرضه" على كلمة "ومقدساته" فيها رسائل بالغةٌ للعراقيين، ملخصها: •أن المرجعية تؤكد على الوطن بما هو وطن، قبل التأكيد على مقدساته، وتـُقدمه في الأولوية على غيرها حتى لو كانت مقدساته، التي هي أثمن ما في هذا الوطن، وعلى الجميع أن يعي ذلك. •ان المرجعية تريد - وكما قلنا في كتابات سابقة- قيام دولة مدنية لا تخالف ثوابت الاسلام، بحيث يكون الولاء فيها للوطن قبل المقدسات، بقطع النظر عن انتماء المقدسات للمدرسة التي تدين بها المرجعية، من عدمه، وهذه الدولة ستكون حامية للجميع بلا استثناء. •ان المرجعية ما زالت تؤكد - كما قالت سابقاً وفي خطب وبيانات كثيرة ومنها خطبتي 13/3/2015م و18/12/2015م - على العناصر الوطنية في خطابها للشعب العراقي، قبل التأكيد على العناصر الدينية فيه، لثقتها بأن الشعب العراقي غير محتاج لتذكيره بالاحترام والحفاظ على تلك المقدسات، بقدر احتياجه للحفاظ على وطنه من البيع لذاك الطرف أو ذاك من الدول ممن " تلاحظ في الأساس منافعها ومصالحها وهي لا تتطابق بالضرورة مع المصلحة العراقية " كما هو نص كلام سماحته في خطبة 18/12/2015م. والله الموفق للصواب...
أقرأ ايضاً
- السوداني: نظام الأسد لم يطلب من العراق التدخل عسكرياً في سوريا
- البرلمان الكوري الجنوبي يعزل الرئيس المؤقت
- السوداني يشدد على المراقبة "الدقيقة" بشأن تواجد حزب البعث بالعراق