- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لا زالت عروسنا تحت الاقامة الجبرية!
حجم النص
بقلم: حسن الهاشمي متى سنقطف ثمار الديمقراطية؟ هل العيب فينا، أم في كبريائنا، أم في أدبياتنا؟ من وشوش في أذنيها لتغض الطرف عن لهفتنا وتعطشنا اليها؟ من أعلاها فوق جراحنا؟ هل قدرنا أن نظل نتأسف عليها وهي بين ظهرانينا؟ أسئلة لازالت تتناسل عند السواد الأعظم منا دون أن نجد أجوبة شافية لها كي تشفي غليلنا السرمدي لهذه الأيقونة الأميبية. غني عن البيان أنه بالأمس القريب كاد سقوط حقبة البعث أن يصبح باكورة الشعوب العربية المضطهدة، وشربنا أنخاب الفرحة، قبل الصعود على ظهرها، والجميع يرقص فوق حبل النجاة، أمله أن يقطف وردة في أقاصي الأحلام، لكن أمواج الديكتاتورية أبت أن تكتمل الفرحة، وسعت بجد بأن تعيد عقارب الساعة إلى نقطة الصفر. انها خفافيش الليل وغربان الصباح، جاءت من شتى اصقاع العالم لقتل الابتسامة التي طال انتظارها، وبقيت تعبث بالعباد والبلاد ما دامت قد استقوت بأجندات لا يروق لهم شذى حرية الشعوب، لأنها كلمة تقض مضاجعهم وتقضي على أحلامهم وتقوض صروحهم وتدك قلاعهم وتذرهم قاعا صفصفا، فعمدوا على اخمادها وهي في مهدها. مهما يكن من أمر فلن نستسلم لهذه التناقضات التي تقف كالجدر المسندة لحراسة ترهاتهم، والحؤول دون الوصول الى أحلامنا الوردية، متى وأين سنختلي بها لنحكي لها عن معاناتنا مع سادية الآخر، نعم انها سادية من نوع آخر ليس لها مثيلا في التاريخ، إنها تحكي عن عبث الزمن بنا وبمقدراتنا وبمقدساتنا، مهما قست علينا، فلن نقدم للقدر مفاتيح هزائمنا، لأننا ذقنا كل أصناف العذاب في سبيل عقد القران معها، كم مرة تحرشت بنا في عز الانتكاسات، وكنا قاب قوسين أو أدنى من المسك بتلابيبها الزئبقية. ان البقر تشابه علينا، فالكل لبس عباءة الديمقراطية وهي لا تقر لهم بذاكا، فدخل الطائفي والمدني والاسلامي والقومي، فقضم لبها وسوق قشرها الى العامة، لا ريب ان جميع العناوين الطارئة قد انتفعت من رياح التغيير في العراق وتقاسمت كعكتها المغمسة بالعسل الخالص سوى العناوين الأصيلة ألا وهي اعمار البلد ورفاه المواطن، فهي في حالة يرثى لها تندب حظها العاثر متقلبة من سيء إلى أسوأ. نعم انهم حراس العهد القديم ـ الجديد وقفوا فتسللوا فجرا إلى حصون قلاعنا ونسفوا الحفل، أودعوا العروس في مكان آمن تحت الإقامة الجبرية، وتركوا العريس ينعم بما طاب من أطباق الحرمان، كذب من قال أن التاريخ لا يعيد نفسه، لكن هذا العود تارة يطل علينا من شرفة القمع والتسلط، وتارة يقتحم غرفة أحلامنا ليفسد خلوتنا مع خليلتنا المفترضة "الديمقراطية". أملنا الوحيد أن يجود القدر علينا بنوح زماننا من جلدتنا يجيد التجديف والقيادة، بالكاد سيوصلنا إلى شاطئ الأمان، وما ذلك على الله بعزيز، ولكن منطق الأشياء علمنا أن طيفا واحدا أو اثنين لا يعلن لوحده قدوم الربيع، فاليد الواحدة لا تصفق، يلزم أطياف الشعب بأسره أن تشهد الزحف الكاسح للقضاء على فلول الديكتاتورية وحيتان الفساد والارهاب والطائفية، كي تنعم أوطاننا بالكرامة والعدالة والحرية، حينئذ يمكن ان ندعي بأننا أطلقنا سراح العروس، وحررناها من اقامتها الجبرية.
أقرأ ايضاً
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- مسؤولية الأديب في زمن الاحتضار.
- الآثار المترتبة على العنف الاسري